«الجزيرة» - فهد الشملاني - عبدالعزيز السحيمي - عبدالله الحصان
دشّن المهندس علي بن إبراهيم النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أمس الندوة الوزارية المصاحبة لقمة الأوبك الثالث بكلمة ترحيبية بالمشاركين والمحاضرين وتمنى للمؤتمرين التوفيق في ما يطرحونه ليخدم مواضيع القمة الثالثة.
وأكد شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم الجزائري خلال الجلسة الأولى التي لمناقشة أسواق النفط والغاز (الأوضاع الحالية والتوقعات المستقبلية) أن أوبك ملتزمة بتوفير إمدادات كافية للسوق النفطية العالمية وتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط حتى عام 2030م، مؤكداً أن النفط الخام سيبقى المصدر الأساسي للطاقة، وقال: إن دول أوبك لديها الاحتياطات الكافية من النفط الخام لتلبية الطلب العالمي في السنوات القادمة، لكنه شدد على ضرورة توفير الاستثمارات والتقنية اللازمة التي تسمح لدول أوبك بزيادة إنتاجها من النفط الخام.
توقعات أسواق النفط وتحديات الاستثمار
قدم محمد هامل رئيس إدارة دراسات الطاقة في منظمة أوبك، نبذة عن توقعات أسواق النفط وتحديات الاستثمار، حيث أشار إلى أن أسواق الطاقة يتجاذبها عدد من العوامل التي أفضت إلى تذبذب أسعار النفط ووصولها إلى مستويات بلغت عتبة 100 دولار للبرميل وهي عوامل ليس من بينها شح في الإمدادات النفطية وإنما كانت تعود إلى عوامل جيوسياسية ومناخية ومسببات أخرى تعززها نفسية المضاربين وقال هامل: إن نسبة الإقبال على النفط سترتفع 50% حتى عام 2030م مما يتطلب زيادة في الإنتاج، مشيرا إلى أن البترول سيظل المصدر الأساس للطاقة خلال العقود القادمة. وأكد أن الاحتياجات العالمية من النفط الخام ارتفعت إلى نحو ثلاثة آلاف مليون برميل، ولفت إلى أن العالم يمتلك مصادر أخرى للطاقة من أهمها الغاز ومصادر الطاقة البديلة. ودعا في عرضه إلى زيادة عمليات تكرير النفط في العالم لتامين احتياجات العالم من المنتجات. وذلك من خلال زيادة الاستثمارات في الحقول النفطية وصناعة التكرير والعمل على تطوير التقنية التي تسهم في الحصول على مزيد من الاحتياطيات البترولية التي ستتحول تجارية عندما تتطور وسائل التقنية وتقل كلفة الإنتاج. وأشار إلى أن صناعة النفط تواجه عدة تحديات للوفاء بالإمدادات المطلوبة من النفط الخام وشدد في هذا الصدد على ضرورة أمن الطلب مقابل أمن العرض وتحقيق التوازن بينهما في الأسواق العالمية وأهمية التوازن والاستقرار في أسعار النفط.
وقال: إن المسؤولية عن تذبذب أسعار النفط تعود إلى نقص قدرة التكرير في المصافي والمضاربات في الأسواق العالمية والعوامل الجيوسياسية في مناطق منابع النفط، وأضاف هامل: إن من التحديات التي تواجهها صناعة النفط العالمية الحصول على التقنيات المتقدمة والأيدي المدربة والخبرات العالية، مشيرا إلى أن التقدم التقني في السنوات الماضية أسهم في زيادة الاحتياجات العالمية من النفط الخام وزيادة نسبة الاستخلاص البترولي والتقدم في مجال البيئة.
وأكد أن حماية البيئة تعتبر من الأمور المهمة على المستوى العالمي وقدر إمكانية تحقيق تقدم ملموس في الحصول على منتجات أكثر صداقة للبيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية والحصول على تقنية عالية تحول هذا المنتج الأحفوري إلى صديق للبيئة بل ومعزز لحمايتها. وشدد على أهمية التزام الدول المنتجة بضمان استقرار الأسواق النفطية، وقال: إن لدى الأوبك إستراتيجية طويلة المدى تقوم على الحوار مع جميع الأطراف من أجل تأمين استقرار الأسواق النفطية.
وطالب بضرورة رفع الطاقة الإنتاجية للدول الأعضاء في الأوبك سعيا إلى تعويض أي نقص قد يحدث في الأسواق نتيجة إلى زيادة الاستهلاك من الدول الصناعية، وأبان أن التقنية تلعب دورا مهما ومحوريا في تطوير المكامن النفطية وزيادة الاحتياطيات وصولا إلى زيادة الإنتاج ومقابلة أي طلب إضافي من السوق.
