Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/05/2007 G Issue 12659
الاقتصادية
الأحد 10 جمادى الأول 1428   العدد  12659
سعر صرف الريال والتأثير على الاقتصاد الوطني
قاسم بن محمد العامر

كثر الحديث في الآونة الأخيرة، حول تغيير صرف سعر الريال تجاه الدولار الأمريكي، والسبب لهذه الدعوات، هو هبوط سعر صرف الدولار المتواصل، تجاه العملات الحرة الأخرى، كاليورو والجنيه الإسترليني والين والفرنك السويسري، وقد جاءت هذه الدعوات من أوساط داخلية وخارجية.

لكن لا بد أولاً من معرفة الأسباب الداعية، لتغيير سعر صرف الريال تجاه الدولار:

أ- الجدول (1) يظهر سعر صرف الريال، مقابل بعض عملات الدول الرئيسية:

المصدر: النشرة الإحصائية للربع الرابع لمؤسسة النقد العربي السعودي 2005-2006م.

النتيجة المستخلصة من هذا الجدول، تبين بأن سعر صرف الريال انخفض تجاه العملات ما عدا الين الياباني، وهذا الانخفاض بدوره، يؤثر تأثيراً مباشراً على أسعار السلع والخدمات المستوردة من هذه الدول، على المستهلك في المملكة العربية السعودية، نتيجة لضعف القوة الشرائية للريال.

حجم استيراد المملكة لعامي 2005-2006م

2- المصارف التجارية (الاعتمادات المسددة) للاستيراد (مليون ريال) وموضح بالجدول (2).

المصدر: النشرة الاقتصادية للربع الرابع الصادرة من مؤسسة النقد العربي السعودي 2005، 2006م.

يلاحظ في هذا الجدول: أن أوروبا الغربية هي أول شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، وأن صادراتها للمملكة العربية السعودية ازدادت عام 2006، عن عام 2005، بمقدار مليار وواحد وستين مليون ريال لتبلغ 19.368 مليار ريال، تلتها اليابان التي نقص استيراد المملكة منها بمقدار 681 مليون ريال عام 2006م حيث بلغت 14.582 مليار ريال.

كما يلاحظ بأن معظم واردات المملكة تأتي من دول أسعار صرف عملتها في ارتفاع تجاه الدولار الأمريكي، ومن ثم تجاه الريال المربوط بالدولار.

علماً بأن فاتورة الاستيراد، في عام 2006م، بلغت 132.292 مليار ريال بينما كانت في عام 2005م، 116.183 مليار ريال، بزيادة بلغت 16.109 مليار ريال، وقد تكون هذه الزيادة بتكلفة فاتورة الاستيراد عام 2006م، ناجمة عن انخفاض سعر صرف الريال، أو زيادة الطلب المحلي على السلع أو الخدمات أو كليهما معاً، ولا يمكن ترجيح أكثرهما تأثيراً بزيادة تكلفة الاستيراد، ولكن هذا هو الواقع.

على ضوء المعطيات الآنفة الذكر، يطرح سؤال نفسه: هل من مصلحة المملكة رفع قيمة صرف الريال تجاه الدولار أم لا؟

أ- في حالة رفع صرف الريال تجاه الدولار سوف يترتب على ذلك ما يلي:

1- تزاد قوة الريال الشرائية، فمثلا لو عدل سعر صرف الريال من 3.75 ريال لكل دولار إلى 3.5 ريال لكل دولار، معنى ذلك أن قوة الريال زادت، مما يمكن المستهلك في المملكة من الحصول على سلع وخدمات أكثر نتيجة لزيادة قوة الريال الشرائية، بسبب هبوط أسعار السلع والخدمات المستوردة بشكل عام.

2- سوف يزداد الإقبال على شراء الريال والاحتفاظ به مما يقوي الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار بالداخل.

3- عند رفع سعر صرف الريال تجاه الدولار، فكل الأصول المالية كالودائع والاستثمارات والأسهم المقومة بالريال، سترتفع تلقائيا وبنفس مستوى التعديل، مما يزيد من ثروة المستثمرين والمودعين.

4- عند زيادة سعر صرف الريال قد تقل الحاجة لزيادة المرتبات والأجور، التي تدفعها الدولة أو القطاع الخاص للعاملين في المملكة.

ب- أما في حالة استمرار سعر صرف الريال الحالي فهذه هي النتائج:

1- إن حجم احتياطي الدولة من الدولار، سيبقى على حاله، دون نقص نتيجة لثبات سعر صرف الدولار تجاه الريال مما يتيح الاستمرار في ضخ نفس حجم معدل الريالات، الحالي في السوق لأن سعر صرف الريال تجاه الدولار لم يتغير.

