العيد شكر لله على إتمام العبادة، شكر يقوله المؤمن بلسانه ويعيش في داخله رضا واطمئناناً، ويظهر في علانيته فرحاً وابتهاجاً. العيد يوم تلتقي فيه قوة الغنيِّ وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالة من وحي السماء، عُنْوانُها زكاةُ الفطر، والإحسانُ إلى المسلمين، والتَّوسعةُ عليهم. العيد قطعة من الزمن خُصِّصَت لنسيانِ الهموم والأحزان، والتغاضي عن الأخطاء والزلات. العيد يومُ الأطفالِ يفيض عليهم بالفرح والمرح، ويوم الفقراءِ يلقاهم باليُسر والسعة، ويومُ الأرحامِ يجمعها على البر والصلة، ويومُ المسلمينَ يجمعهم على التسامح والتزاور، ويومُ الأصدقاءِ يجدِّد فيهم أواصرَ الحب، ودواعي القرب، ويومُ النفوس الكريمة. العيد في الإسلام: سكينةٌ ووقارٌ، وتعظيمٌ للواحد القهار، وبعدٌ عن أسباب الهلكة ودخول النار. والعيد ميدان استباقٍ إلى الخيرات، ومجال منافسةٍ في المَكْرُمَات، ومن ذلك الابتسامة في وجوه الآخرين.
والابتسامة هي مبتدأ الضحك وهي انفراج الفم بلا صوت، قال تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا..}، قال الزجاج: التبسم أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقال تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}، قال ابن عباس رضي الله عنهما أي خلق في الإنسان الضحك والبكاء، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق)، وعن جرير رضي الله عنه قال: ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي، وفي الحديث: (تبسمك في وجهه أخيك صدقة)، وعن عبدالله بن الحارث رضي الله عنه قال: (ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ابتسامة الرياضي
إن النتيجة الطبيعية لأي منافسة رياضية بين طرفين (فريقين) هي فوز أو خسارة وإن انتهت بالتعادل؛ لأن هذا التعادل هو بمثابة خسارة لأحد الطرفين وكسب للآخر. وكذلك الأمر في شؤون الحياة اليومية فوز وخسارة، نجاح وفشل، صحة ومرض. وبقدر ما يعمل المرء بقدر ما يحقق النتيجة التي تتناسب ومقدار عمله، وربما كانت نظرته إلى المردود نسبية. وبقدر إيمانه بالنتيجة الحتمية لأي عمل وربطه لما يتحقق بإيمانه العميق بالله سبحانه وتعالى وبقضائه وقدره، بقدر ما تكون ردة فعله على هذه النتيجة وهذا الحدث، وتعامله معه! كما أن ردة الفعل هذه ترتبط ارتباطاً وثيقاً وكبيراً بنظرته المسبقة للحدث وقراءته له بمنظور شمولي يأخذ في الاعتبار استعداده النفسي الذي ينعكس على كيفية تعامله معه أثناء معايشته!
وقديماً قالوا ولا نزال نقول: (ابتسم عند الهزيمة وتواضع عند النصر)، فكانت هذه هي الحقيقة الأولى والأساس في منهج المنافسة، وليست نظرية قابلة للجدل. فالابتسامة من شأنها أن تمتص غضب المنافس، كما يطفئ الماء لهيب النار المتأججة! ومن هنا فإن ابتسامة الرياضي من وجهة نظري هي المسمار في نعش قانون الفعل ورد الفعل لدى أينشتاين عند تطبيقه في مجال المنافسة الرياضية. يقول أينشتاين: (لكل فعل رد فعل مساو في المقدار ومضاد له في الاتجاه)!
ومن زاوية أخرى فإن للرياضيين محبة في نفوس كثير من الناس - وخصوصاً الشباب والأطفال - ومن الحكمة والفطنة وقبل ذلك السعي لكسب الحسنات من ربنا عز وجل أن يستثمر الرياضيون هذه المحبة في رسم الابتسامة في وجوه الآخرين - وخصوصاً من يحتاجون إليها - لذا فما أجمل ما فعله بعض الرياضيين من زيارة للأيتام في جمعية رعاية الأيتام (إنسان) والابتسامة في وجوههم وتقديم الهدايا لهم، فلقد رسمت تلك الابتسامة الرياضية ابتسامة جميلة في وجوه الأيتام. وما أجمل أن يستثمر الرياضيون وتستثمر الأندية الرياضية مناسبة عيد الفطر في رسم الابتسامة في وجوه الآخرين وكسب قلوبهم، وذلك من خلال:
(1) زيارة المسؤولين وأعيان البلد والوجهاء وتهنئتهم بهذه المناسبة السعيدة.
(2) زيارة المرضى في المستشفيات والسلام وعليهم وتهنئتهم بالعيد وتقديم الهدايا لهم.
(3) زيارة طلاب الدور الاجتماعية ? الأيتام والتربية والملاحظة وغيرها - وتهنئتهم بالعيد وتقديم هدايا العيد لهم ورفع معنوياتهم بمستقبل زاهر.
(4) مشاركة الناس مناسباتهم واحتفالاتهم الاجتماعية والرسمية، ومقابلة من يريد اللقاء والمقابلة والبشاشة في وجهه.
(5) تبادل التهاني والتبريكات مع الآخرين بجميع وسائل الاتصالات الممكنة ? البرقية والفاكس والهاتف وغيرها.
(6) وضع لوحات التهنئة بمناسبة العيد في الأماكن العامة.
أخيراً: لنطهّر قلوبنا ونحسن الظن ونتفاءل بالخير، ونجرّب أن تبتسم في أيام عيد الفطر المبارك في وجوه من يقابلوننا وسنرى أنهم جميعاً يبتسمون في وجوهنا، بل سنجد أن الدنيا كلها تبتسم في وجوهنا، وسنشعر في هذا العيد المبارك بسعادة مختلفة تغمر جميع جوارحنا.
عضو مجلس إدارة نادي الشعلة