** سيكون من الحماقة لو ادّعي إنسان بسيط جداً مثلي أن بإمكانه إيفاء فاجعتي رحيل كل من صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل حقهما من التعبير اللائق بحجم وعمق وفداحة الخسارة.
** وذلك أن كل من الراحلين الكبيرين إنما يشكِّل هرماً ضخماً من الشموخ، ونهراً متدفقاً من العطاء اللا محدود للوطن وأبنائه، وبالتالي فليس من السهل الحديث عن مآثرهما الجمّة، كما ليس من السهولة الحديث عن تأثير وعظم فاجعة رحيلهما على كل فرد في مجتمعنا الأسري المتراحم والمتلاحم.. لذا أرجو أن يغفر ويعذر القارئ الكريم عجزي.
** رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته وعوّض الوطن خيراً بفقدهما: (إنا لله وإنا إليه راجعون).
من كرّس لهذا النوع من الثقافات
** معلوم أن نتائج منافسات كرة القدم لا تخرج عن ثلاثة احتمالات هي: الفوز أو التعادل أو الخسارة.
** وأن لكل حالة من الحالات أو الاحتمالات الثلاث ظروفها وملابساتها ومعطياتها سواء كانت فنية أو معنوية أو إمكاناتية.
** هذه مسلّمات لا خلاف حولها ولا سيما في أعراف الذين يعيشون أجواء طبيعية وخالية من الملوثات والمؤثّرات بكافة أشكالها.
** ويبقى التعاطي الإعلامي والجماهيري مع النتائج في بعض حالاتها رهن اختلاف ثقافات أنصار الفرق أو الأطراف المتنافسة، ولا سيما خلال المواسم الأخيرة.
** ذلك أن ثمة ثقافة (متعالية) وغير مبرّرة أخذت في الانتشار مؤخراً بين الإعلاميين والجماهير الصفراء تحديداً، تنذر بعواقب غير محمودة (؟!!).
** هذه الثقافة لا تؤمن ولا تسلّم بحق الآخرين في الكسب.. كما لا تؤمن ولا تسلّم بأن الأيام دول، وأن التفوّق حق مشاع ومشروع للجميع متى ما توافرت مقوماته ومعطياته بصرف النظر عمن حققه (؟!).
** ففي أعقاب حصول الأهلي على حقه المشروع في تحقيق كأس الأمير الراحل فيصل بن فهد، ثم أعقبه بتحقيق كأس سمو ولي العهد - حفظه الله - قامت قيامة إعلام الإدارة الاتحادية وما أدراك ما إعلام الإدارة الاتحادية (كما سمعت)، إذ حاول هذا الإعلام (وكما سمعت أيضاً) إقناع جمهور الاتحاد ومعهم جمهور النصر بعدم أحقية الفريق الأهلاوي بالتفوّق على الاتحاد وبالتالي عدم أهليته في تحقيق الكأسين وبالتحديد من أمام الاتحاد.. فقط لأنه الاتحاد (!!!).
** هذه القناعات لم تكن لتترسخ في أذهان الجماهير المغلوبة على أمرها لولا أن ثمة من (يبيع) لها هذا النوع من البضاعة الفاسدة، تحت عناوين إعلامية موجهة هدفها الكسب المادي فحسب.. وخصوصاً أن الجماهير الاتحادية تُعد أكثر الجماهير معايشة لكل أنواع المراحل بما فيها من تقلّبات ومتغيّرات، ومن نجاحات وإخفاقات، وبالتالي فقد أضحت لديها القدرة الكافية على التعاطي والتعامل مع كل الحالات وفق ما تتطلبه من حكمة بعيداً عن التهويل واحتقار قدرات وإمكانات الفرق المنافسة.. لولا تركيز تنابلة الإدارة من إعلاميين وغيرهم، بقصد إخراج الجمهور الأصفر عن الجادة ووضعه في حالة من (الاحتقان) وعدم تقبل الهزيمة بأي حال، وبالتالي عدم الإقرار بحق الأطراف الأخرى في الكسب أمام فريقها (؟!!).
** هذا التركيز نجح إلى حد بعيد في جعل هذا الجمهور دائم (التوتر) ورافضاً لرؤية الأمور بمنظارها الصحيح والطبيعي، ولأن كثر الدق يفك اللحام كما يقول المثل الخليجي الدارج.. فقد تأثر هذا الجمهور وانساق خلف أكذوبة الفريق الذي لا يُهزم، والذي يجب أن يأكل الأخضر واليابس.. لسبب بسيط هو أن الذين يقفون خلف نشر هذه الثقافة وتكريسها في أذهان أكبر شريحة من الجماهير الاتحادية، إنما يجنون من ورائها الأموال الطائلة، فضلاً عن أنهم يستمدون أسباب بقائهم في بؤرة التأثير من بقاء واستمرار مثل هذه الأجواء المتوترة والمضطربة (؟!!).
** وحتى لا يُقال إنني ألقي الكلام جزافاً.. هاكم بعض الأمثلة الطازجة والموثقة:
** فقد قرأت لأحد أعضاء فرقة (نفخوا) مقالاً استعراضياً أراد من خلاله لفت الأنظار إلى ما يتمتع به من حظوة ومن تأثير في النادي العريق حسبما يعتقد فيقول: استوقفتني الجماهير الاتحادية عند مواقف السيارات بعد نهاية المباراة متساءلة (من هو هذا الأهلي حتى يهزم الاتحاد) (!!).
** وآخر من نفس الفرقة المتخصصة في فن (النفخ) تحدث في ثنايا حوار أجري معه خلال الأسبوع الماضي عن استحالة تحقيق الفريق الاتحادي لكأس خادم الحرمين الشريفين معللاً ذلك بوجود الهلال كطرف في النهائي.. متكئاً في تبريراته التي أوردها إلى جملة من الخزعبلات والأكاذيب التي اختلقوها لمداراة فشلهم ومن ثم عشعشت في (نافوخه) منذ أن كان (......) ؟!!
* في المثال الأول يتضح مدى تأثر الجماهير الاتحادية بما يُمارس بحقها من تضليل وتغرير وتدليس وغش إلى درجة التساؤل (من هو هذا الأهلي) حتى أن الكاتب الذي لا يعلم ما هي (الأكمة) إلى حد أنه يحسبها (طنجرة) على كثرة ما يستخدمها.. لم يحاول إزالة شبهة التورط في مستنقع تلك القناعة عن نفسه، عندما لم يعلّق على ذلك المنطق الجماهيري الذي تكفل بنقله إعلامياً من خلال التحايل على مشاعره بكلمة رفض ولو مزيفة أمام الرأي العام (؟!!).
** وفي المثال الثاني يتضح بجلاء هيمنة حالات التدني الفكري والمنطقي والحسّي.. ليس لأنه تطاول على الهلال العملاق وهو القزم.. ولكن لأنه تجاهل كل من فريقي الوحدة والشباب كأطراف محترمة في المنافسة مثلهما مثل الهلال والاتحاد، وراح يتحدث عن فريقه الاتحادي كطرف ثابت ومضمون في النهائي دون أي اعتبار للحقوق الوحداوية والشبابية في التأهل بدلاً عن الاتحاد (؟!!).
** المصيبة أن الأخ صاحب هذه النظرة البعيدة، هو أحد الأقلام التي كان لها الفضل في تلويث التنافسات الرياضية، وتأجيج الجماهير وشحنها واحتقانها من خلال السموم التي تبثها تلك الأقلام، والتي كان من ثمارها سلسلة من الأحداث الدخيلة على وسطنا الرياضي الذي لم يعرف تلك الأحداث إلا بعد أن ابتلي الوسط الإعلامي الرياضي بوجودهم فيه كحاشية للرئيس مهتمهم الأساسية تلميعه وزبرقته بمناسبة وبدون مناسبة (؟!) يا هادي يا دليل.
ماذا كنتم تنتظرون؟!
** نعم: ماذا كنتم تنتظرون من (مراهق) أرعن، اشتهر بين أقرانه بمطاردة القنوات الفضائية في كل مكان من أجل ممارسة (الورعنة) والمراهقة خصوصاً في ظل وجود من أمّن له وسيلة الاتصال المجاني بتلك الفضائيات على مدار الساعة (؟!!).
** وحين جيء به (من تحت الباب) لكي يملأ إحدى المساحات الفارغة، فذلك لأن مستواه الفكري والتطلعي ينسجم تماماً مع مستوى من جاء به ومن احتضنه ليكون شيئاً على الخارطة.. مع أن من جاء به واحتضنه كان على علم مسبق من كون مؤهلاته لا تتجاوز سلاطة اللسان وبذاءة اللفظ ورداءة المنطق وخواء الفكر و(......)؟!!
** فقط جيء به لينضم إلى شلة الأنس بقصد زيادة معدل الردح والاستفادة من قدراته العالية في التطاول على الكبار والأعلام من أجل إرضاء غرور المعزب وكسب المزيد من ودّه من جهة أخرى (؟!!).
** الكارثة أن هذا الصنف من البشر سيظهر كالعادة في مساحته وكأن شيئاً لم يكن دون اكتراث بكونهم قد أضحوا وصمة عار في جبين الإعلام الرياضي وعلى كافة المستويات (؟!!).