الرياض - عبد الله الحصان
شهدت أسعار الذهب خلال الفترة القليلة الماضية ارتفاعات هي الأكبر من نوعها منذ حرب العراقية الإيرانية عام 1980م، حيث وصل سعر الأوقية الواحدة قرابة 770 دولاراً .
وجاءت هذه الارتفاعات نتيجة لعدة عوامل من أهمها الاضطرابات السياسية وانخفاض الدولار مقابل ارتفاع العملات الأخرى كاليورو والإسترليني بالإضافة لمسببات أخرى كقلة المعروض ونقص الإنتاج وذلك بسبب توقف بعض الدول المنتجة عن طرح إنتاجها في الأسواق مما أدى إلى نقص في الكمية المعروضة، إضافة لارتفاع الطلب العالمي مؤخراً وتنامي طلب صناديق الاستثمار على شراء الذهب، والمضاربات العالمية في بورصة الذهب كون الصناديق الادخارية العالمية أصبحت تضم الذهب داخل محفظتها الاستثمارية وبالتالي يتم شراء كميات كبيرة منه عند إنشاء الصناديق الأمر الذي ساهم في ارتفاع الأسعار.
حيث شهدت أسعار الذهب خلال العقدين والنصف الأخيرين عدة متغيرات سعرية فمنذ عام 1979 إلى عام 1999 بلغ متوسط السعر الأدنى السنوي للذهب قرابة 339 دولاراً للأوقية، ومنذ عام 1989 إلى عام 1999م بلغ متوسط السعر السنوي للذهب 386 دولاراً للأوقية، أما في عام 1979 إلى 1999 فبلغ متوسط السعر الأعلى السنوي للذهب 455 دولاراً للأوقية، بينما تجاوز سعره 400 دولاراً نهاية العام 2000م وفي عام 2001 م شهدت الأسعار انخفاضاً جديدا حيث وصل سعر الأوقية لقرابة 270 دولاراً، كما شهد نفس العام استقرار سعري للذهب، قبل أن ترتفع الأسعار خلال الربع الثالث من عام 2007 م لأكثر من الضعف وبسعر 770 دولاراً للأوقية.
ونسب تقرير حصلت عليه الجزيرة هذه الارتفاعات لعدة عوامل تاريخية كحرب العراق وما تبعها من متغيرات سياسية واقتصادية بالإضافة لتراجع الدولار مقابل العملات الرئيسية كون سعر الذهب يرتبط بثقل وقوة الدولار كعملة احتياطية عالمية، حيث تؤدي قوتها لخفض قيمة الذهب والعكس كذلك، وبالنظر إلى ارتفاع العجز التجاري وزيادة حجم الواردات، وعدم استقرار سوق الأسهم في الآونة الأخيرة، فمن الممكن أن يفقد الدولار قوته وسيعود استمرار هبوط الدولار بالفائدة على الذهب من جانبين هما أولا: نظراً إلى تسعيرة الذهب بالدولار فإن سعره سيزيد عند انخفاض الدولار.
ثانياً: عندما تهبط قيمة الدولار، فإن الاستثمارات الأجنبية في الأسهم والسندات الأمريكية ستهبط مما يكون له أثر سلبي على تلك الأسواق، وسيعزز ذلك بطريقة غير مباشرة نمو الطلب على الذهب للأغراض الاستثمارية.
بالإضافة لتزايد العجز في الميزان التجاري والذي يعد من أخطر المشاكل التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، فقد وصل عجز الميزان التجاري إلى مستويات خيالية لا أحد يعلم ما هية الآثار التي قد تترتب عليه، وأضاف التقرير أنه من الممكن أن يؤدي العجز إلى الرجوع للأساليب الحمائية للإنتاج الوطني وبيع سندات الخزينة الأمريكية وغيرها من الأسهم الأمريكية بأسعار متدنية، وانخفاض حاد في قيمة الدولار، ويبرز هنا دور الذهب في الحماية من الخسائر المترتبة على هذه السيناريوهات الثلاثة.
كما أن زيادة الديون الأمريكية الخاصة هي الأخرى تسببت في ارتفاع أسعار الذهب فعلى الرغم من تباهي السياسيين في واشنطن بالصورة المشرفة للديون الفيدرالية فإن الديون الاستهلاكية للولايات المتحدة وصلت إلى مستويات قياسية قد تؤدي مستقبلاً لتدمير الاقتصاد، فالارتفاع المستمر في الديون الخاصة ببطاقات الاعتماد عن مستواها المألوف وانخفاض الأسهم المحلية على الرغم من الزيادة في حيازتها محلياً وتزايد حالات الإفلاس تزيد بسرعة قياسية، ويمكن ان تؤدي إلى اضطرابات أكثر في سوق الأسهم وزيادة في الطلب على الذهب.
أما من جانب الاضطرابات العالمية وعدم الاستقرار العالمي فقال التقرير إنها هي الأخرى تؤدي لعدم استقرار الأسعار وارتفاع الطلب على الذهب.