Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/11/2007 G Issue 12830
الاقتصادية
الاربعاء 04 ذو القعدة 1428   العدد  12830
رؤية اقتصادية
يوسف الثنيان... ومعضلة صانع السوق (2-2)

أشرت في الجزء الأول من مقالي بالأمس إلى أن (الإمتاع والإبداع) هو الرابط الحقيقي بين صانع اللعب يوسف الثنيان وصانع السوق الذي طال انتظاره، وتظل الاحترافية والتميّز والإبداع هي الرابط الوثيق بين الثنيان وصانع السوق الذي يعد أحد اللاعبين الرئيسيين في (تشكيلة) سوق تداول، ويتميّز عن الآخرين بالمقدرة الفائقة على حفظ توازن السوق ضمن نطاقات سعرية مقبولة بعيداً عن الشطحات الحادة.

كما أن هناك صانعاً للعب وصانعاً للسوق فهناك أيضاً صانع السهم الذي يهتم بالمحافظة على سعر سهم معين ضمن الحدود الفنية المقبولة، وفي بعض الأسواق الخليجية تم الاتفاق رسمياً مع بيوت استثمار متخصصة من أجل حماية سعر سهم شركة بعينها بعد إدراجها في سوق التداول.

اعلم أن عنصر الإبداع والملاءة متوفران في بعض مضاربي سوق الأسهم السعودية، فهم خبراء في عمليات توجيه الأسواق المالية والسيطرة عليها، إلا أنهم يفتقرون إلى عنصر (الإمتاع المزدوج) وهو محاولة تحقيق الربح ومساعدة الآخرين على تحقيق الربح أيضاً، أو لجم خسائرهم على أقل تقدير، من خلال انضباطية السوق وتحركها وفق المؤشرات المنطقية، وعدم السماح لها بالجنوح نحو الهاوية في الاتجاهين، ما قد يدفع المتداولين إلى اتخاذ قرارات جماعية ارتجالية تحت ضغط النفسيات المضطربة. بعض خبراء المضاربة السعوديين يطبقون مقولة (أنا ومن بعدي الطوفان) أي أنهم يستخدمون صناعة السوق الاحترافية بأنانية خالصة، وبطرق تدليسية تفتقر النزاهة. يحققون من خلالها مجمل الأرباح ويحملون غالبية المتداولين خسائر السوق المتراكمة. كصانع اللعب الأناني الذي يمتع نفسه ويحجم عن إمتاع الآخرين، فلا يحقق الأهداف ولا ينال بركة مجهوده السخي وإن أبدع صنعته، ومصيره الزوال لا محالة. ولنا في سيناريو انهيار فبراير الكثير من العبر بدءاً من سحب السوق إلى قمتها الخيالية، ومن ثم إلقاؤها نحو القاع وتدمير أكثر من ثلثي المجتمع نتيجة خسائرهم المالية القاتلة.

كتبت، وآخرون، عن أهمية (صانع السوق) أكثر من مرة، منذ نهاية عام 2004 وقبل أن يلامس مؤشر الأسعار عشرة آلاف نقطة، وكان الهدف حينها لجم السوق من مواصلة ارتفاعاتها الحادة، وإحكام توازنها، وإبعادها عن حافة الهاوية، وإيجاد تناسق منطقي بين حجم السوق ومجمل الناتج المحلي، وهو ما ينفي عنا تهمة (عاطفية الطرح) التي اعتقدها بعض المختصين ممن يُنكرون أهمية وجود صانع السوق، ويستغربونها في الوقت الذي يعتبرها خبراء المال الغربيين أحد أهم أدوات الأسواق المالية الفاعلة. وها نحن نعيد الكتابة والمطالبة بإيجاد صانع السوق الرسمي الذي يمكن أن يكون صمام الأمان لأكبر الأسواق المالية الناشئة في المنطقة.

بقي أن أشير إلى أن بعض مناهج (المعهد المصرفي) التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي تتحدث بوضوح عن (صانع السوق، الرسمي، أو المتطوع) وأهميته في المحافظة على استقرار الأسواق وتوازنها، فهل يسمح هذا باتهام المعهد المصرفي (بعاطفية الطرح) التعليمي في مناهجه المتخصصة؟!

فضل بن سعد البوعينين


f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد