المركز الوطني للقياس والتقويم أروع ما فيه شعاره (تحقيق العدالة والمساهمة في رفع الكفاءة)، لكن هذا المركز لم يكن الأول ولن يكون الأخير الذي تنحرف به الممارسات الخاطئة تحت وطأة المادة عن الأهداف النبيلة الذي أسس من أجله......
وسواء كان هذا الانحراف بوعي وإدراك ومعرفة من القائمين عليه أم لا، فإنه من الواضح تحول هذه المؤسسة الوطنية إلى كونها تجارة للمحترفين، انتهزنا بعض المنتهزين للثغرات في بعض الأنظمة، فأصبحت وسيلة للأسف بأسلوب أو بآخر لاستنزاف ما تبقى لدى هذا الوطن من مقدرات، وأضاف عبئاً آخر على ولي الأمر المثقل بمتطلبات الحياة.
هذه الوقفة التي ستتلوها وقفات أخرى أملتها عليّ حالة بعض الطلاب، وقد رأيتهم يشدون الرحال من مدينة إلى أخرى عبر وسائط النقل المختلفة من أجل ما يسمى ب(اختبارات القدرات).
أعتقد أن فكرة إقامة (اختبار القدرات)، أو اختبارات (تحديد المستوى) لدى بعض الكليات والجامعات كان مشروعاً ضرورياً وجباراً أمام ضعف مخرجات بعض مؤسسات القطاع الخاص التي أسهمت مع الحكومة في استيعاب النمو وتقديم خدمات أخرى لم تستطع مؤسسات التعليم العام أداؤها لأسباب مختلفة.
تحقيق العدالة، والمساهمة في رفع الكفاءة تتحقق في نظري فيما لو قام هذا المركز بتحليل نتائج هذه الاختبارات، ونشرت النتائج العامة للموازنة بين منطقة وأخرى، وبين المدارس الحكومية والأهلية، وبين طلاب مدرسة وأخرى. هذا إن كنا بالفعل نمتلك من الشجاعة والشفافية ما يؤهلنا لطرحها أمام المجتمع وعبر وسائل الإعلام. أما أن يعتّم عليها بهذه الطريقة، فلنتحمل همزات الناس ولمزاتهم.
من يتابع الدعايات التي تنشرها بعض المدارس الأهلية ومراكز التدريب، والممارسات التي تتم لابتزاز الطلاب، بحجة التدريب على طريقة (اختبار القدرات) يدرك تحول الهدف، والانتهازية التي ربما طافت على القائمين على هذا المركز، وأساءت إلى هذه المؤسسة، والخوف كل الخوف أن يكون بعض المتنفذين في المركز ذا صلة بتلك المؤسسات التجارية التي استنزفت جيوب أولياء الأمور، مع استبعادنا لذلك.
المشكلة الكبرى أننا أصبحنا نبيع ونشتري ونتاجر باسم (الوطن)، والمواطن المخلص، والمواطنة الحقة بريئة من هذه الممارسات التي تتنافى مع أدنى مبادئها وقيمها. الوطن لا يشرف ولا يفخر أن يقحم مسماه في أي مشروع أو برنامج إذا كان ذلك سيتخذ وسيلة للابتزاز، والتضييق على بعض فئات المجتمع التي لا تسعفها الظروف أن تتحمل نفقات السفر لأبنائها، وتلك الرسوم التي أجبرهم النظام عليها. وضعف الموارد للمركز -إن كانت صحيحة- مقارنة بمهامه الكبيرة لا يبرر لنا هذا الأسلوب، وليس أمامنا أمام هذا الواقع سوى تصحيح المسار، أو استبدال المسمى، فاليوم نسيء (للوطن) بهذا النهج، وغداً نسيء في غيرها من المشروعات باسم رموزه، وذاك وأولئك من ذلك بريئون. 1-5
dr_alawees@hotmail.com