عندما ترد على أسماعنا كلمة روشتة فسرعان ما يتبادر إلى أذهاننا الروشتة الطبية أي بمعنى الورقة التي يصف بها الطبيب العلاج لمريض أو معضلة ما قد تصيب أحدنا - لا سمح الله -، لكن هنا سنتحدث عن نوع آخر من الوصفات العلاجية، فالمريض والطبيب والعلاج مختلف، فمريضنا منظمات الأعمال والطبيب أو المشخص للمشكلة هم الإداريون والعلاج وصفة إدارية قد تحتوي على تخطيط أو تنظيم أو تدريب إلخ، من الحلول الإدارية وفي هذه المقالة سنقوم بتشخيص أحد الأمراض التي تعاني منها منظمات الأعمال التي تتسبب بهدر في إنتاجية العامل ووقت المنظمة وأحد مسببات دوران العمل ألا وهو الاغتراب الوظيفي، بمعنى آخر عندما يلتحق الموظف بوظيفة ما فإنه يواجه بيئة مختلفة (مكان عمل جديد، أو أشخاص لم يلتق بهم من قبل، حقوق وواجبات، وقوانين وأنظمة، إجراءات، آليات وأجهزة حديثة وغيرها).
فيبدأ الشعور بالغربة في بيئة العمل والغموض لما يدور حوله وعدم القدرة على التكيف والانخراط مع باقي الزملاء، مما قد ينتج عنه إحباط وعدم الرضا لدى الموظف وبالتالي سيؤثر على أدائه ومن ثم أداء المكان الذي يعمل به.
والعلاج لهذه المشكلة ولتجنب الاغتراب الوظيفي الذي يصيب الموظفين الجدد عادة، فإننا بحاجة إلى برامج تهيئة لهؤلاء الموظفين، وهنا أود أن أوضح أن هناك خلطاً بين مفهومي التهيئة والتأهيل، فالتأهيل يقصد به إكساب الموظف قدرات ومهارات جديدة للقيام بمهام عمل ما. بيننا التهيئة إخضاع الموظفين الجدد إلى برنامج تعريفي يساعدهم على التكيف والانخراط في منظمتهم وذلك من قبل توليهم لمهام عملهم الجديد.
وهناك عدد من برامج التهيئة المطبقة في بعض المنظمات الحكومية والخاصة، فقد يشتمل البرنامج على حفلات تعريفية للموظفين الجدد ودليل المنظمة ويحتوي على (خريطة المنظمة، وأقسام العاملين ودور كل منهم، وقائمة الحقوق والواجبات ومعلومات إرشادية للموظفين).
كما قد يتضمن البرنامج جولات تعريفية بأقسام المنظمة ولقاءات مع الإدارة العليا وكيفية التعامل مع الأجهزة وحالات الطوارئ وعدداً من المحاور التي قد يتضمنها البرنامج التعريفي، وقد تتراوح مدة البرنامج ما بين يوم واحد حتى تسعة أشهر كما هو مطبق في بعض الشركات الأمريكية وتعتمد مدة البرنامج ومدى إيمان الإدارة العليا بأهمية البرنامج.
وقد أظهرت نتائج دراسة قمت بها عن تهيئة الموظفين الجدد أن إنتاجية العاملين الذين خضعوا لبرنامج تهيئته أعلى بنسبة 80% ممن لم يخضعوا للبرنامج نفسه في هذه المنظمات وهذا دليل على أهمية برامج التهيئة والدور المهم الذي تقوم به في خلق موظف قادر على التكيف مع بيئة عمله. والله ولي التوفيق.
دكتوراه إدارة أعمال