Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/01/2008 G Issue 12901
الخميس 16 محرم 1429   العدد  12901
قصة الأضداد
علي أحمد المضواح

يمد الغني يده للقمة -الوفيرة- فتتعبه.. ويكد الفقير ويكدح من أجلها فيجدها -على قلتها- فتريحه!

(الغني) و(الفقر) قضية دين استدانه الأغنياء من الفقراء إلى أجل غير مسمى.. والأغنياء على سعتهم لا يستطيعون الوفاء.. والفقراء على ضيقهم وقلة حيلتهم لا يطلبون القضاء.. وكم يدين الأغنياء للفقراء بفضل كفضل الليل على النهار حين يخرجه من تحت عباءته مشرقاً يضيء الوجود!

* * *

فلولا الفقير ما عرف الغني! وما رئي في زاهي اللون ومحط النظر، ولولا الفقير ما تباهى الغني بغناه، وما شعر بقدرته ويسره، فما الغني إلا مصباح لولا ظلام الفقر لم ير نوره ووهجه!

* * *

ولولا الفقير ما أحس الغني برغد نعمته وهو يمد يده عطفاً عليه.. ولولاه ما وجد بحثه عن التحفة وطعم نيلها كبحث الفقير عن اللقمة وطعم أكلها، ولولاه ما أحس بهدنة الزمان ورأفته.

* * *

أيها الفقراء: قطرات كدكم في هذه الحياة وسعيكم وراء عيشها فضل أسبغتموه على الأغنياء فكنتم كمن يطعم الطعام على حبه، وكانوا مدينين لكم بأن ألبستموهم هذه العباءة بفقركم.

فالكل فوق الأرض وتحت السماء، يرون الشروق والغروب وتداعبهم نسائم الريح لا تفرق غنيهم عن فقيرهم وتنتابهم عاديات القدر دون تمييز.

* * *

(الغنى) ليس إلا عباءة خاطها الفقراء للأغنياء.. و(الفقر) ليس إلا نظرة ألقاها الأغنياء على الفقراء.. والرزق في البسيطة يهبه من (أغنى وأقنى) لمن يشاء.. ليست قدرة المقتدرين!

إنما هي أدوارنا في الحياة.. كل يكون ليكون الآخر..

إنها قصة الأضداد.. (وبضدها تتبين الأشياء).



almdwah@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد