حاوره - عبدالله الحصان
نفى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله المنيع وجود ضغوطات تتعرض لها الهيئات الشرعية من قبل إدارات المصارف فيما يتعلق بإجازة المنتجات، وقال في حوار أجرته (الجزيرة) أن هذه الادعاءات وهم لا أساس لها من الصحة، وأكد الشيخ المنيع الذي يترأس عددا من الهيئات الشرعية في عدد من المصارف انهم يلزمون المصارف وإداراتها بتنفيذ القرارات التي تصدرها الهيئة كما أنهم يحاسبون ويراقبون نتائج اعمال المصارف، وقال إذا رأينا ما رأينا من محل إنكار فلا نتردد في إنكاره ويشهد الله على أن قيادات المصارف لا يكون منهم إلا الاستجابة وقبول ما تمليه عليه الهيئات وفيما يلي نص الحوار.
* هناك من يتحدث عن ضغوطات تتعرض لها الهيئات الشرعية من قبل إدارات البنوك فيما يتعلق بإجازة المنتجات، ما رأيكم؟ وكيف يتخذ قرار الإجازة من قبل الاعضاء؟
- أرى أن هذه الادعاءات وهم من الأوهام وليس لها أساس من الصحة، فأنا رئيس مجموعة كبيرة من الهيئات الشرعية في بنوك وإذا رأينا خطأ فنحن الذين نلزم البنوك وإداراتها فيما يتقرر كما أننا نحاسبهم ونراقبهم ونتابع أعمالهم.
وإذا رأينا ما رأينا من محل إنكار فلا نتردد في إنكاره ويشهد الله على أن قيادات البنوك لا يكون منهم إلا الاستجابة وقبول ما تمليه عليه الهيئات فالحديث عن ضغط موجه من قبل إدارات البنوك للهيئات الشرعية لا يعدو كونه حديث مجالس لا أساس له من الصحة.
* ثمة خلط كبير حول مفهوم التورق المنظم والعادي فهل لكم أن توضحوا الفرق؟
- التورق من حيث الأصل هو معاملة شرعية مباحة وكانت معلومة لدى السلف الصالح من عهد الرسول صلى الله علية وسلم حتى الآن ولم ينكرها إلا قليل.
أما غالبية أهل العلم فيعتبرون التورق وسيلة من وسائل تيسير أمور المسلمين وما يحتاجه الإنسان من قرض أو قضاء حاجه، فهي وسيلة من وسائل التيسير ورفع الحرج، أما عن إساءة استخدامه كما تفعله بعض البنوك بما يسمى التورق الميسر أو المنظم فهو يتسم بالكثير من الصورية وعدم المصداقية من حيث البيع كون المشتري لا يرى السلعة وقد لا يعرف ماذا اشترى وهمه الأول أن تتحول هذه السلعة إلى نقد يقضي بها حاجته، وبناء على ذلك أُعتبر هذا النوع من التورق في محل إنكار كونه يجب على من يشتري سلعه أن يعرفها أو أن يراها أو أن توصف له وصفاً يمنعه من الجهالة.
كما ينبغي على هذه السلعة أن تكون بقبضها أي صالحة وليست من التي تتعذر رؤيتها كأن تكون في بلاد يتعذر على مشتريها وهذا ما جعل التورق المنظم غير صحيح، أما التورق المباح فهو المبني على البيع والشراء والمستوفي الشروط كاملة كما في قوله تعالى: (وأحل لكم البيع وحرم الربا).
* في الفترة القريبة الماضية عانى الاقتصاد العالمي أزمة الرهن العقاري مما تسبب في خسائر لكثير من البنوك الكبرى، ألا ترون أن في الحلول الإسلامية للتعاملات والإقراض حماية من مشاكل مستقبلية مماثلة؟
ويذكر أن إحدى الصحف الفرنسية قالت إن التعامل بالطرق الإسلامية في التعاملات البنكية هو الحل الأمثل لتلافي الأخطار؟
- الحمد لله بداية فإذا جاءتك هذه الشهادة ممن لا يدينون بدين الله فهي شهادة مبنية على النصر. ولعلنا نرى أن النكسات الاقتصادية الكبيرة التي حدثت سواء في أمريكا أو غيرها سببها بيع الديون وكما هو معروف فبيع الديون لا يجوز شرعا، وعلى النقيض فنشاهد المصارف الإسلامية قد نجت من مثل هذه الأزمات، وهذا إثبات واضح بجدوى التعامل بالطرق الإسلامية في التعاملات البنكية.
* على ذكر البنوك العالمية، شهدت السنوات الأخيرة توسعا في المصرفية الإسلامية على المستوى الدولي، خصوصا في شرق آسيا وأوروبا فهل هي قناعة كون المصرفية الإسلامية أفضل الحلول المالية أم واجهة لجذب رؤوس الأموال التي تسعى لأن تكون تحت هذه المظلة؟
وهل تتوقعون أن يكون هذا التوسع مؤشرا على شمولية أكبر؟
- لا يخفى على الجميع أن المال هو في الواقع من أجبن الأمور الدنيوية فهي مادة لا تعيش سوى في جرب، وبناء على هذا فإن الجهات غير المسلمة اقتنعت وتفاعلت مع المقتضيات الشرعية ولا شك أنها لم تأخذ بهذه القناعة إلا بعدما وجدت فيها ما هو هدفها من حيث تنوع الفوائد وتكاثرها بالإضافة لأمانة التعاملات البنكية بهذه الطريقة لأنها ستكون مبنية على الشفافية والإفصاح والبعد عن الغرر والجهالة والقمار.
* تتضارب الفتاوى حول شرعية الاكتتاب والتداول في بعض أسهم الشركات والملاحظ أنه يجري أحيانا بين علماء كبار ومعروفين! ألا ترون معالي الشيخ أن ذلك يفوت على المتداولين فرصا استثمارية وألا توجد صيغة أكثر انضباطا لتلافي هذا الغموض والتضارب؟
- لا يخفى أن مثل هذه الأمور مبنية على الاجتهاد وكل مجتهد نحسبه عند الله أهلاً لذلك وقوله له اعتباره وقيمته فمن أراد أن يأخذ برأيه فليأخذ ومن لا يود الأخذ برأيه فله ذلك.
* الكفاءات المصرفية الإسلامية محدودة وغالبا ما تقتصر مرجعياتها على أصحاب التأهيل الشرعي في الفقه وقد كان هناك قسم للاقتصاد الإسلامي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لم يكتب له الاستمرار.. كيف ترون المخرج لتجاوز أزمة نقص الكفاءات المصرفية في هذا المجال؟
- القول إن الكوادر البشرية العلمية المختصة بالمصرفية الإسلامية قليلة وأن الطلب عليها أكثر من العرض فهو صحيح وكما نرى أن القيادات المصرفية الإسلامية تتسابق في اجتذاب هذه المهارات والكوادر وتتسابق كذلك في بذل المغريات لهم. لذا فنحن نتمنى أن يكون هناك مزيد من التخصصات المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي كون الاقتصاد بشكل عام يعتبر من أهم الأمور التي يهتم فيها العالم وكما هو معلوم أن هناك مركزاً تابع لمؤسسة النقد يقوم بجهود مشكورة في هذا المجال ولكننا نتمنى أن يتوسع هذا المعهد وأن يتحول إلى كلية متخصصة تابعة لمؤسسة النقد هدفها المراقبة البنكية والمتابعة ويُعنى بتخريج كوادر وطنية معنية بالمصرفية الإسلامية.