(إنني أسأل الله تعالى أن يمدني بالقوة كي أحقق معكم آمالنا وطموحاتنا تجاه الوطن، وإنني أعاهد ربي وأسأله الثبات والقوة في المسيرة لا أقبل فيها دون ذروة المجد والعزة والرفعة لكم بين الشعوب وجميع الأمم).. هذا ما عاهد بهِ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رب العزة والجلال في كلمته التي ألقاها في حفل أهالي منطقة تبوك. عهد كريم مقرون بطلب الثبات من الله العزيز الحكيم، القائل في محكم كتابه الكريم {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}. إنها مشيئة الرجال العظام الذين بدأوا العمل منذ يومهم الأول دافعين نحو عزة الشعب وكرامته، مستلهمين سيرة الخلفاء في إدارة شؤون الدولة، ومواجهة متطلبات الرعية، ومد يد العون والمساعدة لكل من احتاجها من المواطنين كحق من حقوقهم لا ينازعهم عليها أحد.
|
منطقة تبوك كانت المحطة الأخيرة في جدول زيارات الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمناطق، التي بدأها بزيارته التفقدية لمنطقة مكة المكرمة ثم أكمل بباقي المناطق حتى وصل إلى محطته الأخيرة التي شملت الحدود الشمالية، الجوف، و تبوك.. مئات المليارات من الريالات تم توزيعها بالعدل والمساواة بين مناطق المملكة ضمن إستراتيجية (التنمية المتوازنة) التي كفلت لجميع المناطق حقها المشروع في إيرادات الدولة، وخطط التنمية.
|
تنمية شاملة بدأت تبرز في جميع مناطق المملكة، تنوعت بين الاقتصاد، الصحة، التعليم، الطرق وغيرها من مجالات الحياة، قُرنت بتصريحات ملكية وتعهدات أبوية حانية بتحقيق الطموح وأمنيات المواطنين.
|
خلافا لمشروعات الخير والنماء التي قسمها الملك بين مناطق المملكة، حملت جولة خادم الحرمين الشريفين الكثير من مضامين الحب والوفاء، والعفو والعطاء، والنصح والإرشاد.
|
بدت مشاعر الحب المتبادلة بين المليك والشعب، اختلطت فيها مشاعر الأبوة، والولاية، تسابق المواطنون للتعبير عما تكنه صدورهم من حب وولاء للملك ولولي عهده الأمين، وتنافسوا فيما بينهم لإظهار مشاعر الفرح والغبطة كما يتنافس الأبناء في حضرة الأباء. لم أجد أعذب وأصدق تعبيراً في وصف مثل هذا التنافس المحمود من أبيات شاعر الجوف خلف الكريع التي ألقيت في حضرة الملك وجاء فيها:
|
الولا في كل شعب المملكة ما ينحكى به |
لكن إنا في موازين الغلا متنافسين |
وأنت أبونا وكلنا عيالك ولا فيها غرابه |
لو تنافسنا وكل وده بعينك يزين |
ومن مضامين العفو والعطاء في جولة الخير، ما قدمه الملك عبدالله من عفو كريم عن المسجونين، وتكفل الدولة بسداد ديون المعسرين، والعفو عن من يسلم نفسه من (الفئة الضالة) وكان ذلك مع انطلاق جولاته الملكية الكريمة.
|
حفلت خطابات الملك الموجهة للمواطنين الكثير من معاني النصح والتوجيه والإرشاد، وحملت، وبصورة استثنائية، بعض عبارات الاعتذار الكريمة عن تأخر المشروعات التنموية في بعض المناطق لأسباب قسرية. وتضمنت أيضاً جمل تنموية، وإصلاحية محددة أشبه ما تكون ب(شعارات الحملات الانتخابية) إلا أنها تختلف عنها كونها تطلق من سدة الحكم، ويلتزم بها الحاكم نفسه، لا من يخوض معارك الانتخابات.
|
المتتبع للخطابات الملكية التي أُلقيت خلال احتفالات المناطق يجد فيها عمقاً من الجانب التاريخي، وإبرازاً لمآثر المناطق والشعوب، وتأكيداً على الحب والولاء والبذل والعطاء، إضافة إلى ما تتضمنه من الوعود، التعهدات، والتوجيهات الملكية الكريمة. أحسب أن خطابات الملك كانت حلقات مترابطة، فيها من المعاني التوجيهية الكثير، لم تكن خطابات اعتيادية فرضتها ظروف المناسبة، بقدر ما كانت تحمل في طياتها رسائل محددة، وشعارات أقرب ما تكون إلى (الرؤية)، خطط العمل، وخطابات النوايا الحسنة. يمكن أن ننتقي من كل خطاب جملة واحدة لنصل في النهاية إلى خطة العمل المتكاملة التي يفترض أن يتبناها جميع المسئولين، وأسلوب المواطنة الحقة التي يجب أن يتصف بها المواطنين، وإستراتيجية العمل المشترك، والتعايش، والأهداف والتطلعات.
|
محطة تبوك كانت المحطة الأخيرة في جدول زيارات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لمناطق المملكة التي تكللت بالنجاح، بفضل من الله وبركته، إلا أنها يفترض أن تكون بداية العمل للوزراء والمسئولين في متابعة مشروعات التنمية التي تولى خادم الحرمين الشريفين توزيعها بالعدل بين المناطق، وبداية المتابعة والإشراف والعمل وبذل الجهد لإنجاز هذه المشروعات في زمنها المحدد ووفق مواصفاتها العالمية.
|
إستراتيجية (التنمية المتوازنة) أصبحت في أمس الحاجة إلى آليات العمل الدؤوب، والإنجاز السريع من جميع المسئولين لتحقيق الأهداف والغايات الملحة ولتعود بالنفع الكبير على المواطنين و الاقتصاد الوطني. كما أنها في أمس الحاجة أيضاً إلى أن تُقرن بأساسيات (التنمية المستدامة) التي يمكن من خلالها مواصلة البناء والتطوير وتحقيق الأهداف وطموحات القائد لتحقيق (ذروة المجد) للشعب السعودي النبيل.
|
|