Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/01/2008 G Issue 12880
منوعـات
الخميس 25 ذو الحجة 1428   العدد  12880
نوافذ
قاطعوا..
أميمة الخميس

عندما تحلم بأن تصبح بطلاً شعبياً مكللاً بأكاليل الغار والبطولة، تصفق له المجاميع وتهتف ببطولاته، ما عليك إلا أن تمتشق قلمك وأن تصعد نبرتك، وتختار إحدى القضايا التي يهدر بها المجتمع فتتبناها وتؤججها وتصعدها، استجابة لقاعدة (الجمهور عايز كده).

عندها ستجد ألف من يهدر باسمك ويلوح بعباراتك ويصنع منك بطلاً قومياً!!

ولأن هذا الأمر يتقاطع مع مهمة المثقف النوعي، المثقف الملتزم بالقضايا العميقة الحيوية في محيطه، أي ذاك المثقف القادر على استشراف أفق أوسع، عبر التحليل والرؤيا والاستبصار، والقدرة على الفرز المنطقي والموضوعي بين رغبات وعواطف المجاميع وبين متطلبات مرحلة تلوح بخطط الإصلاح والتغيير، فستبقى هذه الظاهرة إحدى العقبات التي تقف في وجه الإعلام كوسيلة تنويرية واسعة التأثير.

فعلى سبيل المثال يعرف الجميع حتى الأطفال مع لثغتهم الأولى أن المياه الغازية مضرة بالصحة، وأن محتوياتها السيئة لها آثارها السلبية على البدن والصحة، حتى وزارة التربية والتعليم المعروفة بالوقار وبطء القرار منعت تداولها في المدارس، المياه الغازية حتى على مستوى الوعي الشعبي قد ارتبطت بالرمز الإمبريالي الاستعماري في المنطقة فنجد أن البعض قد مال إلى مقاطعتها لأسباب سياسية.

ولكن مع تلويح بعض الشركات المنتجة للمياه الغازية برفع الأسعار قامت حملة غاضبة متباكية، وكأن الناس سيفارقون (ماء الكوثر)، وكأن المياه الغازية الماء السلسبيل الذي يرطب حلوق (البرولتاريا) وهم يكدحون بين البراري والقفار، وكأنه لا يوجد شيء اسمه مقاطعة وإرادة ومقارعة التجار الجشعين بحد سيف بتار..... المقاطعة.

إن عملية استثمار وتوظيف عواطف البسطاء المتضررين من الغلاء فقط للحصول على الهتاف والتصفيق، من شأنه أن يغيب الوعي الجمعي ويضلله عن همومه وقضاياه الحقيقية.

أيضا مثال آخر هو حفلة النواح التي يقيمها البعض على رفع بعض الدول لأسعار عمالتها المنزلية، وتجريم وزارة العمل التي لا تتخذ خطوات ضد هذه القرارات، ويغفلون هنا أن تلك الدول باتت تساومنا لأننا في منظارهم الشعب الكسول المترهل الذي تحتشد بيوته بالخدم والحشم، وبالتالي باتوا في مواقع قوة أمام ترهلنا وعجزنا عن إيجاد مخارج محلية لمشاكلنا سواء بما يتعلق بإيجاد نظام عمل بالساعات، أو حضانات لأطفال الأمهات العاملات، أو السماح للمرأة بقيادة السيارة والتخلص من أكوام عمالة السائقين.

وبدلاً من هذا افتتح مجلس لطم إعلامي لارتفاع أسعار العمالة من (بعض الدول).

فلنقاطع عمالة تلك الدول؟... لنجرب دول أخرى، لنجرب حلولاً محلية؟ حلول جديدة.... فالتفكير نعمة.

فالبطولة الشعبية عبر الصحافة سهلة وبسيطة، فقط نصغي السمع لأعلى الأصوات على المستوى الشعبي، ثم نصفق ونهلل لها... مستثمرين زخم العواطف واحتدامها.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد