كنت قد قطعت على نفسي عهداً ألاّ أعود البتة للكتابة الصحفية .. الرياضية عامة .. والكروية خاصة، لاعتقادي أنّها مرحلة وانقضت ... انقضت بكلِّ ما فيها من مهاترات ومطاحنات وانصاف مؤجل .. فضلاً عن أنّ الفكرة الأدبية في أسلوب الكتابة .. لا تغريك في ظل هذا الكم الهائل من الكتّاب غير المتخصصين .. والمبعثرين .. والمحسوبين، ولكن عندما يتعلّق الأمر بأخي وصديقي القريب من القلب والوجدان معاً (خالد الدوس) فإني لا أملك بدّاً من تلبية الدعوة والارتماء في أحضان أُمنا الحنون الجزيرة التي تكفيك .. فجميل رئيس تحرير الصحيفة ومدير القسم الرياضي ورئيس تحريره أكبر من أن يرد بمقال فلله درّهم .. لله درّهم.
أظنني الآن قد استنفدت ديباجتي للحديث عن سبب عودتي الآن تحديداً، وقد وجب عليّ الحديث والغوص في لب موضوعي الذي أستشهد به بهذه الرواية القصيرة ...
يقال إنّ الحجاج بن يوسف الثقفي كان لديه خادم رزين يعينه على قضاء حاجته، وذات يوم وأثناء تقديم الخادم الشراب لمولاه وسيده (اندلق) أحد الكؤوس على الأرض فبادر الحجاج إلى الحراس بإيداعه السجن وقتله، فلم يكن من الخادم إلاّ أن أمسك الآنية ورمى بالكؤوس وما فيها في وجه الحجاج حتى أدمى مقلته فسأل الحراس عن الخطب فأجابهم الخادم: إذا كان الموت قادم لا محالة فليقل الناس إنّ الخادم مات بيده لا بيد الكأس.
أورد ما أوردت وأقول ما قلت لأستشهد بحال الهلال ورئيسه الذي يقوم بمحاولات انتحارية لانتشال نكسات الموسم بالبطولة الآسيوية، وهي ليست ببعيدة المنال لو أنّ رجال الهلال تكاتفوا وفعّلوا دور الرأي الآخر ولاسيما وقد شاهدنا إلى أي مدى فعل بالهلال الرأي الأوحد، ولو عدنا للوراء قليلاً لوجدنا أنّ الأخطاء الإدارية في الهلال تتكرر دون الاستفادة منها وتسري دون الانتباه لها، أضف إلى ذلك عدم القدرة في اتخاذ القرار وتحمُّله مهما كانت نتائجه، ولعل لنا في رجعة باكيتا وعدم القدرة على شكمه عندما تمادى في الأخطاء الفنية والتلويح بالاستقالة الرئاسية أكبر شهادة في عدم الاستقرار والنضوج في القرار الإداري.
هنا لا يعني أنّ الإدارة الحالية لم تقدم أي شيء ولكن الأعمال بخواتيمها وأظن الفرصة الآن مواتية لإنساء الجماهير الزرق كل تلك الإخفاقات وجعل الختام مسكاً بأهم وأغلى البطولات التي كان الهلال فارسها ردحاً من الزمن.
كما لا يفوتني في هذا السياق أن أجهر بالمثل العربي الشهير: (إنّما الحيلة في ترك الحيل) لكل أولئك الممتهنين في التشكيك ببطولات الهلال وتاريخه العريق، والمشكلة أنّهم لا يلبثون ساعة أو ضحاها حتى يكتشفوا وبغصّة مريرة أنّهم يهذون .. يكذبون .. يخسرون .. يتململون .. باختصار إنّها حجة من لا حجة له.
بالإشارة
* غياب الهرم العتيد والمفكر الكبير عبد العزيز التويجري ليس خسارة وطنية وفكرية وإدارية فحسب، بل إنّه خسارة رياضية أيضاً، فدوره الكبير في دعم أندية الوطن عامة ونادي الفيحاء بالمجمعة خاصة، يدل بما لا يحمل مجالاً للشك دور الفقيد الجبّار في التعامل مع رياضة الوطن.
* يا له من فرق كبير يرسمه نادي أهلي جدة وهو يحتوي المواهب الشابة أمام عقود انتقال العواجيز لفريق الرمق الأخير؟
* أذهلني كغيري ما يدوِّنه المؤرِّخ الكبير أمين ساعاتي في تدوين حركتنا الرياضية، وكم تذكّرت في كل كلمة مشوقة يدوِّنها ما سبق وانتهجه كبيرنا الرياضي أطال الله في عمره عبدالرحمن بن سعيد في النشر الصحفي للحركة الرياضية لتوثيق معلومته باختصار (الكبير .. كبير حتى في انتقاء المعلومة).