«الجزيرة» - د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع رابحاً 185.26 نقطة بنسبة 2.4%، ويستمر هذا المسار الصاعد للأسبوع الخامس على التوالي، حيث يتحرك بخطى ثابتة من قمة لأخرى ومن أسبوع لآخر.. ولعل كسر المؤشر لحاجز الـ 8000 نقطة هذا الأسبوع قد أظهر بوادر لاحتمالات اختراقها بسهولة الأسبوع المقبل، وبخاصة في ظل توقع اشتعال المضاربات على الضيف الجديد (الأهلي تكافل) بداية من السبت القادم.. وقد شكَّل هذا المسار الصاعد فرصة لالتقاط الأنفاس لدى الخاسرين، وبخاصة للذين لا يتمكنون من إحراز الأرباح إلا في ظل مسار صاعد قوي.. وفي ضوء هذا الصعود تقل حدة الجدل بين المتداولين لانشغال كل منهم بجني أرباحه.. إلا إن تساؤلات من مهرة السوق بدأت تدور من جديد حول مدى حدوث تغيرات في طريقة حساب المؤشر الذي ظهر أن حساب قيمته بالطريقة المعتادة لا تقود إلى القيم المعلنة؟ الأمر الذي يثير الجدل حول هل حدث تغيير في حسابه؟ أم أن هناك معايير جديدة أخرى تؤخذ في الاعتبار؟ فضلاً عن ذلك.. هل من المتوقع أن يتكرر ذات السيناريو الصعودي مع إدراج الأهلي تكافل؟
السوق يربح 185 نقطة جديدة
رغم أن السوق بدأ أول أيام تداوله على هبوط بنحو 5 نقاط، وأيضاً رغم أنه أغلق في يومي الثلاثاء والأربعاء على هبوط بنحو 16 نقطة يوم الثلاثاء و29 نقطة يوم الأربعاء، إلا أنه تمكن من الإغلاق هذا الأسبوع على ربح بحوالي 185 نقطة أو ما يعادل 2.40%، وذلك في ظل الصعود الملحوظ الذي أحرزه يومي الأحد والاثنين بنسب 1.81% و1.22% على التوالي.. أي أن صعود الأحد والاثنين تمكن من تعويض خسائر الهبوط في الثلاثة الأيام الأخرى، بل وتحقيق ربح صافٍ بنسبة 2.40% مع إغلاق المؤشر عند 7900.88 نقطة.
هل يسعى المؤشر لإطالة عمره الصاعد؟
من يتابع حركة المؤشر ليس هذا الأسبوع، لكن في الأسابيع الخمسة الماضية يلحظ أمراً غريباً، وهو حركة المؤشر الذي يبدو أنه لا يوجد أي طرف قادر على إبعاده عن مساره الصاعد، وفي نفس الوقت لا يُوجد أي طرف قادر على تعجيل هذا المسار الصاعد... كما لو كان المؤشر مُصراً على تقديم عطايا، لكن حسب رؤية خاصة... في زمن محدد وبقدر محسوب... إن الأمر الذي اتضح جلياً أنه لا يزال هناك بقية للصعود، لكن قد لا يكون هذا الصعود متجاوزاً كثيراً لمستوى الـ 8000 نقطة التي ظهر أن المؤشر لا يسعى لاختراقها بسرعة.. فإما أنه يخطط للتأسيس حولها مثلما أسس حول الـ 7500 أو أنه ربما لا يسعى لتجاوزها أساساً... وفي الحالتين ينبغي عدم التفريط في الاستفادة من أي ساعة من ساعات هذا الصعود... كما نؤكد أنه ينبغي أن نمتلك تفاؤل الحذر وليس تفاؤل المنخدع...
هل يتكرر سيناريو الـ 1000% من جديد مع الأهلي تكافل؟
لم يكن يتصور أحد أن سهم أليانز يمكن أن يحقق نسبة 997.5% في يومه الأول حين أغلق على سعر 109.75 ريال.. وقد تسبب ذلك في تضخيم سعر السهم، بل وتسبب في اشتعال مضاربات قوية أعادت السوق من جديد إلى ريعان سخونته.. وليس أدل على ذلك من ملامسة السهم لمستوى 195 ريالاً يوم الثلاثاء الماضي وهي غير متوقعة له.. ورغم كل ذلك، يبدو أن ذات السيناريو سيتكرر مع سهم الأهلي تكافل الذي سيدرج ويبدأ تداوله يوم السبت المقبل على أن تكون نسبة التذبذب للسهم مفتوحة لليوم الأول فقط.. ألا يُخشى من وصول نسبة السهم إلى الـ 1000%؟ بل إن تضخم القطاع التأميني والفتور الجزئي للمضاربات عليه نتيجة معرفة المضاربين بصعوبة تصعيد أسعاره عن المستويات الحالية ربما يعزز من التركيز على الأهلي تكافل تحت اعتبار أنه يمثل ساحة خصبة وحيدة... إن كثيراً من المضاربين يوم السبت لن يخشوا المضاربة على الأهلي تكافل حتى نسبة 1500%... إن المنطق يقول لا بد من رفض تصعيد نسبة السهم عن 1000% مهما كانت الظروف... لأن ذلك يعرض السهم - مثلما يعرض رفاقه الآن - بشدة لضغوط تصحيحية في المستقبل القريب.
