ضربة البداية
* عرف الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) الرياضة منذ عامه العاشر حيث كانت الفروسية والعرضة السعودية أولى ممارساته واهتماماته الرياضية. مع تسلل حب الرياضة في جوانحه زاد اهتمامه بكرة القدم وأولاها جل عنايته ودعمه، كان منذ عام 1351هـ حيث رعى (رحمه الله) أول مباراة ودية على كأس سموه بالمنطقة الغربية وكان عمره آنذاك 10 سنوات وحينما صدر أمر ملكي عام 1370هـ بتعيين سموه وزيراً للداخلية اهتم بالحركة الرياضية والكشفية في المجالين الأهلي والمدرسي وكان (رحمه الله) أول مسؤول حكومي رفيع المستوى يدعم الحركة الرياضية بالمملكة ويحضر مبارياتها ويرعى المباريات التي كانت تقام بين الأندية.
* وبعد ثلاثة أعوام من تعيينه وزيراً للداخلية (1373هـ) أمر (رحمه الله) بتأسيس الإدارة العامة للتربية الرياضية والكشافة لتتولى مسؤوليات تأسيس الإدارة العامة للتربية الرياضية والكشافة لتتولى مسؤوليات تنظيم الأندية والاشراف عليها واعداد المسابقات الخاصة بها وتنظيم مشاركتها الخارجية.. كما اهتم بالألعاب الرياضية الأخرى وكان بالفعل منشئاً ومشرعاً ومنظماً للحركة الرياضية العصرية.
تشجيعه للرياضيين
* كان سمو الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) من أشد المتحمسين لزيادة التنافس بين الأندية لأن التنافس كان يعتبره العامل الأهم للارتقاء بمستوى الكرة وكان يشجع اللقاءات والمباريات بين الفرق ويقدم الجوائز لها، وقد اشتد التنافس في عام 1370هـ بين الفرق الرياضية في جدة ومكة في مرحلة اعقبت الانتعاش الاقتصادي وبلغ حد اضطراب معه هذه الفرق بالمنطقة الغربية، حيث استقدمت بعض اللاعبين البارزين من السودان الذين شكلوا بداية الاحتراف للاعب الأجنبي بالمملكة، وقد بدأ النادي الأهلي بجدة هذا الاستقدام لأول مرة في تاريخ الأندية السعودية وذلك بدعم من رائد الرياضة السعودية الأمير عبدالله الفيصل الذي حرص على الاستفادة من احتكاك اللاعبين السعوديين باللاعبين الأجانب سواء في السودان أو مصر وكان النادي الأهلي، وكما أشرنا آنفاً أول من استقدم أول دفعة من اللاعبين السودانيين عام 1370هـ ثم حذت الفرق الأخرى حذو النادي الأهلي في عملية الاستقدام من السودان ثم تسابقت الأندية إلى مصر واستعانت منها بمجموعة من اللاعبين المصريين ومن هذه الأندية الأولمبي بجدة (قبل حله) والثغر (الأهلي حالياً) والوحدة وظل هذا التدفق عشر سنوات حتى جاء وقت أصبح فيه قوام الأندية اللاعبون المستقدمون (المحترفون) فسبب هذا احراجاً للمسؤولين الذين بادروا باتخاذ بعض الاجراءات لتنمية المواهب السعودية حيث انشئ دوري الوطنيين على كأس ولي العهد وكان خاصاً للاعبين السعوديين وحضر هذه المسابقة الأمير الأول عبدالله الفيصل حين كان ينوب عن والده لحضور نهائي الكأس كما توج الاتحاد بطلاً لكأس ولي العهد عام 1378هـ عندما ناب عن الأمير فيصل بن عبدالعزيز (رحمه الله).
أنشأ أول إدارة رياضية
بوزارة الداخلية
* كان الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) يرى أن الأندية الرياضية هي الاطار الأهم لبداية تنظيم النشاط الرياضي والأهلي، ولذلك رأى ضرورة انشاء جهاز يرعى الأندية ويضمها ويؤسس مسابقاتها ويؤهلها لتحتل المملكة العربية السعودية حيث تعتبر إدارة الشؤون الرياضية والكشافة بوزارة الداخلية بداية قيام الأجهزة الحكومية بمهام ومسؤولية إشراف وتطوير وتنظيم الحركة الرياضية في المملكة، وكان وراء إنشاء أول إدارة حكومية تشرف على الحركة الرياضية بالمملكة هو الأمير عبدالله الفيصل (رائد الرياضة الأول) باعتباره كان وزيراً للداخلية آنذاك وقد أراد (رحمه الله) أن ينظم النشاط الرياضي الأهلي بانشاء جهاز التربية الرياضية والكشفية ليكون ملحقاً بوزارة الداخلية، حيث كانت الخطوة الأولى ان طلبت وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية بدعم قوي ومباشر من رائد الرياضة طلبت من وزارة المعارف المصرية ترشيح خبير يساعد في عملية تنظيم الحركة الرياضية السعودية في القطاع الأهلي.
