التقيت بصديقي (العزوبي) العتيد على باب أحد أقسام التوظيف في وزارة التربية والتعليم وكانت معه امرأة (مستترة) وبعد السلام والعتاب قلت له من هذه التي معك؟!
هل فعلتها أخيراً وتزوجت؟ فقال لي كلا لا تذهب بعيداً: هذه (البطالة المقنعة)، إنها شقيقتي وقد تخرجت من الجامعة منذ حول ويا حول ولازلت أبحث لها عن عمل. ثم التفت لي وكان معي أحد أقربائي الشباب فقال لي: ومن هذا الذي معك؟! فقلت له: هذا (البطالة الكاشفة) فقد تخرج من الجامعة منذ حولين ولازلت أبحث له عن عمل. وبعد أن ضحكنا من هذه الصدفة المضحكة المبكية سحبني جانباً على طريقته الساخرة وقال لي: ما رأيك أن نحل معضلتهما دفعة واحدة؟! فقلت له كيف يارعاك الله. فقال: نزوجهما ببعض. قلت: سنزيد الأمر تعقيداً حينما (يلتم المتعوس على خائب الرجا) فمن ينفق عليهما سوى أنا وأنت. وهنا قال: كلا سنأخذهما إلى وزارة الشؤون أو مكتب الضمان الاجتماعي باعتبارهما عاطلين.
فقلت له: ولكن الوزارة لا تعرف شؤوناً إلا للعجزة والمعوقين، فقال: هما كذلك أليسا عاجزين ومعوقين وظيفياً؟
وهنا قمة العجز والإعاقة.
* * *
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر فقد توجهت منذ عدة أيام إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لاستلام مقعد متحرك لأحد أقربائي المعاقين وبعد أخذ ورد قيل لي توجه إلى القسم المختص بذلك وحينما دخلت إلى الطابق الأرضي قيل لي إن استلام مقاعد المعاقين تتم في الطابق الثاني(!!) حينها فكرت بطريقة (فنطازيهْ) تشبه الكوميديا السوداء فلقت للموظف (الأرضي): وهل ثمة مقاعد (طيارهْ) أي تطير بالمعاق المراجع إلى الطابق الثاني ولا سيما أنه لا يوجد مصعد للطابق الأعلى؟ أم أن المقاعد ستهبط عليه بطريقة أتوماتيكية حديثة أم يقذفونها من النافذة؟! أم أن لديك أسلوباً حضارياً إنسانياً بحيث يهبط أحد موظفيكم المختصين بالخدمات الإنسانية وهو يحمل الكرسي متأبطاً بعض الهدايا والورود ليقدمها للمعاق مع تحيات وزارة الشئون وبذا تكونون أروع وزارة في العالم (!!) وهنا حرجني الموظف بنظرة حادة بالإمكان ترجمتها إلى القول: (لا تطوّل الهرج معي اذهبْ إلى حيث قلت لك.) وبالفعل لم (أطوّل الهرج معه) فقد صعدت للدور الثاني ولم أجد الموظف المختص بتسليم المقاعد فانتظر بعض الوقت وذهبت بعدها إلى رئيس القسم الذي جاء معي غاضباً (والحق يقال) ليوبخُ الموظف (الفارك) عن الدوام ولكن سرعان ما جاء موظفان معاً فسألهما المدير: أين كنتما؟ فقالا معاً: ذهبنا لإحضار (الجرايد)، فقال المدير مغضباً: أَلا يكفي أن يذهب أحدكما؟! فقلت له ساخراً: أحدهما ذهب لإحضار جريدة الجزيرة والآخر لإحضار جريدة الرياض!!