Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/01/2008 G Issue 12890
الاقتصادية
الأحد 05 محرم 1429   العدد  12890
القناعة
سلطان بن محمد المالك

من التقاليد في بعض الجامعات الأجنبية أن خريجيها يعودون إليها بين الحين والآخر في لقاءات لم شمل، ويتعرفون على أحوال بعضهم البعض، من نجح وظيفياً ومن تزوج ومن أنجب...

الخ. وفي إحدى تلك الجامعات التقى بعض خريجيها في منزل أستاذهم العجوز بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي، وبعد عبارات التحية والمجاملة، بدأ كل منهم يتأفف من ضغوط العمل والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر والضغط وعدم الراحة. وغاب الأستاذ عنهم قليلاً ثم عاد يحمل إبريقاً كبيراً من القهوة، ومعه أكواب من كل شكل ولون، أكواب صينية فاخرة، أكواب ميلامين، أكواب زجاج عادي، أكواب بلاستيك، وأكواب كريستال، فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت.

قال الأستاذ لطلابه تفضلوا، وليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكاً بكوب تكلم الأستاذ مجدداً هل لاحظتم أن الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم وأنكم تجنبتم الأكواب العادية؟ ومن الطبيعي أن يتطلع الواحد منكم إلى ما هو أفضل وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر، ما كنتم بحاجة إليه فعلاً هو القهوة وليس الكوب ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة وبعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين.

فلو كانت الحياة هي (القهوة) فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي (الأكواب) وهي بالتالي مجرد أدوات وأوان تحوي الحياة ونوعية الحياة، (القهوة) تبقى نفسها لا تتغير وعندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة وبالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين وبدل ذلك أنصحكم بالاستمتاع بالقهوة.

في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون، فهناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه مهما بلغ من نجاح لأنه يراقب دائماً ما عند الآخرين إنها بكل تأكيد (القناعة).

ما سبق وصلني عبر البريد فأحببت أن أشركك عزيزي القارئ به لما وجدت فيه من فائدة وعبرة.



Fax2325320@ yahoo.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7410 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد