Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/11/2007 G Issue 12834
الاقتصادية
الأحد 08 ذو القعدة 1428   العدد  12834
الريادة السعودية في صنع السياسات الدولية.. (النفط مثلاً)
د. عبد العزيز بن محمد الدبيان

حينما تحتضن الرياض قمة الأوبك الثالثة 2007م (بعد قمتي الجزائر 1975م وكاراكاس 2000م)، ويرعى الملك عبد الله أهم هذه القمم؛ ينظر العالم باهتمام بالغ ويترقب ما سيتمخض عن ذلك من نتائج مهمة وقرارات مؤثرة في منعطف حاسم وحساس من مسيرة الاقتصاد العالمي المعتمد كثيراً على النفط للبُعدين الزماني المتمثل في وصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار دون عودة قريبة للوراء، والمكاني

حيث ينعقد المؤتمر في عاصمة النفط أهم أعضاء أوبك وصمام أمانها وأقواها نفوذاً وتأثيراً حيث يبلغ مخزونها الاحتياطي (260) مليار برميل وإنتاجها اليومي (9) ملايين برميل قابلة للزيادة عند الحاجة.

وتجسد هذه الاستضافة الدور المحوري الكبير للمملكة العربية السعودية وقيادتها في التأثير الإيجابي في صناعة القرار في المنظمات والمحافل الدولية. وتنبع هذه الأهمية ليس من كون المملكة قائدة العالم الإسلامي وتحتلّ موقعاً استراتيجياً على الخريطة وذات وزن اقتصادي وثقل سياسي وتتبنى سياسة متوازنة وعادلة في مجمل قضايا الإنسانية فحسب، وإنما من كون المملكة أيضاً أكبر دولة منتجة ومصدّرة للنفط في العالم، وواحدة من الدول الثلاث المؤسسة لمنظمة الأوبك عام 1960م (التي حاولت بعض القوى تفكيكها وإسقاطها في وقت مضى)، كما أن المملكة تحرص على تحقيق التوازن في سوق النفط العالمية، وعلى التنمية المستدامة في الدول الفقيرة التي تشير التقارير إلى أن صندوق المنظمة قدّم لدولها الـ119 مساعدات بلغت (90) مليار دولار خلال 30 عاماً مضت، مثلما تهتم المملكة بازدهار الاقتصاد العالمي وقدّمت من أجل ذلك تضحيات كثيرة، أهمها تحمُّل انهيار أسعار النفط عام 88-1989م حينما انخفضت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، مع التزامها بإمداد السوق بما يحتاجه خلال الأزمات، وتعمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب حيث شجعت أوبك (وفقاً لتقارير صحفية) على رفع سقف الإنتاج 4.5 ملايين برميل يومياً بين عام 2002 و2005م، إضافة إلى سياستها الحكيمة في التعامل مع مختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم وثبات مواقفها لما يخدم الإنسانية واستشرافها للمستقبل وقراءتها للسوق النفطية ضمن استراتيجية بعيدة المدى، وتعزيزها للحوار بين المنتجين والمستهلكين وقدرتها على التأثير في قرارات الأوبك التي تمتلك ناصية مستقبل النفط وصناعته بإنتاجها أكثر من 30 مليون برميل يومياً أو ما يعادل 40% من الإنتاج العالمي وامتلاكها ما نسبته 80% من مخزون النفط العالمي.

وتسعى المملكة إلى تحقيق التفاهم بعيداً عن مزايدات مضاربي السوق، خصوصاً عندما تحدث أزمة نفطية بسبب قلاقل محلية أو نشوب الصراعات المسلحة في مواقع حيوية لإنتاج النفط كما حدث في تحرير الكويت واحتلال العراق، علاوة على تقلُّبات وضعف سعر صرف الدولار ومشكلات المصافي الأمريكية والمشكلات القائمة في بعض دول النفط (نيجيريا والعراق مثلاً) وزيادة الطلب على البترول بسبب النمو الاقتصادي العالمي المتنامي، خصوصاً في دول آسيا مثل الصين والهند والشرق الأوسط، وغيرها من الأسباب.

وإن حسن اختيار موضوعات وأجندة هذا الاجتماع المطروح على قادة الأوبك ومحاوره الثلاثة التي تهم الدول المستهلكة أكثر من الدول المنتجة (الإمدادات، وحماية البيئة، والتنمية) ليؤكد مرة تلو الأخرى حكمة السياسة البترولية والاقتصادية والبيئية للمملكة العربية السعودية ونظرتها الصائبة في مجمل الأحداث على الساحة الدولية. ومن هنا جاء تأجيل مناقشة موضوع رفع سقف الإنتاج لاجتماع وزراء النفط في شهر ديسمبر القادم بدبي تأكيداً منهم - وفقاً للأمير عبد العزيز بن سلمان - على أن ارتفاع الأسعار ليس لقلة المعروض من الإمدادات النفطية، وإنما هو بسبب المضاربات الحامية، وبالتالي فارتفاع السعر ليس من مسؤولية المنتجين، وعليه فإن رفع مستوى الإنتاج في ظل وفرة المعروض قد يهوي بالأسعار ويؤدي إلى انتكاسة شديدة وتقلبات ضارة بالاقتصاد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد