قد تفرض الظروف العملية للكاتب أن يكون بعيداً، وقد يتسبب ذلك في عدم متابعة وتغطية بعض الأحداث في وقتها، إلا أن أهمية وجدوى بعض تلك الأحداث قد تشفع للكاتب التطرق لها ولو بعد حين.
ففي يوم الثلاثاء، الثالث عشر من شهر رمضان المبارك 1428هـ وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الدعوة لاجتماع مشترك احتضنته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، شارك فيه كل من أعضاء مجلس إدارة الهيئة ومجلس منطقة الرياض والمجلس البلدي ومجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بحضور نخبة كبيرة من رجال الأعمال والإعلاميين.
وقد قصد سلمان بن عبدالعزيز في هذا الاجتماع المشترك أن يكون رجال الأعمال على علم بكافة المشاريع والفرص الاستثمارية التي سيتم طرحها في العاصمة السعودية، مؤكداً سموه في ذلك حرص الدولة على تهيئة كافة التسهيلات والإمكانات لهم، وباختصار لقد قصد أميرنا المحبوب من الدعوة لهذا الاجتماع المشترك أن يضع رجال الأعمال أمام تصور حقيقي لحجم الفرص الاستثمارية الواقعية والمتاحة لهم في مدينة الرياض.
بهذه الدعوة للاجتماع المشترك مع رجال القطاع الخاص لبحث الفرص الاستثمارية الواعدة في رياضنا الحبيب، يؤكد لنا سلمان بن عبدالعزيز مرة أخرى بأنه ليس حاكماً إدارياً وقائداً سياسياً محنكاً فحسب وإنما هو صاحب فكر اقتصادي ونهج تخطيطي أيضاً، فسموه بهذه الدعوة لرجال القطاع الخاص إنما يؤسس فكراً ومنهجاً إدارياً جديداً ينطلق فيه سموه من إيمانه التام بأن صنع التنمية السعودية الحديثة لا يمكن أن يقوم إلا بالمشاركة الفاعلة بين القطاعين الحكومي والأهلي على حد سواء، كما أن دعوة سموه لرجال الأعمال للمشاركة في ذلك الاجتماع المشترك إنما هو منعطف منهجي جديد في إدارة دفة المشاريع الحضرية والتنموية في مدينة الرياض، تقوم أهم ركائزه على تكاتف جهود القطاعين العام والأهلي.
فقد جرت العادة أن تتولى الأجهزة الحكومية وضع كافة الرؤى والسياسات والخطط التنموية، في حين يقتصر دور رجال القطاع الخاص على تلقي ما تضمنته تلك الخطط والسياسات ومحاولة الاستفادة منها، وما من شك أن ذلك قد يوجد فجوة بين الجانب التخطيطي (من قبل أجهزة الدولة) والجانب التنفيذي لتلك الخطط (من قبل القطاع الخاص) مما قد يعيق الطموح المراد تحقيقه من قبل الدولة من تلك السياسات والخطط التنموية، ومن هنا يأتي تميز سلمان بن عبدالعزيز كما هي عادته بمبادرته بدعوة رجال القطاع الخاص للمشاركة ابتداءً في صنع الفرص الاستثمارية ورسم الخطط التنموية لعاصمتنا السعودية.
ولقد جاءت دعوة سلمان بن عبدالعزيز لرجال القطاع الأهلي للمشاركة في هذا الاجتماع المشترك تمشياً مع توجه الدولة وما تضمنته الخطة التنموية الخامسة التي جعلت القطاع الخاص لاعباً أساسياً في صنع التنمية السعودية، كما أن هذا النهج الإداري لسموه إنما يعبر عن قناعة سموه بما تفرضه علينا المعطيات المرحلية للاقتصاد الوطني التي تتطلب مشاركة فاعلة من قبل القطاع الخاص، ولذا فإننا نثني على هذا النهج لسموه وندعو كافة أجهزة الدولة أن تحذو حذوه.
ختاماً، إذا كان أميرنا المحبوب قد رسم للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض منذ إنشائها منهجاً تخطيطياً استراتيجياً متميزاً فإن سموه بهذا الاجتماع المشترك الذي جمع فيه رجال القطاعين الحكومي والأهلي يكون قد أضفى فكراً اقتصادياً ومنهجاً إدارياً ستنعكس آثاره الإيجابية على عملية صنع التنمية الحضارية لعاصمتنا السعودية وبالتالي لا غرابة أن تتبوأ عاصمتنا الرياض مكانتها ضمن العواصم العالمية المتقدمة.
dralsaleh@yahoo.com