Al Jazirah NewsPaper Tuesday  04/06/2007 G Issue 12667
الثقافية
الأثنين 18 جمادى الأول 1428   العدد  12667

أحمد عبد الله الدامغ
اختراع الخراع

اختراع الخراع كتاب ألَّفه صلاح الدين بن خليل بن أيبك الصفدي (ت 764هـ)، والاختراع: الإنشاء والابتداع، والخراع: لفظة من دلالاتها: جنون البقر، وداء يصيب البعير، وبإضافة (خراع) إلى (اختراع) يتكوّن لفظ يخالف المألوف.

قال الدكتور فاروق أسليم، وهو محقّق الكتاب: لقد جمع الصفدي بين النقد والهزل ما سخر فيه من مدّعي العلم بالعربية لغةً ونحواً وبديعاً وعروضاً وقافيةً، ومزج ذلك بالسخرية من المؤرخين والفلاسفة والأطباء ورجال السياسة(1).

ونتبين من قراءته أنه أسند روايته لشخص وهمي سماه أبا خرافة الهذاء القشيري.

وقد زعم الصفدي أن أبا خرافة حضر مجلساً أدبياً اخترع فيه بيتين من الشعر، هما:

لو كنت بكتوت، امرأة جارية الفضل

وكان أكل الشعير في البرد ملبسكو

لا بد من الطلوع إلى بيرك في

الليل، وظلام النهار متضح(2)

فتعجَّب الحاضرون من وجود اختلاف في نظمهما، وقافيتهما، وعدم الإعراب، وما هو مخالف للغة وللعروض وللمعنى.

ولما رأى الصفدي سوء حال فهم البيتين انبرى لشرحهما والتعليق على كل اختلاف فيهما. وفي ختام الشرح والتعليق أثنى على صانع البيتين؛ لأنهما كانا سبباً في إيجاد (اختراع الخراع)، وذلك بقوله:

هذه الرسالة التي علقناها عُجالة الراكب، ونُقطة العجلان، وتُحفة القادم، وزاد المسافر، اقتضبناها قليلاً من كثير، ويسيراً من جزل، وإن فسح الله في الأجل استأنفنا لها شرحاً مطولاً يأتي على ما في البيتين من الفوائد، تَخْفى الأقلام، وتحفت الأصوات(3) في ضبط عشر معشارها؛ فإن الناظم أودعهما من الغرائب ما يقول القائل: حدِّث عن البحر ولا حرج.

فما تناهيت في شيء محاسنه

إلا وأكثر مما قلتُ ما أدع

ثم بعد الصلاة على النبي قال: تم في ليلة السادس من محرم الحرام سنة 1176هـ(4).

بقي أن أشير إلى أن ما في هذا الكتاب من تصحيحات لمغالطات منها ما افترض افتراضاً، وما فيه من سخريات أدبية جعل قارئه يعيش معه في متعة أدبية وثقافية.

(1) اختراع الخراع، ص11.

(2) اختراع الخراع، ص27، 28.

(3) قال المحقِّق: لعله أراد (تُحْفَى الأقلام، وتَخْفُت الأصوات).

(4) اختراع الخراع، ص79، 98


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد