سعادة الأخ الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
يسعدني ويشرفني تهنئتكم وصحيفتنا (الجزيرة) الغراء على النجاح الباهر لدخولها عقول الجميع، فلقد حازت على رضى واحترام الجميع على تعدد مشاربهم وثقافاتهم.
أخي العزيز أثار شجوني زميلي الأخ عبدالله بن عبدالعزيز الضويحي في موضوعه الذي نشر بصحيفة (الجزيرة) يوم الأحد 20-8- 1428ه العدد (12757) وراق الجزيرة بعنوان(من تاريخ طريق الحجاز القديم -طريق الملك عبدالعزيز سابقاً).
وحيث إنني ممن عاصروا هذا الطريق وتلك الحقبة ولدي اهتمامات بالتاريخ والجغرافيا خصوصاً فيما يتعلق بتأسيس وتوحيد هذا الكيان، فإنه يسعدني اطلاع القارئ الكريم على طريق سيره - سير الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله- لأقول: إن الذي يخرج من الرياض متجهاً للغرب سالكاً هذا الطريق الأثري القديم والذي يسلكه جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في ذهابه وإيابه من الرياض إلى مكة المكرمة، فإنه يخرج من الرياض عن طريق المعذر، ثم الجبيلة وفيها مركز للشرطة في ذلك الحين لتسجيل السيارات والركاب وبجوار المركز المذكور بئر جميلة الشكل يتزود المسافرون بالماء منها. ولدي صور لها وللمركز الذي بجواره دكاكين صغيرة يباع فيها الحطب والمتوفر من التموين (أخذت صور هذه الأماكن منذ أكثر من 40 عاماًً)، ثم العيينة، ثم الحيية وفيها مكان به أشجار وارفة يسمى الخُمَر (بضم الخاء وفتح الميم) مكان قيلولة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وبجواره محل لعائلته الكريمة، وفي قرب هذا المكان إحدى علامات اتجاه الطرق وهو عبارة عن بناء مربع الشكل من الحصى والجص، ثم سبع الملاف وهي عبارة عن سبعة ملفات بارتفاع وضيف في أثناء عبورها، وعلى الداخل لها من السيارات القديمة من الغرب إلى الشرق يقوم المساعد أو أحد المرافقين للسائق بالوقوف في نهاية اللفة السابعة من الشرق ليمنع دخول السيارات القادمة من الشرق حتى تخرج السيارة الآتية من الغرب؛ لأنه لا يتسع لمرور سيارتين في آن واحد، كما أن على المرافقين للسائق أن يأخذ بعضهم الحصى لوضعها تحت العجلات حتى لا تعود إلى الخلف وحتى تخرج من اللفة السابعة الشرقية باتجاه الرياض.
كما أنه في عرف السائقين أن السيارة الآتية من الحجاز لها الأفضلية في دخول سبع الملاف؛ لأنها في العادة محملة بالبضائع، ثم أوبحيش وهو صغار النخل الذي نبت من النوى الذي يسقط من المسافرين وفيه بئر عذبة، ثم الميركة وهي طلعة مرتفعة يحسب لها السائقون مع سياراتهم القديمة ألف حساب، ثم الميركة الثانية وهي أقل ارتفاعاً من الأولى، ثم صبخا العويند والعويند فيها بئر، وهذه الصبخة في وقت الأمطار يعتبر السائق اجتيازها نصراً له ولسيارته.
ويحضرني قصة رواها لي أحد المواطنين وهو الشيخ سعد بن عبدالرحمن المجلي -رحمه الله- قال: أتى الأمير فيصل بن عبدالعزيز الملك فيما بعد وغرست سيارته في هذه الصبخة فطلب من أمير مرات ابن عمران إرسال رجال لإخراج السيارة، فكلفني أنا وعبدالعزيز بن إبراهيم بن عبدالمحسن بن دايل وآخرين، فلما وصلنا وجدنا الملك فيصل جالساً، فسلمنا عليه فقال رحمه الله: (همتكم يالنشاما) فأخرجنا السيارة، وطلب منا أحد المسؤولين معه مرافقتهم حتى الرياض خوفاً من تغريز السيارات التي معه وعندما وصلنا الرياض كافأنا رحمه الله رحمة واسعة.
ثم يمرون بمحاذاة البرة والضعينة وهو جبل صغير، ثم عريض، ثم روضة طريف الحبل المسماة عريق البلدان، ثم مدينة مرات وفيها قصر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ولا يزال مكان مخيمه ومخيم عائلته الكريمة موجوداً ومعروفاً حتى الآن، بحيث يجلس في مرات للراحة من ثلاثة إلى أربعة أيام يستقبل الوفود والمواطنين والمهنئين وذوي الحاجة من معظم مناطق المملكة، (وذكر ذلك في عدة مصادر منها الرحلة الملكية، وأمين الريحاني في كتاب تاريخ نجد الحديث وملحقاته، ورحلة الربيع لفؤاد شاكر)، وفي مرات مارد بئر المدرجية العذبة، ثم عبور قنيعذة من جهتها الشمالية، ثم عبور نفود السر، ثم خف والخفيفية وفيها موارد مياه، ثم شعيب القرنة، ثم الداودمي وفيها قصر الملك عبدالعزيز، ثم البيضتين ويشاهد على يسار الخارج من الدوادمي باتجاه الغرب جبل أبو دخن.
ثم وادي الرشا، ثم البجادية وبعدها على اليمين جبل خنوقة ويشاهد جبل ذريع جنوب البجادية، ثم وادي طينان، ثم القاعية ويشاهد جنوبها جبل النضادية الذي يتصل بجبال النير وعن يمين المسافر من القاعية جبال العرايس وفيها (رس ماء) يعني مارد صغير، ويشاهد المسافر قبل عفيف هضبة المعلق، ثم عفيف وكانت صغيرة جداً وفيها مارد، وبعد الخروج من عفيف تشاهد جبال خرْجة والأطولة، ثم يتجه الطريق مع وسط جبل المشف، ثم شعيب الأنسيات، ثم سجى من اليسار وفيه مارد، ثم الخضارة، ثم السليسية يقول فيها أحد الشعراء في شخص ترك السليسية للالتحاق بأرامكو:
لا والله اللي غدا السواق بمعزي
علق بسين البحر خلى السليسية
خلى شياهه تخاور مالها مزّي
والحجرة التي على الطاروق مبنية
ثم الدفينة وشعيبها، ويشاهد بعد الدفينة شمالاً جبال شفوا، وعردان، والحمَّة، وبعد مسافة يشاهد من الجنوب جبل ظلم والإكموم، قال بن بليهد (رحمه الله):
زين ركب الفرت لديار بعيدة
عندي أحلى من ركوب الموجفات
لا حصل سواق والعدة جديدة
والمكينة صوغ وا بعد المبات
يسرحن الصبح من خشم الغريدة
عقب اليكموم والممسى مرات
ثم المويه القديم وفيه قصر للملك عبدالعزيز -رحمه الله- ويقع شمال المويه في حرة المويه مارد كحلة وعلى اليسار جبل هكران، ثم شعيب قطان، ثم دغيبجة وفيها مارد، ثم ركبة وهي أرض منبسطة ممتدة يشاهد السراب فيها بكثرة ومسافتها طويلة لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا، ثم جبل أبرق على اليسار، وجبل رضوان، ثم عشيرة وفيها بئر وأشجار وارفة ومقاه لاستراحة المسافرين، ثم الاتجاه إلى مكة المكرمة مع الريع ويسمى المنحوت، ثم السيل الكبير، ثم بهيته، ولزيما، والشرايع حتى مكة المكرمة، وأحيط القارئ الكريم علماً أن سير طريق الحجاز القديم يلاحظ فيه أنه يمر بموارد المياه للتزود منها بعد معاناة طويلة مع الطرق البرية الترابية.
وليسمح لي سيدي سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض -حفظه الله- أن أنتهز فرصة هذا التعقيب لأنقل له رغبة كثير من المواطنين في سفلتة طريق رحلات المؤسس -يرحمه الله- من الرياض إلى الحجاز، ففي هذا إحياء لذكراه -طيب الله ثراه- ومعرفة عن كثب بما كان يُعانيه من هذه الطرق ووعورتها ووحشتها وقلة زادها أثناء تنقله وتفقده لوطنه ومواطنيه.
عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن دهيش - مرات
ص.ب(116) مرات 11933