لن أخوض في تاريخ المجلس أو إنجازاته الكثيرة، ولن أحبر المقالة بقصائد المديح للدول الأعضاء ولمعالي الأمين العام في الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس مجلس التعاون الخليجي، فإنجازات المجلس كثيرة، ونجاحاته مشهودة خاصة في بعض القضايا المصيرية؛ لكني سأنتهز هذه اللحظة السعيدة لأبعث برقية عاجلة إلى أمانة مجلس التعاون الخليجي أناشدهم فيها بالتدخل للإفراج عن سفن الصيد السعودية المحتجزة لدى النيابة العامة في الدوحة منذ 27-3-2007 بتهمة (دخولها المياه الإقليمية القطرية دون إذن مسبق)........
سبع سفن صيد سعودية ألقي القبض عليها بعد أن اضطرت لدخول المياه الإقليمية القطرية، ربما عن طريق الخطأ أو ربما لممارسة الصيد التقليدي، وقدم ربابنتها إلى المحكمة التي أمرت ب (الإفراج عن السفن وتسليمها لملاكها أو من ينوب عنهم). حكم الإفراج تطور لأسباب (استئنافية) إلى فرض غرامة مالية على ربابنة السفن السعودية.
الغريب في قضية احتجاز السفن السعودية، أن حرس الحدود القطريين ألقوا القبض أيضا على سفينة صيد إماراتية وتم إطلاقها فورا دون تحويل قائدها إلى المحكمة أسوة بسفن الصيد السعودية.
المحامي أحمد الخطيب من مكتب راشد بن ناصر النعيمي للمحاماة وكيل سفارة المملكة لدى قطر, أشار في تصريحات صحفية إلى أن (المحكمة الجنائية رفضت الإفراج عن السفن السعودية السبع دون إبداء أي ملاحظات أو حجج قانونية توضح أسباب الرفض) وأشار أيضا إلى أن (أن السفن ليست لها علاقة بمضمون الدعوى الجنائية, بالتالي كان يتوجب عليها الإفراج عن السفن بعد انتهاء الدعوى الجنائية). وهو ما لم يحدث حتى الآن.
من حق الحكومة القطرية أن تتعامل مع السفن الداخلة إلى مياهها الإقليمية بحسب النظام وهو حق يفترض فيه الإنصاف، والبعد عن الإفراط في تقديره على أسس تمييزية يمكن أن تقود إلى إلحاق الضرر الفادح بملاك السفن، والبحارة، والربابنة غير المتكافئ مع الخطأ المرتكب. قضية سفن الصيد السعودية السبع لا ترقى إلى مستوى قضايا المجلس المعقدة إلا أنها تمس شريحة مهمة من شرائح المجتمع ما يجعلها أكثر أهمية لدى العامة من بعض القضايا الإستراتيجية الأخرى، كما أنها في الوقت نفسه يمكن أن تكشف لنا عن بعض الأساليب التمييزية التي تمارس ضد المصالح السعودية على وجه الخصوص.
هناك جانب إنساني في القضية يفترض أن لا يغيب عن أعين المسؤولين في أمانة مجلس التعاون، فبحارة السفن هم من حملة الجنسية الهندية، في الوقت الذي تعود فيه ملكية السفن لحرفيين سعوديين هم في أمس الحاجة لعوائدها المالية الناتجة عن ممارسة حرفة الصيد البحري، أي أننا نتحدث عن ضرر نفسي كبير قد يطول أكثر من 70 فرداً هم مجموع بحارة السفن السعودية، إضافة إلى الضرر المادي الذي يشترك فيه البحارة والأسر السعودية المعتمدة في شؤونها المالية على ريع تلك السفن المحتجزة.
التكامل الاقتصادي يجب أن يبدأ من القاعدة لا من قمة الهرم، وأحسب أن بعض الإشكالات المعقدة التي تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود إنما تحدث لأسباب بسيطة لكنها مرتبطة بالشريحة الواسعة من المجتمع وأنشطته الاقتصادية المتشعبة. الصيد البحري جزء لا يتجزأ من الأنشطة الاقتصادية التي تحتاج إلى التنسيق والتنظيم، والدعم المباشر من قبل مجلس التعاون الخليجي، وأقل ما نرجوه من دعم هو: التدخل لدى دول المجلس من أجل حل قضايا الصيادين الإنسانية، ومنها قضية سفن الصيد السعودية العالقة في الشباك القطرية.
ننتظر من أمانة مجلس التعاون الخليجي التدخل السريع لحل أزمة البحارة، وسفن الصيد السعودية التي يمكن أن تمتد حتى شهر أكتوبر القادم بسبب (الإجازة القضائية) التي ستتمتع بها المحكمة خلال الصيف الحالي.
f.albuainain@hotmail.com