هل حدث تغيير في طريقة حساب مؤشر السوق؟
الكثير من المتداولين يتساءلون اليوم... كيف ولماذا لم يرتفع المؤشر على مدى الشهور الأخيرة رغم الزيادة الكبيرة في عدد الشركات الجديدة المدرجة في السوق؟ فخلال الـ 550 يوماً الأخيرة تمَّ إدراج وتداول ما يقرب من 23 شركة جديدة تقدر قيمتها السوقية مجتمعة بحوالي 176.4 مليار ريال تقريباً أي بما يعادل 13.2% من إجمالي قيمة رسملة السوق.. ورغم ذلك، فإنه لم يشعر أحد بزيادة مقابلة في قيمة المؤشر.. تحسب قيمة المؤشر في يوم ما (كما تشير الورقة الشهيرة للدكتور إبراهيم القاضي) من خلال ضرب ناتج قسمة (قيمة رسملة السوق في هذا اليوم على رسملته في اليوم السابق) مضروباً في قيمة المؤشر في اليوم السابق.. وكذلك الحال لو أردنا حساب قيمة المؤشر لإغلاق الأربعاء الحالي منسوباً لقيمته في 23 فبراير 2006، فإنه يمكن من خلال ضرب ناتج قسمة (رسملة السوق ليوم الأربعاء الماضي على رسملته في 23 فبراير 2006) في قيمة المؤشر في 23 فبراير 2006 وتتضح أرقامها كما في الجدول (1).. إن حسابنا لقيمة مؤشر السوق بناء على نسبته لمستواه في 23 فبراير 2006، أدى إلى الوصول إلى قيمة تعادل 8519 نقطة، مع الأخذ في الاعتبار أننا قد استبعدنا كافة الشركات الجديدة غير المضافة لمؤشر السوق والتي تتمثل في المملكة وسند وولاء وأليانز.. وهنا يثار التساؤل.. هل سيصل مؤشر السوق إلى مستوى قيمته المحسوبة في هذا المسار الصاعد؟ أم أن هذا الفارق سيظل هو صمام الأمان ضد عدم تضخم قيمته؟
أكثر من 120 ألف مساهم في إنعام وبيشة عالقون في السوق
من الصعب تحديد عدد المساهمين العالقين في كل من شركتي بيشة وإنعام.. إلا أنه من المتوقع أن يفوق هذا العدد حوالي 120 ألف مساهم (تقدير شخصي)، تتفاوت نسب المساهمة فيما بينهم في هاتين الشركتين... لكن من المؤكد أنه لدينا ما بين 2 إلى 5 آلاف مساهم قد تسبب إيقاف تداول أسهم الشركتين في تجميد محافظهم الاستثمارية كلية، وبخاصة أولئك المساهمين الذين لا يتبعون سياسة التنويع ويركزون على المضاربة في سهم واحد.. ولسوء الحظ يُوجد لدينا من يحمل المصيبتين على كاهله، حيث إن بعضاً من هؤلاء المساهمين تتركز محفظته في السهمين معاً، وهذا يوضح مدى عظم المشكلة. وللأسف رغم كل ذلك، فإن أكثر من ستة أشهر مرّت والأمور غير واضحة نتيجة للجدل بين إدارات هاتين الشركتين ووزارة التجارة وهيئة السوق.. والتساؤل الذي يطرح نفسه.. إلى متى سيظل هذا الوضع؟ أليس في نظام الشركات فقرات تقنن أوضاع الإيقاف وحقوق المساهمين؟ وإذا لم تكن موجودة حالياً.. هل النظام الجديد أخذ في اعتباره إيجاد حلول أكثر جذرية لعدم تكرار مثل هذه المشكلة؟
تشتت المتداولين في ظل تباين زمن الإدراج والإضافة من سهم لآخر
كل سهم جديد لوحظ أنه يمر بأربع مراحل.. يحدث كل منها في تاريخ معين: أولاً الطرح ثم الإضافة في المحافظ الاستثمارية ثم الإدراج والتداول، وأخيراً الإضافة إلى مؤشر السوق... ولما كان كل مستثمر حريصاً على الاكتتاب في غالبية هذه الأسهم فقد ظهر نوع من التشتت ما بين المتداولين... فيومياً يطرح أو يدرج أو يضاف سهم جديد... لكن ما بين الأسهم ظهرت تباينات ملفتة للنظر... فسهم مثل الطباعة والتغليف لم تتجاوز الفترة الزمنية منذ طرحه وحتى إضافته إلى المؤشر نحو 37 يوماً فقط، في حين أن أسهماً أخرى مثل أسهم التأمين الأولى (ملاذ وميد جلف) التي استغرقت الفترة الزمنية منذ طرحها وحتى إضافتها للمؤشر أكثر من 100 يوم... بل إن أسهماً أخرى طرحت ولم تتداول مثل جبل عمر وبدجت، وأسهماً ثالثة أدرجت لكن لم تضف... وهنا ألا يبدو أنه من الأفضل البحث في إمكانية تصميم معايير زمنية ثابتة تخضع لها كافة الأسهم المطروحة حديثاً في السوق؟ أليس من التيسير على المتداولين أن تصبح الآلية واضحة ومعروفة مسبقاً؟ نعم هناك أسهم تواجه معوقات إدارية أو إجرائية عند مراحل إدراجها أو إضافتها للمؤشر... لكن أليس من السهولة أن لا تطرح أسهم جديدة إلا بعد التأكد من اكتمال جاهزيتها وكافة إجراءاتها للإدارج والإضافة؟ فكل يوم أو حتى كل ساعة يتأخر فيها إدراج سهم جديد في السوق إنما يُمثّل تعطيلاً للثروة الاستثمارية للأفراد.
محلل اقتصادي ومالي
Hassan14369@hotmail.com