حاوره: أحمد العجلان
(سامي الجابر) عبارة عن حراك رياضي اهتم بالسياسة والثقافة واللغات والفنون، اسمه سامي، وهدفه سام، ولغته الأهداف، وسياسته مداهمة الشباك، وثقافته الإبداع، وفنه العزف على وتر المجنونة... هو مجموعة إنسان في رجل واحد؛ ففي الإنسانية هو سفير النوايا الحسنة، وفي التاريخ هو من صناع تاريخ الكرة السعودية المعاصرة، وفي الثقافة هو اللاعب السعودي الأول في القدرة على التحدث بكل اللغات، سواء داخل الميدان أم خارجه، ويكفي أنه يحمل في جعبته اللغة الإنجليزية والبرتغالية والفرنسية، إضافة إلى لغته الأم العربية. هذا الفارس الأصيل سيترجل عن صهوة جواده بعد أقل من أسبوع... استضفناه في حديث حصري، وخاص ب(الجزيرة) فماذا قال؟ تابعوا الحوار:
* نبدأ معك من حيث بدأت من الذي سجلك في الهلال؟
- القصة كالتالي: حضر شاب اسمه عبدالله العثمان وقال لي إنه مرسل إلي من قبل الشيخ عبدالرحمن بن سعيد مؤسس نادي الهلال وإن الهلال يرغب في أن أنضم إلى صفوفه وقد وافقت على ذلك مقابل أربعين ألف ريال دفعها لي عضو شرف النادي الأمير خالد بن محمد.
* لو حضرت في هذا الزمان كم كان سيصبح المبلغ مقابل تسجيلك؟
- لن أمنح نفسي مساحة كبيرة جدا، ولكن أعتقد أن مبلغ أربعين ألفا للاعب مغمور حضر من الحواري مبلغ جيد، ولكن في هذا الزمن قد أستفيد من مقدمات العقود الباهظة للاعبين.
* يقال إن بروزك كان عبر بوابة نادي النصر.. هل هذا صحيح؟
- أنا بدأت ألعب كرة القدم منذ نعومة أظافري ولكن وأنا عمري 12 سنة فقط لعبت الكرة مع إخوتي الكبار الذين تصل أعمارهم لـ20 عاما وكنت أستطيع مجاراتهم رغم نحالتي. لن أبتعد عن سؤالك فما تقصده هو أنني شاركت في بطولة رمضانية أقيمت في نادي النصر وكان عمري 15 سنة فقط وحصلت على جائزة أفضل لاعب في تلك البطولة وسلم لي الجائزة الأمير عبدالرحمن بن سعود رحمه الله.
* أيضا أخوك خالد كان لاعبا في النصر ألم يحاول أن يغير مسارك؟
- خالد لاعب كبير في النصر آنذاك وهو لم يقصر في محاولة إقناعي وأيضا لا أنسى أن أتذكر علاقة والدي - رحمه الله - بالأمير عبدالرحمن بن سعود الذي كان واثقا بتسجيلي في النصر، ولكن.
* .. ولكن ماذا؟
- ميولي للهلال وحبي لهذا النادي دفعاني لترك كل هذه الأمور وقبول الهلال وإقناع والدي - رحمه الله - الذي كان يرغب في أن أكون مع أخي خالد، ولكن - ولله الحمد - جاءت (خيرة) وانضممت للهلال باختيار صحيح ونجحت ولله الحمد.
* وأنت في أول عتبة لك في الهلال هل توقعت أن تسجل كل هذه النجاحات؟
- صدقني أنني منذ صغري وأنا لدي طموح كبير جدا فقد كنت أفيق من طموحاتي على تحطيم (لمبة) أو جزء من أثاث المنزل وأنا صغير كنت أحلم باللعب في كأس العالم وكنت أحلم بأن أكون هدافا للهلال وقائدا للمنتخب الأول ولاعبا مشهورا الكل ينظر إليه بعين الاحترام.. كنت أطمح إلى كل ذلك وتحقق لي الكثير.
* هل توقفت طموحاتك بيوم 21 يناير؟
- لا، لا يزال لدي الكثير من الطموحات فأنا سأبقى قريبا من الوسط الرياضي ولدي الكثير من الأشياء التي لم أنجزها في حياتي الكروية ولا أستطيع أن أحققها وأنا لاعب ولكن أعتقد أنه حان الوقت لتحقيقها.
* ما هذه الأشياء؟
- أنا أطمح إلى تسجيل نجاحات في عالم (البزنس) والصناعة الرياضية.
