الحوار الوطني الرياضي فكرة رائدة طرحتها جريدة «الجزيرة» قبل سنة ونصف للارتقاء بالفكر الرياضي بما يخدم المصلحة العامة، ويرسخ الوحدة الوطنية من خلال التنافس الرياضي الشريف.
ومنذ ذلك التاريخ قام ممثل جريدة (الجزيرة) بحمل الفكرة إلى ثلاث جهات رسمية ذات علاقة ومسؤولية تجاه هذا الموضوع لإدخاله حيز التنفيذ، وقد استقر به المقام في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، هذا المنبر الثقافي الذي يعتبر نقلة فكرية وثقافية من خلال النجاحات التي حققها في احتواء واستيعاب كل التيارات المتنافرة ومد جسور من التواصل الفكري بين وجهات النظر المختلفة وجمع أقطاب لم تكن تجتمع من قبل.
وكانت أولى الخطوات العملية حين تمت مقابلة أمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الأستاذ فيصل المعمر صاحب الخلق الرفيع والفكر النير، والذي رحب بالفكرة ودعمها وأحال ممثل الجزيرة إلى قسم الدراسات في المركز لتقديم شرح تفصيلي للفكرة وأهدافها، وإعداد خطة العمل ورسم الاستراتيجيات ودراسة وتقويم مشكلات الوسط الرياضي، مثل قضية التعصب والتراشق الإعلامي والتهم الشنيعة المتبادلة، وسطحية الطرح الإعلامي وشغب الجماهير والهتافات العنصرية التي ظهرت بين أبناء الوطن الواحد.
وقد تطلب هذا العمل اجتماعات شهرية لمدة سنة كاملة في كل نهاية مرحلة يتطلب العمل تعديل وتقويم لبدء المرحلة الأخرى مع إشعار جريدة الجزيرة بأن سرية هذه المراحل تخدم الموضوع وتحقق أهدافه بشكل أفضل.
ولأن الهدف الأسمى للجزيرة هو خدمة الرياضة السعودية من خلال تنفيذ هذه الفكرة تحت أي مظلة مؤهلة، وبدون أن تنسب الفكرة لنفسها (رغم أنه حق أدبي وفكري للجزيرة) فقد فوضت الأمر للمركز وممثل الجزيرة لمواصلة هذا المشروع الثقافي ووصل العمل إلى نهايته وحدد موعد للقاء حواري يجمع رؤساء الأندية ورؤساء الأقسام الرياضية في الصحف والتلفزيون ونخبة من الكتاب الرياضيين والأكاديميين للارتقاء بالحوار الرياضي والطرح الإعلامي وإيجاد حلول وصيغ توفيقية للقضايا الخلافية في الرياضة وتلافي النتائج الخطيرة لانعكاسات التعصب على المجتمع الرياضي وأثره السلبي على تماسك المجتمع الواحد.
ولكن المفاجأة الكبرى أن الموعد الذي حدد لعقد لقاء (الحوار الوطني الرياضي) قد مر عليه شهران، فبعد تحديد الموعد صمت المركز فجأة واختفى عمل سنة كاملة بدون مبررات واضحة وكأن الموضوع اختطف فجأة بدون سابق إنذار.
فالحوار الوطني الذي استوعب كل التيارات خشي استيعاب الرياضيين، فهل الوسط الرياضي بهذا السوء لدرجة أن يخشى مركز الحوار حدوث نتائج عكسية سلبية من لقائهم ويتردد في استضافتهم بعد سنة كاملة من العمل والمتابعة الجادة؟!
وإذا كان هناك أسباب منطقية، فلماذا لم يعتذر المركز منذ البداية حتى تتمكن الجزيرة من تبني فكرتها وإطلاقها عبر ندوات ولقاءات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة برعاية مؤسسة الجزيرة الصحفية استكمالاً لدورها الإعلامي ومسؤولياتها التثقيفية والتنويرية التي عرفت عنها منذ إنشائها للارتقاء بالرياضة السعودية فكراً وممارسة، ولتعليم النشء أصول الحوار السليم من خلال حواراتهم الرياضية الدائمة التي لا تنقطع!!
فالحوار الرياضي الهادف مطلب ضروري للمجتمع الرياضي وليس ترفاً إعلامياً، وهو قادم لا محالة، فهل ينهض هذا المشروع الثقافي مرة أخرى بتعاون الجزيرة ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أم تنفرد الجزيرة بتحمل مشروع ضاع منه جهد سنة كاملة في دهاليز المركز؟!