الجزيرة - فيصل الحميد
كشف جمال شهاب وزير العدل والشؤون الاجتماعية الكويتي الأحد الماضي عن أن حقيبته تدرس إلغاء نظام الكفيل في إطار خطة عمل لتصحيح أوضاع العمالة الوافدة في بلاده، موضحاً أن هناك منظومة عمل متكاملة لتصحيح أوضاع العمالة وقطاع العمل في الكويت.
وأوضح شهاب أن هناك العديد من الأفكار والاقتراحات التي طُرحت من قِبل العديد من الاختصاصيين في قطاع العمل تتعلق بإلغاء نظام الكفيل واستحداث أساليب جديدة من أجل نقلة نوعية في هذا القطاع للقضاء على السلبيات.
كما كشف وزير العمل البحريني، الدكتور مجيد بن محسن العلوي بأن بلاده ستخطو بداية العام المقبل خطوة كبيرة بإلغاء نظام الكفيل بعد أن يطرح للحوار الوطني.. وقال إن هيئة تنظيم سوق العمل ستتكفل بهذه الخطوة وإن الدولة ستكون الكفيل الوحيد وستُنشأ شركة مشتركة مع القطاع الخاص تتولى مهمة جلب العمالة وتشغيلها وستعطيها فرصة البحث عن عمل.
وكان ممثل منظمة العمل الدولية لدى الكويت ثابت الهارون قد أكد أن المنظمة ترى أن نظام الكفيل المعمول به في قطاع العمل لم يعد مقبولاً الاستمرار فيه، مشيراً إلى أن هذا النظام يسبب مشاكل عديدة لدول الخليج ويسيء إلى سمعتها.
ومن جهته أنهى خبير منظمة العمل الدولية في الكويت مؤخراً دراسة حول إيجاد بدائل لنظام الكفيل، ذكر فيها وجود انتهاكات واضحة وقيوداً مفروضة وإشكالات قانونية تتعارض مع معايير العمل الدولية واتفاقيات العمل وبخاصة للعمالة المهاجرة وسوء الاستغلال الذي تتعرض له.
وفي نفس الوقت فإن الدراسة لا تطرح إلغاء فورياً لنظام الكفيل إلا بعد صدور تشريعات منظمة واتخاذ إجراءات وإصلاحات عاجلة تفضي في النهاية إلى إلغاء النظام.
وما ينطبق على الكويت لا يختلف كثيراً عن شقيقتها الكبرى المملكة أو باقي دول الخليج فقد انتقدت منظمة العمل الدولية استمرار دول الخليج في تطبيق (نظام الكفيل) في التعاقد مع العمالة الأجنبية، وقالت إن الكفيل يتحكم في كافة أمور العامل (المكفول) على ذمته طوال فترة تواجده في البلاد، وقالت إن هذا الأمر يتنافى مع الاتفاقيات والتوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية.. مشيرة إلى أن هذا النظام يساعد أيضاً على إلحاق أضرار بالغة بالاقتصاديات الخليجية، نظراً لأنه يتسبب في زيادة أعداد العمالة الهامشية وغير المطلوبة في أسواق العمل الخليجية بسبب جشع تجار الإقامات الذين يجلبون عمالة إلى أسواق العمل لا تحتاج إليها لمجرد تحقيق أرباح مالية لهم جراء الحصول على مبالغ مالية مقابل الإقامات.
كما دعت دراسة أجراها فريق بحثي من إمارة منطقة المدينة المنورة إلى إلغاء نظام الكفالة المعمول به حالياً.. وقالت إن النظام لم يقنن الاستقدام من العمالة بل العكس ساهم في ظهور المتاجرة بالتأشيرات الوهمية أو التستر التجاري بمقابل سنوي يدفعه العامل للكفيل لأجل أن يتركه يعمل بعيداً عن كفالته إضافة إلى انتشار ظاهرة العمالة السائبة.
وطرح الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن السلطان رأياً في ما يتعلق بإلغاء نظام الكفيل كأحد الحلول لنجاح السعودة.. وقال إن إعادة النظر في نظام الكفيل الحالي بما يسمح بتحرير سوق العمل بصورة ترفع من معدلات أجور العمالة الأجنبية إلى المستويات التي يمليها توازن العرض والطلب في سوق العمل السعودية.
فاستمرار تدني أجور العمالة الأجنبية يعود إلى استقدامها بأجور تزيد على مستوى أجورها في بلدانها لكنها تقل كثيراً عن مستوى الأجر المناسب وفق معطيات سوق العمل السعودية، ونظام الكفيل بصورته الحالية يجعل من المستحيل على العامل المستقدم الحصول على أجره المناسب وفق توازن قوى العرض والطلب في سوق العمل، فلكفيله كامل الحق في إجباره على القبول بالأجر الذي أملي عليه عند استقدامه وإلا تمَّ ترحيله.. وهذا الوضع أجبر العامل الأجنبي على الاستمرار في قبول أجر يقل كثيراً عن أجره العادل في سوق العمل، ولو أتيحت له الحرية في الانتقال إلى عمل آخر لما تردد في ذلك ولحصل في الغالب على أجر أكبر بكثير.. ما يعني أن نظام الكفيل بوضعه الحالي يلعب دوراً مهماً في تضييق فرص العمل أمام العمالة السعودية من خلال إجبار العمالة الأجنبية على القبول بأجور متدنية توسع الهوة بين مستوى الأجر الذي يقبل به العامل السعودي ومستوى أجور العمالة الأجنبية، ما يزيد من جاذبية توظيفها ويقلل من فرص العمل المتاحة للعمالة المواطنة في القطاع الخاص.
وإلغاء الكفالة في المملكة سبق تناوله في أكثر من مناسبة أظهرت أن الدولة لديها التوجه لذلك عندما قال ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز في تصريح عام 2000 الذي تناولته ونشرته وسائل الإعلام إن (نظام الكفيل ملغى على كل حال، ولكن طريقة إلغائه ستصدر قريباً).
وأتبعه منتصف عام 2002 وزير الداخلية سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز بقوله: (إن الوزارة بصدد دراسة إنشاء شركات قد تكون أكثر من شركة في مناطق المملكة من أجل استقدام العمالة وستحمل أعباء كثيرة عن الكفالة وفي نفس الوقت تؤمّن العمل لفترات محدودة سواء بالنسبة للشركات أو المؤسسات أو الأسواق أو الأفراد في المنازل وستكون هذه الشركات هي المسئولة عن المستقدمين لكل أعمالهم ويسهل على المواطن إيجاد حاجته بدون أن يستقدم أحداً أو يتحمَّل مسؤوليات أخرى).
وقد يدعم هذا التوجه انضمام المملكة لاتفاقية منظمة التجارة العالمية.. وهناك داعم آخر وهو نظام الكفيل وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود لم يتكفل الكفيل بحماية الوطن من عبث كثير من العمالة التي تظهرها الحملات والجولات التفتيشية التي نقرؤها ونسمعها كل يوم.