«الجزيرة» - فيصل الحميد
تشهد مهنة العلاقات العامة في منطقة الشرق الأوسط حالياً مرحلة متقدمة من النضج على صعيد الفكر والتنفيذ، وقد بدأت مؤسسات القطاعين العام والخاص فعلياً التنبه إلى أن قيمة صناعة العلاقات العامة تكمن في القيم التي تحملها والأثر البيّن الذي تتركه هذه القيم في خلق علاقات ودية بين جمهورها في الداخل والخارج، بل وازدياد حاجتهم إليها لمواكبة التطور الذي يشهده أداء مؤسساتهم، وتنامي اهتمامها بالتخصص في شتى مجالاتها.
وقد أصبح المديرون والمسئولون يدركون حجم التحديات المتزايدة التي تواجه أعمالهم، وأن الوقت قد حان لانتهاج سياسات تأخذ بعين الاعتبار مختلف المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تتعلق بتلك الأعمال بحيث يصبح بإمكانهم التحكم في بيئة العمل بشكل احترافي وعلمي متخصص، وتحقيق أقصى درجات التفاهم والتأييد والمشاركة مع من تتعامل أو يمكن أن تتعامل معهم، ولعل هذا الوعي بمدى أهمية العلاقات العامة هو ما قاد معدل نمو هذا النشاط بالمملكة إلى الارتفاع بنسبة نمو تُقدر بحوالي 25 - 30%.
ويقول محمد العايد، الرئيس التنفيذي للشركة العربية لتنظيم المؤتمرات: (مراعاة القيم والمعايير الاجتماعية والقوانين والأخلاق العامة بالمجتمع باتت تجسد عنصراً بالغ الأهمية وشرطاً أساسياً لضمان نجاح برامج العلاقات العامة وتحقيق الأهداف المرسومة لها، فالعلاقات العامة كما في قاموس أكسفورد هي (الفن القائم على أسس علمية لبحث أنسب طرق التعامل الناجحة المتبادلة بين المنظمة وجمهورها الداخلي والخارجي لتحقيق أهدافها مع مراعاة القيم والمعايير الاجتماعية والقوانين والأخلاق العامة بالمجتمع)، فهذا المجال الفني يمارسه أكثر من 5.000 ما بين متخصص وعامل على مستوى المملكة، كلهم يسعون إلى تكوين صورة إيجابية لمؤسستهم الاجتماعية في أذهان القائمين عليها وأذهان أولئك المستفيدين من خدماتها أو منتجاتها أيضاً).
وهذا ما سيركز عليه ملتقى آفاق العلاقات العامة 2007 الذي تنظمه الشركة للعام الثالث على التوالي تحت شعار: (قيمة وقيم) في شهر نوفمبر القادم، حيث يؤمن المشاركون فيه بأن مستقبل صناعة العلاقات العامة يعتمد على مدى الاستفادة من قيمتها والامتثال للقيم التي تمثلها.
ويؤكد محمد العايد أن الملتقى يهدف إلى دعم وتطوير مهارات العلاقات العامة المبتكرة والفاعلة من خلال استعراض بعض الدراسات لعدد من الخبراء في هذا المجال، وأنه سيناقش عدداً من القضايا الهامة ذات الصلة بقيم العلاقات العامة في عالم الأعمال والشركات، وسيبرز في الوقت نفسه حقيقة أن هذه القيم تلعب في الوقت الحالي دوراً حيوياً رائداً في إبراز قيمة برامج العلاقات العامة في العديد من شركات القطاعين الخاص والعام.
وسيناقش الملتقى موضوعات هي من واقع وصُلب صناعة العلاقات العامة، لكن الجمهور اعتاد على استقبالها من جهات لا علاقة لها بهذه الصناعة مثل الجمعيات الخيرية أو دوائر العلاقات العامة بالمؤسسات الحكومية أو الخاصة، وليس من قبل كيانات متخصصة في هذا المجال، ولعل من أهم هذه الموضوعات المطروحة (الحملة التوعوية)، التي تستمر في اكتساب أهميتها بفضل القيم التي تدعو إليها أو المحاذير التي تدعو إلى تجنبها، ومدى اتصال هذه القيم والمحاذير بمحددات التفكير لدى أفراد المجتمع ولمسها لعواطفهم.
وبالرغم من أنه لم يتم تنفيذ حملة توعوية من قبل عن أهمية برامج العلاقات العامة، فإن الحملات التوعوية هي من أنجح أساليب العلاقات العامة وأفضل الطرق لترسيخ فكرة أو اعتقاد ما مرتبط بقضية معينة، وفي المقابل، تصحيح كل ما يتعلق بهذه القضية من اعتقادات غير صحيحة أو ممارسات خاطئة.
ويختتم العايد: (يساهم جميع العاملين لدى أي مؤسسة في تكوين الصورة الذهنية الإيجابية والانطباع الجيد عن مؤسساتهم، لذلك لا بدّ لكل مؤسسة أن تبدأ بتحسين علاقاتها مع الجمهور الداخلي حتى تستطيع تكوين علاقات جيدة مع الجمهور الخارجي، ونحن، ومن خلال ملتقانا هذا العام، نستقطب أكثر من 400 ممارس ومهتم في هذا المجال، لنعمل معاً على تحقيق الوعي بهذا المبدأ وتطبيقه بالشكل الصحيح للنهوض بواقع العلاقات العامة بالمملكة وتعزيز ثقة المؤسسات المختلفة ببرامجها لإنجاز الأهداف التي تصبو إلى تحقيقها).
وسيعمل 24 متحدثاً رئيسياً خلال الملتقى على توفير بيئة مناسبة للمتخصصين والعاملين في مجالات العلاقات العامة، وبالتالي تكوين علاقات إستراتيجية ومهنية مع جمهورهم المستهدف، كما سيناقشون كيفية زيادة الوعي لأهمية العلاقات العامة في المنطقة.