حاوره - عبدالله الحصان
انتقد نائب محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لشؤون تقنية المعلومات الدكتور سليمان مرداد الرأي القائل بأن البنية التحتية في مجال الإنترنت لا تزال غير قادرة على استيعاب الطلبات المتزايدة على الخدمة، وقال: إن بنية الإنترنت تشهد تطوراً هائلاً خصوصاً بعد إصدار العديد من التراخيص الجديدة لمقدمي خدمات البيانات، مشيراً إلى أن الهيئة تنتظر موافقة مجلس الوزراء على إصدار ثلاثة تراخيص جديدة لتقديم خدمات الاتصالات الثابتة.
*****
وأشار الدكتور في حوار مع (الجزيرة) إلى أن الإحصاءات الأخيرة بشأن القرصنة التي وضعت المملكة في مركز متأخر مبالغ فيها، مؤكداً أنه بإمكان الشركات حماية برامجها من عمليات النسخ موضحاً في هذا الجانب أن النظرة المستقبلية تهدف إلى تقديم برامج ترفع كفاءة الأفراد والمؤسسات مما يرغبهم بشرائها ومن ثم التقليل من عمليات النسخ والقرصنة.
وكان الدكتور سليمان مرداد قد حصل مؤخراً على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير ما قدمه من اختراعات في المجال التقني وحصوله على أثرها على عدد من براءات الاختراع من جامعة بوسطن العريقة.. فإلى الحوار.
* يرى البعض أن البنية التحتية ما زالت غير قادرة على تحمل الطلب المتزايد على خدمة الإنترنت، ما تعليقكم حول هذا الموضوع؟
- أنا اختلف مع هذا تماماً فالبنية التحتية تشهد تطوراً هائلاً وخصوصاً بعد إصدار العديد من التراخيص الجديدة لمقدمي خدمات البيانات إضافة إلى أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تنتظر موافقة مجلس الوزراء للموافقة على إصدار ثلاثة تراخيص جديدة لتقديم خدمات الاتصالات الثابتة، فقد قامت الشركات المرخص لها بربط مناطق المملكة بشبكة ألياف ضوئية (بما يقارب 12 ألف كيلو متر) وكذلك تغطية المدن بتقنية (الواي ماكس)، وأعتبر هذه هي اللبنة الأولى من الانتقال إلى النطاق العريض.
* ماذا عن التوجه المستقبلي في المملكة بخصوص الاختراعات؟ وكيف تقيمون الاهتمام سواء من القطاع الحكومي أو الخاص بالمخترعين كافة؟
- المملكة تشهد قفزة هائلة في هذا المجال فهناك اهتمام وتهيئة أجواء مناسبة، والجميع بدأ يشعر بأهمية المعرفة ودورها في الاقتصاد، كما أن المملكة تسعى لتوفير البيئة الخصبة للاختراعات حالياً، فكما هو ملاحظ أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تعمل على إنشاء حاضنات لدعم المخترعين وتوفير الدعم الإداري والمالي والتقني وذلك لنقل الأفكار إلى الواقع.
أما بالنسبة للقطاع الخاص فما زال لا يولي ذلك أهمية وما يتحقق من فوائد من الاختراعات. فعلى سبيل المثال قدمت اختراعاً في عام 1997م وعدت للمملكة وحاولت جاهداً إيجاد دعم من القطاع الخاص وتبني هذا الاختراع غير أنني لم أحصل على أي شيء، الأمر الذي اضطرني للعودة لأمريكا وقمت بإنشاء شركة هناك وقام عدد من أساتذتي بالجامعة بتقديم استقالتهم من الجامعة والدخول معي كشركاء. وأرى من الضروري أن تقوم الدولة بتشجيع القطاع الخاص على تمويل الأفكار العلمية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص مثل تقديم قروض ميسرة للمستثمرين للاستثمار ولتمويل شركات تقنية محلية.
* المملكة تسعى إلى تحقيق خدمات التعاملات الإلكترونية، فإلى أين وصل هذا المشروع ومتى نرى المراجعين ينهون تعاملاتهم من منازلهم؟
- يمكن النظر لهذا الموضوع من عدة زوايا ولكن يأتي في مقدمتها قدرة ومعرفة المراجعين باستخدام الإنترنت ومن المعلوم أن عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة يفوق العديد من الدول النامية، مما يدل على تقبل المجتمع لهذه التقنية ولكن هنالك ضرورة لرفع نسبة الاستخدام، الأمر الذي سيسهل مستقبلاً تعامل جميع المراجعين مع استخدامات الخدمات الإلكترونية.
كما أن برنامج التعاملات الإلكترونية (يسِّر) رصد ثلاثة بليون ريال لهذا المشروع الموجه فقط للخدمات التي تقدم للمستخدم أي أنها لا تشمل أنظمة أخرى كنظام المحاسبة الداخلي، كما أنه يجري حالياً إعداد اللبنات الأساسية التي يتم استخدامها من كل الجهات الحكومية لتقديم الخدمات الإلكترونية الخاصة بتلك الجهة.
* على الرغم من صدور قرار مجلس الوزراء حول نظام التعاملات الإلكترونية إلا أن العنصر البشري لا يزال يعتبر عائقاً أمام تفعيل هذا النظام، هل هناك خطط مستقبلية من الهيئة لتأهيل وتدريب العناصر البشرية الوطنية للتعامل مع الخدمات الإلكترونية؟
- مما لاشك فيه أن تأهيل وتدريب العناصر البشرية الوطنية يعتبر من أهم التحديات لنجاح برنامج التعاملات الإلكترونية والحكومة الإلكترونية برنامج (يسِّر) الذي يتكون من وزارة المالية ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة، ويعمل في هذا الجانب وتدرس عدة مشاريع للجهات الحكومية.
* متى تتوقع أن تتحول المملكة إلى دولة ذكية؟
- أُفضِّل استخدام مرتبطة (Networked) بدلاً من ذكية. هذا التحول يتطلب وجود طرق وتقنيات اتصال بالإنترنت متوفرة وبسعر معقول, وكذلك توفر المحتوى المناسب ووجود عدد من الخدمات الإلكترونية المطلوبة من جميع أفراد المجتمع ومؤسساته.
وهناك الكثير من التطورات في جميع هذه المجالات, فتقنية (الواي ماكس) مثلا موجودة في المناطق الأساسية حالياً في المملكة ولكن إطلاق الخدمة بدأ بشكل مبسط والإطلاق على مراحل، والمرحلة الأولى كان الهدف منها معرفة الأنظمة وضمان عملها بطريقة سلسلة ومن ثم ستطلق للجميع بصورة عامة بعد موافقة الجهات المعنية بذلك. كما أن شبكات الألياف الضوئية تحت الإنشاء من قبل مقدمي الخدمة المرخص لهم.
* هناك استراتيجية وطنية تبناها الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحويل المملكة إلى مجتمع معلوماتي، إلى أين وصلت هذه الاستراتيجية وكيف تسهم في تطوير الأداء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في المملكة؟
- كما هو معلوم فإن الخطة الوطنية تتكون من مجموعة من المشاريع, بعضها تم البدء في تنفيذها والأخرى يتم حاليا التنسيق مع الجهات المعنية لتبني الأدوار الخاصة بهم، حيث إن هذه الجهات هي الأفضل لتطبيقها نظراً لخصوصية هذه المشاريع، وتقوم وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالتنسيق مع تلك الجهات وتوفير الدعم اللازم.
* ما زلنا في المملكة نعتمد على الشركات العالمية في تقديم الخدمات والبرامج المتعلقة في تقنية المعلومات، من خلال خبرتكم متى نرى شركات وطنية تقوم بتقديم هذه البرامج والتقنيات داخلياً وخارجياً؟
- مما لاشك فيه أن النواة تكمن في سعي الفرد لصقل وتطوير موهبته ومعارفه, الأمر الذي تلعب فيه الجامعات والكليات دوراً كبيراً بتشجيع الطلاب على الابتكار والبحث العلمي. كذلك لا نغفل دور القطاع الخاص الذي يطور وينمي مهارات منسوبيه بدعم العقول القادرة على الابتكار والاختراع. كذلك فإن توفير حاضنات لتقنية المعلومات سيسهم في تطوير الكثير من الأفكار الطموحة إلى شركات محلية قادرة - بإذن الله - على المنافسة. جميع ما سبق بالإضافة إلى التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص سيمهد الطريق بمشيئة الله لمجتمع غير اعتمادي.
* الحماية الفكرية، موضوع تكرر كثيراً هذه الأيام وهناك إحصائية مفادها أن المملكة تحتل مركزاً متأخراً، هل هذه الإحصائية تراها واقعية أم أن هناك مبالغة؟
- هذه الإحصائيات التي تشير إليها معنية بشكل خاص بالقرصنة وإن كانت مبالغ فيها، وللعلم فإن القرصنة منتشرة في كل مكان بالعالم، فيوجد رواج لعمليات القرصنة وبشكل كبير في أمريكا، كما أود توضيح إمكانية حماية الشركات لبرامجها من عمليات النسخ والقرصنة, ولكن النظرة المستقبلية لتلك الشركات هي تقديم برامج ترفع كفاءة الأفراد والمؤسسات مما يرغبهم بشرائها ومن ثم تقليل عمليات النسخ والقرصنة.
* حصلتم على شرف نيل وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى نظير ما قدمتم من اختراعات في المجال التقني وحصولكم على براءات اختراع من جامعة أمريكية عريقة; كجامعة بوسطن، برأيكم ماذا يمثل ذلك لكم؟
- هذا الوسام يمثل لي الكثير وسعادتي لا توصف وأنا أحصل على الثقة الغالية والكريمة من لدن القيادة الحكيمة وتجلى ذلك بمنحي وسام الملك عبدا لعزيز من الدرجة الأولى، إضافة إلى اعتزازي كأحد موظفي هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بما حصلت عليه، وهذا أعتبره تشجيع لي ولزملائي الباحثين والدارسين وحتى الطلبة، كما أنه يشعرنا باهتمام قيادتنا الرشيدة في التعليم والتركيز على نشأة جديدة ترتكز على الدراسة وعلوم التقنية.