وطالب مجددا بأهمية المساهمة في معالجة الفقر في الدول الفقيرة وتقديم المساعدة من أجل تعزيز التنمية المستدامة وتطوير المناطق الأكثر فقرا وصولا إلى خدمة الشعوب والنهوض بالتنمية البشرية ويجب أن تتوافق هذه البرامج من برامج حماية البيئة حتى نحقق الأهداف التي تسعى إليها الأوبك وتواجه مسؤولياتها تجاه المجمع العالمي كدول تعنى بتقدم الشعوب وتضيف هذه الثروات لرقيهم.
التطورات النقدية وأزمة سوق الائتمان
وعلق وزير النفط الكويتي بالوكالة محمد عبدالله العليم في كلمته: إن ارتفاع الأسعار بالرغم من زيادة الإنتاج يعود لمجموعة العوامل الخارجية عن معطيات السوق. وقال: إن ارتفاع الأسعار يرجع للمضاربات في السوق من قبل الموردين بالإضافة إلى العوامل المناخية والسياسية مشيرا إلى أن التطورات النقدية وأزمة سوق الائتمان في الولايات المتحدة الأمريكية كان لها أثرها على أسعار البترول والتي أوصلته إلى نحو 100 دولار للبرميل. وقال الوزير الكويتي إن مسألة الأسعار والإنتاج سيتم التعامل معها وحس مها في الاجتماع الوزاري القادم لمنظمة أوبك في أبوظبي. وتناول خطط الكويت في مجال صناعة النفط مؤكدا أن بلاده تنفذ مشاريع لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا حتى عام 2010م وأربعة ملايين برميل يوميا حتى عام 2020م ومضاعفة طاقتها من المنتجات المكررة.
من جانبه قال وزير المناجم والبترول في الإكوادور: إن بلاده حديثة الانضمام إلى أوبك وإنها ستشكل إضافة مهمة لجهود المنظمة في تأمين استقرار الإمدادات للسوق النفطية العالمية، وقال: إن الإكوادور تنفذ مشروعات للاستكشاف والإنتاج وزيادة قدرة مصافي تكرير النفط واستكشاف الغاز. وشدد عدد من الخبراء الذين تحدثوا في الندوة حول ضرورة استقرار أسعار النفط وتوفر الاستثمارات الضرورية لزيادة الطاقات الإنتاجية من النفط لتلبية الاحتياجات العالمية من الطاقة.
الطاقة والبيئة التحديات والفرص
في الجلسة الثانية تطرق معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي التي تبحث في الطاقة والبيئة التحديات والفرص: إن المنتجين رأوا أهمية التركيز على الموضوع التي ستطرق في قمة أوبك الثالثة وأشار إلى أن الدور الذي تلعبه الطاقة سيظل محافظ على أهميته خلال السنوات القادمة وأن المجتمع الدولي يحاول حل مشكلات البيئة مع الاحتفاظ بتطوير الطاقة الأحفورية وأن العالم اتخذ عدداً من الإجراءات وتبنى بعض الاقتراحات لحل مشكلات البيئية.
وبيّن أن المملكة ضمنت حماية البيئة في جميع في كل عملياتها البترولية والصناعية وسنت القوانين التي تحافظ على البيئة والمواد الطبيعية، وإن تلك الإجراءات بدأت منذ وقت مبكر في الجامعات السعودية، كما أن المملكة تشارك المجتمع الدولي في جميع المبادرات وحضرت عدة اجتماعات حول تغير المناخ والحد من الانبعاث الكربوني والحصول على التقنيات الحديثة التي تعمل على تنقية الطاقة الأحفورية، وستستمر في مواصلة منهجها مع برامج العالم حول التنمية والحد من تغير المناخ .
وعلق الدكتور اوديان اجوموقوبيا وزير الدولة لشؤون الطاقة في نيجيريا قائلاً: إن تغير المناخ ضرورة حتمية مع التوسع الصناعي وإن العالم يشهد تغير في التسخين بحدود 1.6 وأثر ذلك على الكرة الأرضية خلال الخمسين سنة الماضية، وإن مصدر هده الزيادة هي عنصر الكربون.
وقال: إن العالم شهد خلال عام 2007 إشارات إلى تغير المناخ كالفيضانات وقرر العالم دراسة هذه المتغيرات وطرحها عبر الهيئات المتخصصة.
وقال: إن على العالم أن ينظم مشروعات ترمي إلى المحافظة على البيئة وتزيد من الكفاح ضد الانبعاثات، خصوصاً أن وكالة الطاقة تقدر أن يزداد الطلب على الطاقة إلى الضعف في حلول عام 2030م وأن الخلط بين أنواع الطاقة الأحفوية والمتجددة سيزيد إلى 80% حتى عام 2020م.
وطالب بدعم التقنيات التي تعمل على التقليل من انبعاثات الكربون وأعتقد أن انبعاثات الكربون ستقل بدرجة كبيرة في حلول عام 2030م، وقال: إننا نعمل بدرجة كبيرة على التقليل من هذه الانبعاثات وسوف نصل إلى نتائج جيدة عام 2012م، وسيسهم استخدام هذه التقنية في الارتقاء بالوسط البيئي.
وعرَّج على التأثيرات الاقتصادية التي تنجم من استخدام هذه التقنية، وقال: إن هناك تصميما وعزما في إشراك الجميع بصورة فاعلة وجماعية نحو دعمها لتعطي منتجات نظيفة، مشيراً إلى أن مسؤولية الطاقة النظيفة هي مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمجتمعات.
الخيارات التقنية لمواجهة قضايا البيئة
من جهته قال الدكتور عدنان شهاب الدين في ورقته الخاصة بالخيارات التقنية لمواجهة قضايا البيئة: إن التقليل من الانبعاثات باستخدام التقنيات الحديثة وتنمية وتطوير البدائل الأخرى والنهوض بهذه الصناعة وحبس الغازات من الخيارات التي تسعى إليها دول العالم فعلى سبيل المثال يمكن استخدام سيارات ذات وقود مزدوج وخلال الدورة السابقة فإننا قمنا بإنتاج أجهزة تكليف على مستوى عالٍ من الكفاءة، وهنا نسأل كيف ننمِّي موارد أحفورية قليلة الانبعاث وحبس واسترجاع الكربون، وبيّن أن 80% من الطاقة في العالم تأتي عن طريق الوقود الأحفوري وهناك مقترحات يمكن أن تسهم في التقليل من الانبعاث الكربوني كوضع مرآة لعكس أشعة الشمس وحقن الكربون في الآبار المستنبطة، إضافة إلى استخدام تكنولوجيات أخرى مقترحة، كالطاقة المتجددة.
من جانبه أكد وزير المناجم والبترول في الأكوادور أن بلاده حديثة العودة للانضمام إلى أوبك وأنها ستشكل إضافة مهمة لجهود المنظمة في تأمين استقرار الإمدادات للسوق النفطية العالمية وقال: إن الإكوادور تنفذ مشروعات للاستكشاف والإنتاج وزيادة قدرة مصافي تكرير النفط واستكشاف الغاز، مقترحا أن تقوم الأوبك بالتخطيط لمشروعات في مجال المصب وهو الاستكشاف والإنتاج وكذلك في المنبع أو الصناعات التحويلية التي ستسهم في توفير المواد البترولية المكررة الضرورية لمواجهة احتياجات المستهلكين.
وتطلع إلى أن تقوم الأوبك بتكثيف جهودها وتوظيف إمكاناتها لتحقيق الهدف الذي رسمته لنفسها بأن يساهم النفط في التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة وتحسين بدائل الطاقة بالصورة التي لا تؤثر على استخدامات الوقود الأحفوري.
مطالب بضرورة الاستعداد للمرحلة القادمة
روبرت مابرو من معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة طالب الأوبك بضرورة الاستعداد للمرحلة القادمة التي من المتوقع أن يرتفع فيها استهلاك النفط ويزداد الطلب على النفط بنحو 13 مليون برميل، مشيراً إلى أن أهم عامل في زيادة الإنتاج هو اكتشاف حقول جديدة للنفط وتحسين أداء الآبار الحالية وكذلك استخدام تقنية تعزز من الإنتاج والمحافظة على مستوى الأسعار والتقليل من التذبذب الذي تعيشه منذ قرابة العامين وصولاً إلى أسواق نفطية مستقرة.
من جانب آخر قال السيد سوبرتو أمين عام منظمة الأوبك الأسبق: إن أسعار النفط شهدت خلال الفترة الماضية قفزات أوصلتها إلى حافة 100 دولار للبرميل ونتوقع في القريب العاجل أن تصل إلى هذه المستويات، مشيرا إلى أن هذا التوجه للأسعار يدفع دول الأوبك إلى ضرورة الاستعداد من الآن لمواجهة الطلب العالمي فدول الأوبك تمتلك 78% من الاحتياطيات وتنتج نحو30 مليون برميل يوميا، بينما الدول المنتجة الأخرى تمتلك 22% من الاحتياطيات العالمية وتنتج 54 مليون برميل يومياً، وهذا يجعلنا نقول: إن المستقبل لدول الأوبك لما تحويه من احتياطيات تفوق الدول الأخرى وبالتالي فأعتقد بأن دول الأوبك تملك ناصية مستقبل الصناعة البترولية وعليها مسؤولية في توفير الإمدادات التي سيحتاجها العالم ويتحتم عليها زيادة الاستثمارات الطاقوية.
وفيما يتعلق بالمحافظة على البيئة طالب بمد خط أنابيب يربط المحيط الهندي بالصين والهند وذلك لتفادي مرور ناقلات النفط بمضيق ملقا إذ إن هناك نحو 12 مليون برميل تعبر هذا المضيق وإذا ما حدثت حادثة فإنه ستكون هناك كارثة بيئية تهدد إندونيسيا وماليزيا.