قررت مؤخرا إحدى دول مجلس التعاون الخليجي - الكويت - هجر الارتباط بالدولار وربط عملتها المحلية (الدينار) بسلة من العملات مما انعكس إيجابا على سعر صرف الدينار أمام الدولار
بحيث أصبحت قيمة الدينار أمام الدولار أعلى من السابق. مثل هذه الخطوة ولا شك جاءت بعد دراسة متأنية ومستفيضة لإيجابيات وسلبيات مثل هذا القرار الحاسم.
تتشابه اقتصادات الدول الخليجية إلى حد كبير، فهي اقتصادات مفتوحة على العالم الخارجي بشكل كبير كما أنها ليست متكاملة بشكل رئيسي مع الأسواق المالية العالمية كون هذه الأسواق في مرحلة النمو والتطور، بالإضافة إلى ذلك ضعف تكامل القطاع النفطي مع بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، أضف إلى ذلك تجانس البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية حيث الاعتماد بشكل رئيسي على مصدر ناضب للدخل (النفط). لذلك تعتبر الاقتصادات الخليجية اقتصادات متنافسة وليست متكاملة.
إن تفضيلات ربط العملة الوطنية إلى عملة رئيسية (الدولار مثلا) من الناحية العملية تعتبر الأسهل، لأن هذا الربط يقلل من تقلبات سعر الصرف بين العملة الوطنية والعملة المربوطة بها، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى سهولة التبادل التجاري بسبب قلة مخاطر تقلبات سعر الصرف وبذلك يزيد من تدفق الاستثمارات من البلد الرئيسي (المربوط به). ومع افتراض استقرار سعر الصرف بين الدول الرئيسية الأخرى فإن سعر صرف العملة الوطنية سيشهد استقراراً أمام العملات الرئيسية الكبرى مما يساعد على زيادة فرص الاستثمارات الأجنبية. قرار الربط إلى عملة رئيسية يعني أساسا الرغبة في توحيد سياسات الدولة الخارجية مع الشريك التجاري، فإذا كانت سياسات الشريك التجاري تعمل على استقرار الأسعار النسبية (أسعار الصادرات مقسومة على أسعار الواردات) سيؤدي إلى زيادة الثقة في العملة الوطنية المربوطة مما سيجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما أن الربط إلى عملة رئيسية (خاصة إذا كان معدل التبادل التجاري بين البلدين عالياً) سيؤدي إلى سهولة التنبؤ بالإيرادات الحكومية المستقبلية وسيسهل للدولة التدخل في سوق الصرف الأجنبي والتأثير عليه.
ربط العملة المحلية إلى عملة رئيسية بينما العملات الرئيسية الأخرى متقلبة يعني أن العملة المحلية معومة أمام العملات الرئيسية وهذا له سلبيات نذكر منها:
1- زيادة الحاجة إلى الاحتياطيات، كون تغير سعر صرف العملة الوطنية لا يعكس حقيقة التغيرات في ميزان المدفوعات بينما يعكس حقيقة التغيرات في موازين مدفوعات الدول الرئيسية المربوط بها.
2- التغير في سعر الصرف باعتباره عاملاً خارجياً مؤثراً قد لا يتوافق مع أهداف السياسات المحلية المتبعة، بحيث يكون له الأثر الأكبر على الصادرات والواردات.
3- اختيار كل بلد ربط عملتها الوطنية إلى عملة رئيسية مختلفة عن الأخرى وليس إلى عملة رئيسية واحدة، سيؤدي إلى تفاوت في أسعار الصرف بين البلدان الرئيسة مما ينعكس سلبا على العملات الوطنية ويؤثر في حصتها من الأسواق الإقليمية.
4- الربط إلى عملة رئيسية يشجع المضاربة على العملة الوطنية.
أستاذ الاقتصاد بكلية الملك عبد العزيز الحربية