* نعود إلى مشوارك الكروي... هل حضورك في المراحل الأخيرة من حياة ماجد عبدالله شكل عليك عبئاً وسبب لك مشكلات؟
- منذ بدأت لعب الكرة حتى الآن وهم يتهموني بأني لاعب (إعلامي ) بمعنى أن الإعلام هو من صنعني وأنا أقول الإعلام لا يجلب بطولة ولا كأسا ولا أفضلية، وصدقني أنني تضررت من الإعلام أكثر مما استفدت، وقد بقيت في الوسط تتساقط علي شظايا الإعلاميين، ولكن أنا سعيد بأن أكبر سلطة في لعبة القدم وهي (الفيفا) مقتنعة تماماً بي وتشيد بي دائماً.
* الذين يكرهونك.. لماذا هم كذلك؟
- عندما يقوم شخص ما بسلبك صفة تتميز بها ألا يغيظك ذلك؟ هذا باختصار ما حصل؛ فقد حضرت في الهلال وأخذت منهم كل شيء منهم ومن نجومهم؛ فقد سحبت البساط من تحت أقدام هؤلاء النجوم وأخذنا في الهلال البطولات من أمام أنديتهم؛ لذلك هم يكرهونني ويتهموني بالإعلام الذي كثيرا ما تجنى عليّ.
* الإعلام يتجنى عليك بماذا؟
- أنا بشر من لحم ودم أتعرض أحيانا لانخفاض في المستوى؛ فهل تصدق أنني عندما أخفق في يوم ما ماذا يقولون عني؟ هم يمسحون تاريخي كاملا. وعلى فكرة هم أكثر الناس فرحا باعتزالي لأنني كنت أجلس على قلوبهم 20 سنة.
* هل يكرهونك بسبب ماجد؟
- ليس ماجد فقط. ماجد حقق مع النصر بطولات، ولكن عندما حضرت أنا حضرت كل البطولات والألقاب للهلال ولي شخصيا؛ فألقابي الشخصية تفوق أي لاعب سعودي، ويكفي أن اسمي مدون بالفيفا بجانب أعظم لاعبي الكرة في العالم وهم بيليه ومارادونا عندما سجلت معهما الأسبقية بالتسجيل كل 12 عاما في كأس العالم.
* ما الشيء الذي لم تحققه في حياتك الرياضية؟
- لن أبالغ إن قلت لك إن الشيء الوحيد الذي لم أحققه هو كأس العالم فأنا حققت كأسي آسيا والخليج وكل البطولات مع الهلال وكل البطولات مع المنتخب.. فقط كأس العالم لم أحققها مع المنتخب.
* ما المباراة التي تعتقد أنها قدمتك للجمهور؟
- في دوري 1410 هـ قدمتني للجمهور مباراة الهلال والرائد التي كسبناها بثمانية أهداف سجلت أنا منها ستة أهداف. هذه المباراة قدمتني للهلاليين، ومع المنتخب قدمتني بطولة الخليج عام 94م للسعوديين بشكل عام، عندما حققنا كأس تلك البطولة، وعلى مستوى العالم كأس العالم 2006 قدمني للعالم بشكل بارز بوجود اسمي ضمن كوكبة نجوم العالم الذين سجلوا في مونديالات تفصلها 12 عاما.
* من اللاعبون الذين لهم تأثير في حياتك الرياضية؟
- على مستوى الهلال هم صالح النعيمة ويوسف الثنيان ومحمد الشلهوب ومحمد الدعيع وعلى مستوى المنتخب فهد المهلل وفؤاد أنور وياسر القحطاني.
* مع المنتخب مررت بمراحل عديدة أيها أكثر مرارة وأكثر إثارة وأكثرها سوء حظ؟
- سنبدأ بالمرارة وهو الأمر الذي يحصل كثيرا في عالم كرة القدم وكان ذلك في مونديال 2002 م عندما خسرنا أمام ألمانيا بثمانية أهداف دون مقابل، أما الإثارة فهي مرتبطة بالإنجازات التي تحققت للمنتخب مثل دورة الخليج بالإمارات ودورة الخليج بالرياض عندما فاز المنتخب باللقب الأول له بمدينة الرياض، وحصلت على كأس البطولة من يد سمو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وكذلك كان هناك الكثير من الإثارة في تحقيقنا للقب كأس آسيا 96 بالإمارات وكذلك تأهلنا لأربعة نهائيات لكأس العالم، أما الأكثر سوء حظ فكان ذلك بنهائي كأس آسيا 2000م بلبنان عندما خسرنا أمام اليابان وكنا الأفضل في ذلك النهائي لدرجة أننا أضعنا ركلة جزاء وكذلك كان هناك سوء حظ في كأس الخليج بمسقط عام 95 م.
