Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/11/2007 G Issue 12830
محليــات
الاربعاء 04 ذو القعدة 1428   العدد  12830
دفق قلم
الأطفال وحسن الرعاية
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

يتحدث الأطباء النفسيون عن الآثار النفسية السيئة التي يتركها التعامل السيئ والعنف والقسوة في نفوس الأطفال مدى الحياة، ويؤكدون من خلال تجاربهم مع مرضاهم رجالاً ونساءً أن نسبة كبيرة من أولئك المرضى تعود أسباب أمراضهم النفسية إلى عنف التعامل في أسرهم في طفولتهم، بل إن الدراسات الحديثة تؤكد أن أثر التعامل السيئ يصل إلى الجنين في بطن أمِّه لوجود وشائج قوية بين المرأة الحامل وجنينها من جانب، ولوجود أجهزة تسجيلية في مخِّ الجنين تحتفظ بكثير مما يصل إليه من تفاعلات أمِّه مع ما يدور حولها، وما تلتقطه تلك الأجهزة من عباراتٍ وجمل، وإشاراتٍ ذات أثر نفسي مباشر في الجنين.

ويشير علماء النفس وأطباؤها إلى أنَّ العقل الباطن يحتفظ بكل ما يمرُّ به الإنسان من مواقف، ولكن بعضها يظلُّ كامناً في مخبئه، وبعضها يظهر أثره، ويصل إلى الذاكرة، وخطورة ذلك الكامن في مخبئه من العقل الباطن أنه قد يبرز إلى الذاكرة في موقفٍ من المواقف التي يمر بها الإنسان ولو كان ذلك الموقف بعد سنواتٍ طويلة، فتكون له آثاره السلبية على نفس الإنسان وشعوره.

هذه الأمور الثابتة تغيب عن بال كثيرٍ من الآباء ,الأمهات الذين يعيشون حياتهم في صراع مستمر، وصراخ وشجار وسبابٍ لا ينقطع، فهم ينتصرون لأنفسهم، ويتعاملون (بأنانية) لا تعرف التنازل والتواضع ولين الجانب والتسامح، وينسون أنهم يدمِّرون بذلك نفوس من حولهم من الأبناء والبنات صغاراً وكباراً، ولا يعلمون أن الطفل الرضيع يتأثر بصورة كبيرة بذلك الخلاف والشقاق الذي يجري بين الأباء والأمهات، بل إن بعضهم لا يصدِّق هذه الحقيقة، ويسخر منها، وقد ذكرت هذا الأمر لأب أعرف مدى قسوته وعنفه العائلي في ثنايا نصيحتي له، فسخر من هذا، ولم يتفهَّم ما أردت أن يصل إليه من معلومات ثابتةٍ تكفي (لمن يعرفها) أن تكون حائلاً بينه وبين العنف على أهله وأسرته.

ولعل من المناسب أن أنقل هنا هذه المواقف النبوية في التعامل مع نفسيَّات الأطفال الرقيقة الهشَّة ففيها علاج واضح لمرض العنف العائلي الذي ينتشر في أوساط الناس.

ورد في صحيح البخاري عن أبي قتادة الأنصاري - رضي الله عنه - أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت العاص على عاتقه فصلى، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها، وفي رواية أخرى: فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.

كما ورد في صحيح البخاري أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام وضع في حجره الشريف صبياً يحنّكه، فبال الصبي عليه، فدعا بماءٍ فأتْبعه بول الصبي.

كما ورد في صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة أو بالسورة القصيرة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إني لأدخل الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدَّةِ وَجْد أمه به.

إنَّ هذه المواقف النبوية الكريمة تقدِّم لنا الأساليب المُثلى في التعامل مع الأطفال، ومراعاة نفوسهم الرقيقة وقلوبهم الفضَّة، وهو تعاملٌ تؤكد الدراسات النفسية كلُّها أهمِّيته في تربية الأجيال وبناء نفوسهم القويَّة.

إشارة

ورد في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء.

www.awfaz.com


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد