نشر يوم أمس الأول السبت في هذه الجريدة تصريحات لعدد من رجال الصحافة والإعلام في مصر يتباكون فيه على الحقيقة التي لوثتها الصحف المصرية على خلفية حادثة السير الذي تسببت بها امرأة سعودية وراح ضحيتها مصري وأذربيجاني. تأتي هذه التصريحات في إطار تحقيق صحفي قامت به هذه الجريدة لينشر في هذه الجريدة ويوجه إلى القارئ السعودي. كل هؤلاء الذين شاركوا في التحقيق يملكون القدرة والوسيلة للتباكي على الحقيقة أمام القارئ المصري نفسه والرد على الجرائد التي انتهكت الحقيقة من خلال جرائدهم لا من خلال جريدة سعودية لن يقرأها غير السعوديين.
الصحف التي أساءت للشعب السعودي موجودة في مصر وليست في السعودية، والقارئ الذي لوثت معلوماته ومواقفه هو القارئ المصري لا السعودي. يذكرني هذا التحقيق بالأعمال النقدية التي يجريها بعض إخواننا العرب على بعض الأعمال الأدبية السعودية. يمتدحون العمل ويطبلون له لينشر فقط في ملحق ثقافي سعودي وغالباً ما يكون صاحب العمل الأدبي الممدوح هو المحرر المسؤول عن الملحق الثقافي الذي ينشر فيه هذا النقد. يبيعوننا الكلام الذي نود أن نسمعه.
الذي يقرأ قائمة الأسماء التي شاركت في التحقيق يتوهم أن إعلام مصر هب عن بكرة أبيه للدفاع عن المرأة المسكينة وعن العلاقات السعودية المصرية وعن الأمة العربية. يقول إبراهيم نافع رئيس اتحاد الصحفيين العرب بعد أن قدم درساً مفصلاً عن المهنية الصحفية: (إن هذه الأقلام أضعف من خلخلة العلاقات الوطيدة بين مصر والمملكة حيث الدولتين تمثلان معاً حجر الزاوية في العمل العربي المشترك..) يقول صلاح عيسى رئيس تحرير صحيفة القاهرة بعد أن أثبت أستاذيته المهنية: (إن للمملكة وشعبها وقيادتها مكانة رفيعة في قلوب المصريين لا تزحزحها مثل هذه الشائعات). وقس على ذلك كلام بقية المشاركين في التحقيق. هذا الكلام الضخم (الكليشه) موجه لنخبة من السعوديين لامتصاص أي ردة فعل لديهم.
لم يكلف هؤلاء أنفسهم الدفاع عن الكلمة المغدورة على صفحات جرائدهم. انتظروا حتى جاءهم مندوب جريدة الجزيرة السعودية يذكرهم بالمصداقية المنتهكة والعلاقات السعودية المصرية والأمة العربية إلخ.
ولتسمح لي إدارة التحرير أن أقول إن نشر هذا التحقيق هو إساءة للمرأة السعودية المنتهكة سمعتها وإساءة للعقل السعودي. فالذي يريد أن يدافع عن الحق يدافع عنه في ميدان المعركة حيث جرت الأحداث أما محاولة تبرير ما حصل بكلمات عمومية مدرسية كليشات مكررة تنشر على صفحات الجرائد السعودية التي لن يقرأها المعنيون بالرسالة كلام لا يمكن تفسيره إلا بأن الإعلام المصري المعادي لكل شيء سعودي ينقسم إلى فرقتين؛ الفرقة الأولى تسيء للسعودية وأهلها ثم تأتي الفرقة الثانية تبرد حرارة الإساءة وتخفف وطأها على المسؤولين في السعودية، أما الشعب السعودي فليس له وجود عند هؤلاء لأسباب سردت بعضها في مقاليّ السابقين حول القضية.
فاكس 4702164
yara.bakeet@gmail.com