Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/11/2007 G Issue 12830
محليــات
الاربعاء 04 ذو القعدة 1428   العدد  12830
أنت
القبيلة والدولة(2)
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

القبلية التي يمكن أن تكون أحد مثالب مجتمعنا السعودي إذا تعصبت يمكن أن تلعب دوراً في مد جسور الثقة مع الأقليات الطائفية.. فبروز الهوية المذهبية أو حتى القبلية والجغرافية يمكن أن يكون عاملاً سلبياً للتنافر مع الآخر والتضاد معه.. وربما يتحول إلى مكون للتمرد والقلاقل.. أو حتى وسيلة يستغلها الأعداء للتدخل الخارجي.. هذا إذا لم تتدخل الدولة وتخلق هوية وطنية عليا تحيد التأثيرات الاجتماعية أو السياسية للهويات الفرعية.. وتحول هذه الهويات إلى حالة من التنوع والإثراء للطيف المجتمعي المكون للمجتمع الكبير للدولة.. عليه فليس المطلوب إذابة الهويات المكونة لمجتمع الدولة وصهرها في قالب واحد وشكل واحد.. فهذا معناه طغيان أقلية على أخرى وليس التكامل.. فالتنوع المذهبي أو العرقي يعتبر عمقاً للدولة له إيجابياته الظاهرة وليس تهديداً لها إلا في حالة أن تكون تلك الأقليات مضطهدة فهذا مكمن الخطر.

العلاقة بين الدولة ومواطنيها يفترض أن ترتكز على محاور.. محورها الأفقي يقوم على المساواة بين أطياف المجتمع العرقية والمذهبية والمناطقية وتكون نتيجته تضامن اجتماعي ووحدة اجتماعية يجمعها الولاء للدولة.. ومحور رأسي يتيح للكفاءات من المواطنين البروز والرقي دون تأثير مذهبي أو عرقي أو مناطقي سواء في قمعها أو إبرازها وبالتالي إعاقة التراتبية القائمة على الكفاءة.. فالإخلال بالمساواة في المواطنة سوف تكون نتيجته الحتمية عنيفة وغير متوقعة.. أما الإخلال بالمساواة في بروز الكفاءة فإن نتيجته المتوقعة هي الانسحاب وضعف الولاء الوطني.

مهمة الدولة إذاً أن تبحث دائماً عن آلية اتصال مع مواطنيها كافة بحيث تستطيع أن تستحث الشعور الوطني.. لأن المواطن الذي كان يتلقى ثقافته من مجتمعه وكتابه ومعلمه أصبح الآن يتلقى ثقافته من فضائيات بعضها معادٍ لمجتمعه وبعضها الآخر ساذج وسطحي يثير في العوام النعرات التاريخية.. ولا يجب ترك المواطن فريسة للأهواء الخارجية فالمواطنة تعني الأحقية بالرعاية والتوجيه.

كما أن الانتماءات القبلية والمذهبية المختلفة لبعض الأقليات السعودية لا يعني خروجها من حظيرة المواطنة.. ورغم أن هناك من يستنكر كل أنواع الانتماء القبلي أو العرقي أو الحزبي أو الفكري أو الطائفي إلا أن هذا مخالف لطبيعة الأمور.. فالانتماء للعروبة دعم للانتماء الإسلامي وكلاهما دعم للانتماء الوطني السعودي.. المهم أن أعي كمواطن أن هذه الانتماءات لا تتعارض بل هي دوائر تتقاطع مع بعضها البعض في مساحات كبيرة منها.. فالإسلام والعروبة دائرتان متقاطعتان بل إن إحداهما تكاد تستغرق الأخرى بالكامل.ومن المتفق عليه أنه لا يمكن تأسيس علاقة مشتركة بين أقليات مذهبية أو عرقية إلا بالنظام المدني.. فلم يثبت حتى تاريخه أن هناك مثالاً واحداً على استيعاب جماعة سياسية أو إثنية أو مذهبية لجماعة أخرى.. فالصراع الديني أو العرقي دائماً ما يكون تناقضياً تضادياً تصادمياً وكثيراً من الأحيان دموياً.. وحتى يمكن خلق وحدة وطنية ناهضة ذات مشتركات إنسانية لا بد من أن يكون النظام الحاكم نظاماً مدنياً وقوانينه تتجاوز الأبعاد المذهبية أو العرقية إلى الأبعاد الأخلاقية والإنسانية.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5913 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد