فاز الاتحاد بالبطولة الأغلى والأقوى والأشهر لأنه الأجدر والأكثر تأهيلاً واستعداداً والأفضل تعاملاً مع ظروفها ومع أهميتها كبطولة صعبة وحساسة وحاسمة لا تحتمل أقل الأخطاء.. وباعتباره - أي الاتحاد - الطرف الثابت والمنافس المتكرّر لبطولات الموسم الثلاث، وهذا بحد ذاته قياس صحيح يمنحه الأفضلية والتميّز والتألق والتفوّق على ما سواه.
كأس دوري خادم الحرمين الشريفين هي ثمرة وتتويج ونتاج ونهاية المؤشرات الفنية الاتحادية المتصاعدة من لقاء إلى آخر، وصولاً إلى ما ظهر به في النهائي كبطل حقيقي وجواد أصيل يعرف متى وكيف وأين يأخذ غنيمته وينال مراده، كان الأسرع من غيره في الاستفادة من أخطائه وتصحيح مساراته، نجح في أكثر من موقف في احتواء أزماته ومعالجة مشكلاته وتجاوز إخفاقه وعثراته في عدد من البطولات المحلية والخارجية.
يستأهل العميد بطولة صبره وتعبه وبذله وتحركاته، والفريق الذي ظل متوازناً ومتماسكاً في وجه العواصف والمخاطر والإحباطات، وها هو اليوم يعيد اكتشاف نفسه وتوهجه وإبداعاته، ويواصل حصاد غرسه إنجازات تليق باسمه وتاريخه وشعبيته.
موسم ضياع الهلال
على النقيض من الاتحاد فقد خسر الهلال الدوري لأنه لم يقدّم في النهائي ما يتوافق مع صدارته التي تحقّقت له بعد نتائج ومستويات غير مقنعة، وذلك بسبب ارتكاب إدارته للعديد من الأخطاء، الأمر الذي رأيناه واضحاً ليس فقط في خسارته الأخيرة وإنما في عجزه عن المنافسة على بطولة الأمير فيصل ثم كأس سمو ولي العهد.
ومقابل نجاح الاتحاد في علاج مشكلاته واحتواء أزماته، وبالتالي تطور أدائه وتصاعد مستوياته، كان الهلال يعاني من اتساع دائرة أخطائه وخلافاته، وكانت إدارته تتعامل معها بالتهدئة تارة والمسكنات الوقتية تارة أخرى، فزادت أوضاعه سوءاً وتعقيداً، وأصبحت الحلول مستحيلة، والأمور الإدارية والفنية والعناصرية والجماهيرية وكذلك مع أعضاء الشرف تتدهور يوماً بعد آخر، مما جعل احتمال سقوطه وتوقّع انتكاسته مسألة وقت لا أكثر، وهذا ما حدث بالضبط ليلة عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل انهياره!
أجزم أن الكثير من الهلاليين لم يكونوا متفائلين بإحراز الهلال بطولة الدوري على الرغم من ميزة التأهل للنهائي مباشرة وفرصة اللعب على أرضه وبين جماهيره، لأن لديهم من المخاوف وفي دواخلهم قناعات تكفي لتأكيد هذه النظرة المتشائمة التي لم تصل إلى هذا الحد في الكثير من المواسم الهلالية الماضية، وانعدام الثقة هذا له أسبابه المنطقية التي يأتي في مقدمتها وجود نقاط ضعف واضحة في الفريق بدءاً بخط الدفاع ومروراً بغياب محمد الشلهوب وانتهاء بالتراجع الخطير لياسر والتواضع المضحك للمهاجم الفذ الفان.. إضافة إلى مهزلة معسكر العين ومكافآت الآسيوية...!!
باختصار شديد.. لم يكن الهلال مؤهلاً ولا مهيأً إدارياً وفنياً ونفسياً ومعنوياً لأن يكون بطلاً للدوري.
ما لها إلا بندر!
الآن وبعد أن خرج الهلال من الموسم بلا بطولة ومخيباً آمال جماهيره التي اعتادت تذوّق طعم البطولات كوجبة موسمية لا بد منها، وبعد أن ألمح أو شبه أكّد الأمير محمد بن فيصل استقالته من رئاسة الهلال، وعلى ضوء ما حدث وما هو مفترض أن يكون عليه الزعيم في المرحلة المقبلة بدءاً بدور الثمانية الآسيوي.. فإن الهيكلة الإدارية وضرورة تغييرها باتت مطلباً لإيقاف نزيف الضياع والانتقال إلى خطوات وتحركات جديدة منضبطة تحفظ للهلال توازنه وتساعد على استعادة هيبته وهويته وبطولاته.
هي مرحلة صعبة وحرجة، وتحتاج إلى عمل جاد وعقول إدارية متمرّسة خبيرة ومؤهلة. تجيد التخطيط وتملك الفكر الكروي، وتحمل الحب والانتماء القوي للهلال.. هي مواصفات تنطبق على رئيس بحجم ومكانة وتجربة ونجاحات الأمير بندر بن محمد، والرجل الذي يتفق عليه الهلاليون كثيراً، ويحظى بشعبية جماهيرية متنامية.. كما تتطلب وجود نائب رئيس بخبرة وحنكة وبعد نظر وهدوء وعقلانية خالد المعمر، ومدير كرة بمستوى وثقافة وشخصية وقبول ودهاء عادل البطي.
الأكيد أن ما يمر به الهلال حالياً وما هو متوقّع أن يتجه إليه مستقبلاً، لا يحتمل التأجيل والمجاملة والسكوت على أخطاء فادحة ستقضي على منجزاته وعلى مكتسبات وإسهامات الرئيس المثير والظاهرة الأمير محمد بن فيصل، وخصوصاً أن النهائيات الآسيوية والبطولة الحلم ستكون عنواناً رئيسياً لا بد من الاهتمام به والتحرّك سريعاً بموجبه عبر قرارات وتعاقدات وإجراءات يصعب على الإدارة الحالية القيام بها والتفاعل معها، وهو ما أثبتته وقائع وشواهد موسم الإخفاق..!
* كان من الأفضل على الأمير عبد الله بن مساعد أن يصدر بيان نفي تصريحه ويوزعه على وسائل الإعلام قبل المباراة وليس بعدها.
* ما سر تألق الثلاثي الاتحاد والأهلي والوحدة، مقابل تدهور الهلال والشباب والنصر..؟!
* يعد محمد الشلهوب هو رجل الحسم والعنصر المؤثّر في لقاءات الهلال والاتحاد في الموسمين الأخيرين، وغيابه عن النهائي ساهم في خسارة الهلال وانتصار الاتحاد.
* بذهابهم إلى العين الإماراتية والعودة إلى الرياض قبل يوم واحد من المباراة، ضيَّع الهلاليون على أنفسهم فرصة الاستفادة من اللعب على أرضهم.
* محمد نور فريق بأكمله، وأظن أن عدم اختياره للمنتخب عائد لأسباب إدارية بحتة أتمنى أن يعلن عنها حتى لا يكثر الجدل والأخذ والرد وتوجه الاتهامات للمدرب أنجوس.
* تمريرة الهدف الاتحادي الأول من الظهير الأيسر الصقري للظهير الأيمن المولد تكفي لمعرفة انهيار الهلال.
* من حسن حظ الهلاليين أن المباراة حُسمت في الوقت الأصلي، ولو استمرت المباراة لشوطين إضافيين لكانت النتيجة اتحادية تاريخية...!!
* قلناها فيما مضى ونكرّرها اليوم.. في الهلال لاعبون أتحدى أن يجدوا لهم مكاناً شاغراً في كشوفات فرق دوري الدرجة الأولى..!!
* من سمح للصحفي عدنان جستنية ولاعب الشباب السابق سعيد العويران بالصعود للمنصة والتشرّف بالسلام على سمو نائب خادم الحرمين الشريفين ومزاحمة صنَّاع الإنجاز من لاعبين ومدربين وإداريين على ميدالياتهم..؟!
* أخيراً يقول الشيخ الدكتور سلمان العودة: (الجمهور الذي يصفق لك لكي تقول ما يريد هو جمهور لا يحترمك في الحقيقة وانما يحترم نفسه، ويعدّك بوقاً له، وإذا لم يمنحك حق الاختلاف معه فلا تعتبره ضمن جمهورك...).
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب»5297« ثم أرسلها إلى الكود 82244
abajlan@hotmail.com