Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/11/2007 G Issue 12830
محليــات
الاربعاء 04 ذو القعدة 1428   العدد  12830
لما هو آت
علبة ثقاب وجنة نعيم
د. خيرية إبراهيم السقاف

كما يستجير الهارب من الرمضاء بالماء وجدت إشارة لمهاتفاتها العديدة مما دفعني للإسراع في الإصغاء لها...

عزيزة تحب الأطفال ما أحبت النفس براءتها... لذا فهي لا تقبل بإغراءات الترقية ولا إغواء المناصب لمبادلتها موقعها بين الصغار معلمة في رياضهم...

قالت هذه المهاتفات ليست لإسعادك بخبر جميل عني أو عن أسرتي.. كما هي ليست للسؤال عنك أو عن أسرتك...

أدركت أنها في أمر يخص صغارها لأنني أعلم يقيناً أنها ليست تعمل بكل جوارحها لغير تعليمهم وتنشئتهم وتربية نفوسهم وتلمس مواهبهم وحفز هممها وفسح مساحات لها للتعبير عن ذوات نامية متطلعة للتو قد بدت رؤوس نباتها فوق الأرض...

فإذا هي بالفعل تقول لي: ما نفعل بمدرسة تكدس في رياض أطفالها الصغار كما تكدس المصانع أعواد (الكبريت) في علبة صغيرة...؟ الكبريت حين الاحتكاك يشتعل والصغار تحترق طاقاتهم وتموت مواهبهم... ولا يجدون متنفساً لأن يصغوا أو يحاوروا أو يسألوا...

قلت لها: حين تختنق الأسئلة في صدورهم فإنه لا محالة سجن ليست تخرج منه الأرواح إلا عليلة...

قالت: هلمي فاحملي على قلمك واكتبي عن رياض الأطفال علب الكبريت...

ومن ثم تخيلي كيف يكون وضع الأطفال عندما يزداد بارود الثقاب بمعلمات لا إنسانيات؟

قلت: كيف...؟

قالت: همهن إنهاء الدروس في وقت الحصة وليس من شأنهن رعاية النفوس فيها...

لا تراعي ألسنتهن اختيار اللفظ الحسن حين يؤدبن ولا الإجابة الرحبة حين يُسألن...

قلت لها: في وجه آخر لعلبة الثقاب التي تتحدثين عنها كانت سلوى معلمة روضة الأطفال في جامعة الملك سعود تحدثني بالأمس بما يسر إذ عقدت لهن ندوة عن كيفية توجيه الصغار للأخطار فتسارعت كل منهن لذهنها كي تشحذه بفكرة... ويعملن على مواجهة احتياجات الطفولة...

صديقتي تنهدت...

كانت تتلمس ريحاً لنار الثقاب الذي يصطلي الصغار في علبة الروضة التي تعمل فيها...

أغلقت الهاتف وأنا بين نارها وجنة رياض جامعة الملك سعود...



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد