ليس ثمة أمر يشغل الأوساط الاقتصادية والسياسية قدر الارتفاع الذي طرأ على أسعار النفط باختراقها حاجز 100 دولار للبرميل. تتنوع أسباب هذا الارتفاع وآثاره، كما تتجاذبه أمواج النزعات والتوجهات السياسية. حيث تلقي الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية باللائمة على الدول المصدرة للنفط بعدم إمدادها السوق بالكميات الكافية من النفط اللازمة للوفاء بالطلب العالمي المتنامي على النفط. بينما تحافظ دول أوبك على نبرتها بإلقاء اللوم على مضاربي عقود الشراء المستقبلية للنفط باستغلالهم الظروف الجيوسياسية لرفع الأسعار من جهة، وعلى ضعف الطاقة الإنتاجية لمصافي تكرير النفط من جهة أخرى.
لا شك أن الأسباب جميعها ساهمت في الوصول بأسعار النفط إلى هذه المستويات ولو أن الكثير من التقارير تضع الثقل الأكبر على أموال المضاربة التي قدرت بما يزيد على 90 مليار دولار خلال الأعوام القليلة الماضية.
بطبيعة الحال، أن وصول أسعار النفط إلى هذه المستويات والتوقعات باستمرار وتيرة هذا الارتفاع يحمل في طياته المزيد من التحديات التي من المتوقع أن تلقي بظلالها على الاقتصادات الخليجية خلال السنوات القليلة القادمة. فارتفاع النفط يعني تزايد احتمالات ارتفاع عوائد الحكومات وبالتالي زيادة الإنفاق الحكومي الاستهلاكي والاستثماري المحلي في قطاعات اقتصادية ذات طاقة استيعابية متواضعة! كما أن لارتفاع أسعار النفط تأثيرات مباشرة على تكاليف الإنتاج لشركائنا التجاريين وهذا سيزيد من أسعار السلع المستوردة وتكلفتها النهائية على المستهلك. وكلا الأمرين سيزيدان من تعقيدات الضغوط التضخمية الحالية والمستقبلية للاقتصادات الخليجية.
ختاماً، إن ارتفاع أسعار النفط ووصولها لهذه المستويات القياسية يحمل رسالة بضرورة تحديث منهج السياسات الاقتصادية في الاقتصادات الخليجية للاستفادة من هذه الزيادة وتحجيم أثارها السلبية. ولعل أبرز ما يجول في الذهن هو ضرورة إعادة النظر في المنهج الاستثماري والبيئة الإدارية الحكومية تفادياً لاختناق السيولة بين دفتي الطاقة الاستيعابية المتدنية لهذه القطاعات وبين تعقيدات البيرواقراطية المتفاقمة! إضافة إلى ذلك، فإن تحديث هذه المنهج كفيل بالعمل على تجنيب اختناق المواطنين بفواتير استهلاكية باهظة اليوم وغداً!
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9703 ثم أرسلها إلى الكود 82244
استشاري اقتصادي
algudhea@yahoo.com