* حملت شارة القيادة للمنتخب كيف كانت هذه المرحلة من عمرك؟
- حملت شارة القيادة تقريبا من عام 2000م حتى 2006 م وكل ما أتمناه كقائد للمنتخب في هذه المرحلة تحقق فقد وصلنا إلى نهائي آسيا وحققنا كأس الخليج وتأهلنا لمونديالي 2002 م و2006 م وكانت ذكريات في مجملها جميلة جدا ومثيرة ورائعة وأنا جدا محظوظ بقيادتي للمنتخب في مراحل تطور الكرة السعودية.
* عاصرت أجيالا كثيرة؛ فما أميز جيل؟
- صدقني لن أجامل فكل الأجيال التي لعبت معها كانت مميزة وكل له ميزة منفصلة ولكن العامل المشترك لكل هذه الأجيال هي الوطنية الفائقة لدى اللاعب السعودي الذي يحترق من أجل وطنه في كل المحافل.
* من هم أكثر المهاجمين الذين ارتحت للعب معهم؟
- إذا تحدثنا عن يوسف الثنيان كمهاجم فهو لاعب كبير وارتحت كثيرا للعب معه وأيضا في المنتخب كنت أسجل انسجاما كبيرا مع الكابتن فهد المهلل وأرتاح للعب معه هو وكذلك ياسر القحطاني.
* هل تشعر بأن هناك مدافعا يستطيع أن يوقف سامي بسهولة؟
- أنا لا أتصنع ولكن صدقني أنني لا أشعر بأي مشكلة مع المدافعين فعندما أواجههم أبحث عن الحلول وأجدها.
* هل توافق على من يقول إنك لاعب ذكي أكثر منك لاعبا موهوبا؟
- على هذا الرأي لماذا لا نحضر العلماء والمفكرين ليلعبوا كرة قدم فهناك مخترعون سعوديون فائقو القدرة ولهم شهادات براءة اختراع أحضروهم ليلعبوا الكرة ويقوموا بالواجبات كلها، صدقني أن الذكاء في كرة القدم هو جزء من الموهبة فكثير من اللاعبين لديهم القدرة على ترويض الكرة أقصد السيطرة على الكرة من خلال (الكنترول) عليها ولكنهم لا يستطيعون الأداء لأن موهبتهم ينقصها الذكاء الكروي والتوقع الصحيح؛ لذلك فالذكاء جزء من الموهبة.
* لعبت أمام معظم الفرق السعودية فما الفرق التي تستمتع باللعب أمامها؟
- أنت تعرف حجم الهلال ومكانته وجماهيريته. أذكر لك هذه المقدمة حتى أقول إن كل الفرق التي نلعب أمامها (تشد حيلها) لذلك كل المباريات صعبة. هذا أولا ولكني أستمتع بلعب مباريات (الكلاسيكو) مثل مبارياتنا أمام النصر والاتحاد والأهلي والشباب هذه فرق منافسة لنا على الصدارة وعلى البطولات فهم يحضرون أحيانا ويغيبون أحيانا أخرى ولكن الهلال ثابت؛ لذلك فمبارياتنا معهم مثيرة وجميلة وممتعة.
* محطة (ولفر هامبتون) ماذا أخذت منها وماذا أخذت منك؟ - محطة جميلة جدا ومفيدة جدا فقد ساعدتني كثيرا على البقاء في الملاعب حتى هذه السن المتقدمة، صحيح أن الفترة التي احترفت بها هناك قصيرة (تسعة أشهر) ولكنها علمتني الكثير والكثير وأعتقد أنه يجب على كل لاعب كرة قدم سعودي أن يسجل تجربة احترافية في أوروبا. صدقوني أنه سيعود بأشياء وأفكار مختلفة.
* من الإعلام الذي أنصف سامي؟
- الإعلام الصادق وللأسف أن معظمه من الإعلام الخارجي الذي أنصفني كثيرا ولا يزال كذلك أما للأسف الإعلام الداخلي فقد تلاعبت به العواطف وفقد كثيرا من مصداقيته خصوصا إزاء سامي الجابر فهل تصدق أنني أعرف أن هناك إعلاميين يشيدون بي ليغيظوا أطرافا أخرى فقد حولوني لوسيلة للنيل من بعض.
* ما دمنا عدنا للحديث عن الإعلاميين فاذكر لي أبرز من أثر إيجابا في سامي من الإعلاميين؟
- ليست مجاملة ولكنها الحقيقة فأنا أحمل الكثير من التقدير للأستاذ محمد العبدي وكذلك خلف ملفي ومحمد بنيس وصالح السليمان وأحمد الرشيد ومحمد البكر وعادل عصام الدين وأحمد الشمراني فهؤلاء حتى عندما ينتقدوني فهم صادقون في نقدهم وهادفون لأنهم يبحثون عن مصلحة عليا هي مصلحة الوطن هم يتعشمون كثيرا في سامي وإن شاء الله أنني لن أخيب ظنهم في أي يوم من الأيام.