2- إن الأصول المالية والاستثمارات والمدخرات المقومة بالدولار، تبقى على سعرها في حالة الرغبة لتحويلها إلى ريالات.

3- قد يتأثر تصدير السلع والخدمات المقومة بالريال للخارج، بحالة رفع صرف الريال تجاه الدولار، لأن هذه السلع والخدمات المصدرة، قد تصبح أقل منافسة من مثيلاتها الأجنبية من حيث السعر.

4- قد يتأثر إلى حد ما، حجم الاستثمارات المالية القادمة للمملكة، بنفس نسبة زيادة سعر صرف الريال تجاه الدولار.

ج- على ضوء ما تقدم عن نتائج تغيير سعر صرف الريال، ما هو الأفضل؟

1- إن الأفضل برأيي رفع سعر صرف الريال تجاه الدولار، لأسباب واقعية، تخص الاقتصاد السعودي، فالاقتصاد السعودي، بدأ يسجل فائضاً في إيرادات الدولة نتيجة لانتعاش أسعار النفط التي تسجل معدلا زاد عن ستين دولاراً للبرميل، كما أن أسعار النفط هذه مرشحة للاستمرار على وضعها الحالي على الأقل، نتيجة لزيادة الطلب على النفط في العالم، خصوصاً من آسيا كالصين والهند بسبب النمو الاقتصادي المتسارع هناك، فالنفط السلعة الرئيسية التي تصدرها المملكة للخارج، ويعتمد عليها الاقتصاد السعودي لتمويل الميزانية بنسبة عالية.

2- ظهور قوى اقتصادية كبرى في العالم، كدول الاتحاد الأوروبي الذي تبنى عملة موحدة هي اليورو، وهذه الكتلة تعتبر في المقدمة بالتجارة الدولية، مما يزيد الطلب على عملتها اليورو، كما برزت الصين، كقوة اقتصادية سريعة النمو، مما يعطي عملتها اليوان إقبالا أكبر من المستوردين منها، والصين قد ترفع من قيمة صرف عملتها، نتيجة لضغوط الخارجية عليها برفع عملتها للحد من صادراتها، وهذا قد يتحقق قريباً، خصوصاً، إذا ما شعرت الصين بأنها قد ثبتت قدمها في سوق التجارة الدولية.

3- بالرغم من أن الدولار ما يزال العملة الرئيسية في التجارة الدولية، لكن بسبب المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي كالعجز في الميزانية وزيادة المديونية، وتكلفة السياسة الخارجية الأمريكية، بعد أحداث 11 سبتمبر، فاتجهت الكثير من الدول والمؤسسات المالية، بزيادة تعاملها بعملات أخرى كاليورو والفرنك السويسري والين الياباني والإسترليني.

4- اتجاه معظم الدول لتنويع احتياطاتها النقدية، بدلا من الدولار فقط، مما أدى إلى ضعف الطلب على الدولار، وزيادة الطلب عن العملات الحرة الأخرى كاليورو والفرنك السويسري والذهب، ومن هذه الدول دول مجلس التعاون الخليجي.

5- هناك اتفاق خليجي، بإصدار عملة موحدة لمجلس التعاون الخليجي في عام 2010م، وهذا الاتفاق يستدعي تحديد اسم العملة الخليجية المرتقبة وسعر صرفها، وبما أن أسعار صرف العملات الخليجية حالياً، أعلى من سعر صرف الريال السعودي تجاه الدولار، فذلك يحتم على المملكة العربية السعودية، إعادة النظر في سعر صرف الريال تجاه الدولار، إذا ما أريد إصدار هذه العملة الموحدة.

6- ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات في المملكة في الآونة الأخيرة، فقد ارتفعت بعض السلع، إلى أكثر من 50% مما زاد من تكاليف المعيشة، خصوصاً على شريحة محدودي الدخل، وهذا يتطلب تعديل صرف سعر الريال.

7- أخيراً تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقاً بين تعديل سعر صرف الريال، وبين تنويع الاحتياطات النقدية، فالنسبة للاحتياطي، يستحسن وجود سلة عملات حرة، ومعادن ثمينة لدعم سعر صرف الريال، وعدم الاعتماد بصورة كبيرة على عملة ما، وذلك بوضع جدول زمني، لتصحيح مثل هذه الحالة إن وجدت.

باحث اقتصادي


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد