«الجزيرة» - عبدالعزيز السحيمي - هلال القرشي
سجلت اسعار عدد من السلع الاستهلاكية في بداية العام الجديد ارتفاعا كبيرا وصفه المواطنون بالمفاجأة غير المتوقعة، مؤكدين أن أسعار أكواب القهوة في العديد من المقاهي سجلت ارتفاعا بلغ 25 %، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن شركات الألبان في المملكة ابدت رغبتها في رفع أسعار منتجاتها خلال الأيام القادمة، وحمل المواطنون المنتجين مسؤولية هذا الارتفاع غير المتوقع الذي طال انواعا مختلفة من السلع الغذائية.
غير ان العديد من الشركات نفت ان تكون هى المسؤولة عن ذلك، حيث اشارت إلى ارتفاع اسعار المدخلات الصناعية ويسببه من ارتفاع في التكلفة الانتاجية للسلع، وفي هذا الاطار نفي المهندس عبدالعزيز البابطين عضو اللجنة الوطنية لمنتجي الألبان اتهام الشركات المنتجة انها السبب وراء موجة صعود الاسعار وقال إن سبب ذلك يرجع إلى ارتفاع مدخلات الإنتاج بنسب عالية ومتفاوتة، إلا أن البابطين أضاف أن الشركات المنتجة للألبان مطالبة بالالتزام بمستوى عالى من الجودة في منتجاتها وهذا لا يحدث الا بزيادة سعر منتجاتها الا وانها ستصبح ضحية لارتفاع المواد الأساسية والداخلة في الإنتاج، واشار البابطين في هذا الصدد إلى ارتفاع سعر طن بودرة الحليب بشكل خيالي من 500 دولار للطن في العام 1958م إلى حوالي 7500 دولار بنسبة تبلغ 1400% إضافة إلى عدد من مدخلات الانتاج الاخرى كالأعلاف وقطع الغيار مما جعل شركات الألبان ترفع أسعارها بنسبة 16% لعبوات 2 لتر.
ويعلق المواطن أحمد الشمري أن هذا الارتفاع لا يمكن أن يتحمله المواطن وقال إنه لابد من حل بعد أن طال الارتفاع عدداً من السلع الضرورية أما صالح المري فهو من الذين يرون ان زيادة الرواتب هي الحل للتأقلم مع ارتفاع الاسعار الذي شمل كل شئ، والعكس من ذلك ترفض منى الشدادي رفع الرواتب وتدعو إلى دعم الحكومة للسلع حتى تقدم للمواطن بأسعار معقولة، واما تركي الرويلي فهل لم يجب على استفساراتنا وقال إنه يفكر في الكيفية التى تمكنه من الاستمرار في احتسائه كوب قهوته المفضل يومياً الذي ارتفع سعره بنسبة 25%.
من جهتها أصدرت وزارة التجارة والصناعة تقريرها التمويني السنوي عن متوسط أسعار السلع الغذائية الأساسية والتموينية خلال عام 1428هـ بالمقارنة مع عام 1427هـ.
وأوضح التقرير أسباب ارتفاع وانخفاض هذه السلع التي يتم رصدها من قبل الوزارة بصفة أسبوعية في مختلف مناطق المملكة التي لها فروع ومكاتب بها، وقد أشار إلى استمرار ارتفاع أسعار الأرز الأمريكي خلال عام 1428هـ بسبب ارتفاع الطلب العالمي مع انخفاض المحصول من الأرز الأمريكي نتيجة لاستغلال المساحات المزروعة في زراعة الذرة فنتاج الايثانول الذي يستخدم كمصدر بديل للطاقة وقد بلغت نسبة الزيادة في متوسط أسعار كيس الأرز الأمريكي أبو بنت وأبو سيوف زنة (45) كجم في نهاية عام 1428هـ بالمقارنة مع متوسط أسعارهما في بداية العام (23.6%).
كما تواصل ارتفاع أسعار الأرز الهندي بسبب ارتفاع تكلفة استيراده، فعلى سبيل المثال بلغت نسبة ارتفاع متوسط أسعار كيس الأرز أبو كاس (45) كجم خلال نهاية عام 1428هـ بالمقارنة مع بداية العام (52%) في حين بلغت نسبة ارتفاع متوسط أسعار كيس أرز الوليمة (45) كجم خلال نفس الفترة (51.8%)، ويتوقع استمرار تواصل ارتفاع أسعار الأرز الهندي بجميع أصنافه، حيث بلغت أسعار الأرز البسمتي في الأسواق الهندية خلال بداية موسم حصاد الأرز والذي يبدأ في شهر أكتوبر من كل عام مبلغ (1400) دولار للطن بزيادة عن أسعاره آخر الموسم الماضي المنتهي في شهر سبتمبر 2007م بنسبة (33%)، أما الصنف الثاني والذي يطلق عليه (بذره 11-21) فقد بلغت أسعاره في السوق الهندي خلال بداية الموسم الجديد في شهر أكتوبر 2007م (1300) دولار للطن، وبلغ السعر الافتتاحي للصنف الثالث (بوسا) في شهر أكتوبر 2007م (950) دولارا للطن وارتفع سعره ليصل خلال شهر ديسمبر 2007م إلى (1200) دولار للطن بنسبة زيادة (26.3%) كما ارتفع سعر (شربتي) من (750) دولارا للطن مع بداية الموسم الجديد في أكتوبر 2007م ليصل إلى (850) دولارا في ديسمبر 2007م بنسبة زيادة (13.3%) وارتفع سعر (البرمل) من (430) دولارا للطن في شهر أكتوبر 2007م ليصل إلى (500) دولار للطن بنسبة زيادة (16.3%)، وقد جاءت هذه الزيادات بسبب زيادة الطلب من عدد من الدول أهمها إيران والعراق ودول الاتحاد الأوروبي.
وأشار التقرير إلى استمرار ارتفاع أسعار الأرز الباكستاني أيضا خلال الموسم الجديد حيث بلغت أسعار (السوبر) (1000) دولار للطن بزيادة قدرها (25%) عن أسعار استيراده في الموسم الماضي، وذكر التقرير أن متوسط أسعار السكر شهد استقرارا خلال عام 1428هـ وسجل متوسط أسعار كيس السكر زنة (50) كجم انخفاضا طفيفا نهاية عام 1428هـ بالمقارنة مع بداية العام بلغت نسبته (0.9%).
أما الحليب المجفف في الأسواق المحلية بالمملكة فقد تباينت نسب ارتفاع أسعار هذه الأصناف وفقا لمصدر الاستيراد، فقد شهدت أسعار حليب (النيدو) خلال عام 1428هـ ثلاثة تغيرات بالأسعار بسبب تكلفة الاستيراد وبلغت نسبة الارتفاع في متوسط أسعار العبوة (1800جم) في نهاية العام بالمقارنة مع بداية العام (35%)، وارتفع متوسط أسعار العبوة من حليب كليم (1800) جم لنفس الفترة بنسبة (16.2%)، وارتفع متوسط أسعار العبوة من حليب كوست (1800) جم بنسبة (17.2%).
وشهدت الزيوت النباتية خلال عام 1428هـ ارتفاعا في متوسط أسعارها لارتفاع تكلفة استيراد الزيت المكرر الخام في الأسواق العالمية بنسب وصلت إلى (12%)، وأشار التقرير إلى ارتفاع متوسط أسعار لحوم الدواجن بنسب وصلت إلى (9.5%) بسبب اتجاه بعض الدول المصدرة لتخفيض إعانة التصدير الممنوحة للمصدرين وانخفاض إنتاج الذرة والأعلاف بسبب الجفاف الذي أصاب العديد من الدول المنتجة واتجاه البعض منها لتحويل الذرة إلى إنتاج الايثانول مما سبب ارتفاعا في أسعار أعلاف الدواجن.
وأضاف التقرير أن متوسط أسعار السلع التموينية الأخرى (الأسمنت - الشعير - الحديد) شهد خلال عام 1428هـ عدة تغيرات فقد شهد متوسط أسعار الأسمنت خلال الربع الأول وجزء من الثاني ارتفاعا في الأسعار وتوقعت التجارة أن يساهم دخول مصانع جديدة في زيادة حجم المعروض من الأسمنت المحلي وبالتالي مقابلة حجم الطلب مما سينعكس إيجابيا على استقرار الأسعار.
وشهد عام 1428هـ ارتفاع متوسط أسعار الشعير في الأسواق المحلية بلغت (89%) في آخر العام بالمقارنة مع بدايته وذلك بسبب تواصل الأسعار العالمية بالارتفاع خلال العام بسبب الجفاف الذي شهدته العديد من الدول المنتجة وتقنين بعض الدول لصادراتها من الشعير، وعلى ضوء ذلك قامت الدولة برفع الإعانة المقررة للشعير من 420 ريالا للطن إلى 500 ريال للطن ثم رفعت الإعانة مرة أخرى خلال العام إلى 700 ريال للطن، ومع استمرار ارتفاع الأسعار العالمية للشعير تقلصت كمية المخزون من الشعير لدى التجار في المملكة وعلى ضوء ذلك قررت اللجنة الوزارية للتموين فتح السعر بعد أن كان محددا لتمكين المستوردين من استيراد كميات تفي بحاجة الطلب المتزايد على الشعير، وشهدت أسعار الحديد في نهاية العام ارتفاعا في الأسعار نتيجة لزيادة تكلفة استيراد المواد الخام وزيادة تكاليف شحنها.
وأشار تقرير وزارة التجارة والصناعة بأنه بناء على التطورات المستمرة والتغيرات المتسارعة فقد استمرت الوزارة بمتابعة الأسواق المحلية وكذلك متابعة التغيرات في الأسواق العالمية، كما تضمن التقرير بأن الدكتور هاشم بن عبدالله يماني وزير التجارة والصناعة عقد خلال عام 1428هـ العديد من الاجتماعات مع الموردين الرئيسيين للسلع الغذائية الأساسية وأصحاب المحلات التجارية الكبيرة في المملكة وخلال تلك الاجتماعات أكد معاليه على حرص الدولة على وجود بيئة تنافسية قوية وعادلة تساهم في توفير بدائل متعددة لكل سلعة حتى يتسنى للمواطن اختيار ما يناسبه منها، كما تم التأكيد على أهمية التركيز على الاستفادة من كبر السوق السعودي وما يمثله من أهمية للجهات الخارجية المنتجة للسلع وذلك بالحصول على مزايا تسعيرية تفضيلية في المملكة مما يمكن تمرير هذه الميزة للمستهلك السعودي، وتم حث التجار على أهمية القيام بتوفير مخزون كاف من كافة السلع الغذائية الأساسية في المملكة وذلك حسب متطلبات خطة التموين الوطنية، وتضمن التقرير بأن الوزارة تتابع هذه المواضيع بكل اهتمام وأنها على اتصال ومتابعة دائمين مع المستوردين وأصحاب المحلات التجارية الكبيرة في المملكة بهدف الاطمئنان على الأوضاع التموينية في المملكة.
كما أشار التقرير إلى أنه في ظل متابعة وزارة التجارة والصناعة للتطورات والأحداث في الأسواق العالمية فإنه يتوقع استمرار ارتفاع أسعار عدد من السلع الغذائية والتموينية خلال عام 1429هـ بنسب تتراوح بين (20 - 30%) ويأتي سبب ذلك إلى عدد من العوامل أهمها انخفاض المحاصيل الزراعية بسبب الجفاف أو الاستفادة من بعض المساحات المزروعة من خلال تحويلها لزراعة محاصيل أخرى تعمل على سد احتياجاتها سواء من المواد الغذائية أو من الطاقة، وقيام بعض الدول بتقنين صادراتها أو إلغاء الدعم الممنوح للمصدرين أو فرض ضرائب ورسوم على الصادرات، بالإضافة لتدني سعر صرف الدولار وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية الأخرى.