* وتلبية لهذا الطلب ندبت وزارة المعارف المصرية بعض الخبراء للاشتراك مع الخبراء السعوديين في تنظيم الإدارة العامة للرياضة البدنية والكشفية بوزارة الداخلية وعندما صدر أمر ملكي بانشاء وزارة المعارف عام 1373هـ، ثم فصلت الإدارة العامة للتعليم من وزارة الداخلية لتصبح نواة قيام وزارة المعارف ولكن الأمير عبدالله الفيصل وزير الداخلية آنذاك أبقى جهاز الإدارة العامة للرياضة البدنية والكشافة ضمن أجهزة وزارة الداخلية حيث عين الأستاذ عبدالحق مال مديراً لهذه الإدارة ومن المهام الأولى التي قامت بها هذه الإدارة هو وضع أول نظام للحركة الرياضية والكشفية بالمملكة وقام هذا النظام بدعم قوي ومباشر من الأمير الراحل.. بتنظيم العلاقة بين الأندية والجهاز الحكومي الجديد، كما كان من أوائل مهامها إنشاء الاتحاد السعودي لكرة القدم والاتصال بالاتحاد الدولي لكرة القدم لكسب الاعتراف الرسمي بالاتحاد السعودي بطلب من رائد الرياضة الأول.
الشؤون الرياضية بدأت بـ 50 ألف ريال
* حينما انشئت إدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية كما أشرنا آنفاً كانت تهدف تنظيم وتطوير الأندية بصورة مباشرة، كما نص على ذلك قانونها وتدبير شؤون الحركة الرياضية في جميع أنحاء المملكة ولم يكن فقط اشرافها آنذاك على فرق المنطقة الغربية بل جميع المناطق حيث دخلت أندية من الوسطى والشرقية ومدن أخرى. وكون الامكانات كانت بسيطة باعتبار أن ميزانية الشؤون الرياضية السنوية كانت لا تتجاوز الـ 50 ألف ريال بيد أن اصرار رائد الرياضة على استمرار أنشطة الأندية حظيت هذه الأندية بدعم قوي ومباشر من رائد الرياضة وحرص على ازالة المعوقات سواء المادية أو الفنية.
رائد الرياضة كسب الاعتراف الرسمي
* في عام 1375هـ شكلت إدارة الشؤون الرياضية والكشفية بوزارة الداخلية لجنة رياضية بدعم من رائد الرياضة تكون بمثابة الاتحاد السعودي لكرة القدم، وبعد تشكيل هذه اللجنة رفعت الإدارة العامة للشؤون الرياضية إلى الاتحاد الدولي (الفيفا) خطاباً تطلب فيه التصديق على قيام الاتحاد السعودي وكسب العضوية في الاتحاد الدولي وبالفعل تم قبول المملكة في عضوية الفيفا عام 1375هـ بدعم قوي وكبير من الأمير الراحل.
أول مشاركة سعودية
* في ضوء الامكانات المتاحة استطاعت الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية آنذاك أن تحقق انجازات هامة، فقد اشتركت المملكة العربية السعودية في الدورة العربية بمصر عام 1953م، وقد كان هذا الاشتراك بداية المشاركات الخارجية للمملكة، وجاءت هذه المشاركة الأولى والاطلاع الخارجي للرياضة السعودية لتفتح باب الانبعاث الرياضي حيث تم ابتعاث عدد من الحكام السعوديين لمصر وبعض الإداريين للوقوف على الأنظمة واللوائح وطرق المسابقات الرياضية.. الخ تمهيداً لادخال نظام الدوري العام لأول مرة في المملكة على كأس جلالة الملك وبطولة دوري الكأس على كأس ولي العهد.
كما استقدمت الشؤون الرياضية عدداً من المدربين من مصر للمشاركة في وضع لبنات الوضع الرياضي الجديد الذي كان يهدف إليه رائد الحركة الرياضية الأول حين قام بتدريب الأندية الكبيرة واشرف على أول دورة داخلية تقام بالمملكة لتخريج حكام سعوديين في كرة القدم ومن أشهرهم فوزي ولبيب محمود يعتبران أول المدربين المستقدمين من الخارج لتدريب اللاعبين السعوديين.
تجربة ناجحة
* عقب نجاح الدوري التجريبي اصدرت إدارة الشؤون الرياضية عام 1376هـ قراراً رياضياً يعمل فترة حرة بعد موافقة الأمير الراحل وهي فترة يسمح بانتقال اللاعبين لأندية أخرى دون شرط أو قيد وكان الهدف من هذه الفكرة عملية غربلة للأندية التي عادت ونظمت صفوفها تمهيداً للدخول في نشاط جديد وعندما أوشكت الشؤون الرياضية على نشر جدول أول دوري في تاريخ المملكة دعيت لاشتراك في دورة بيروت العربية عام 1957م بموافقة من الأمير عبدالله الفيصل وقد اشتركت المملكة بفريق كرة القدم وفريق تنس الطاولة.
* كان الأمير الراحل حريصاً على تنظيم أول مجلس إدارة في تاريخ الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي كسب الاعتراف عام 1375هـ من الفيفا.. تحت مسمى اللجنة العليا لاتحاد كرة القدم (مجلس إدارة كرة القدم) وهم: الأستاذ إبراهيم سلام، عبدالعزيز جميل، عمر شمس، حسين عرب، محمود عوض، عبدالمجيد شبكشي، خالد أبار، مصطفى كامل، ولكن الحركة الرياضية الأهلية لم تستمر طويلاً، فعندما صدر قرار بتعيين الأمير مساعد بن عبدالرحمن وزيراً للداخلية عام 1380هـ تم نقل الرياضة من وزارة الداخلية إلى وزارة المعارف تحت مسمى (اللجنة الرياضة العليا).
* من الأولويات التي تحققت في بداية اهتمام رائد الرياضة أن شهدت الساحة الرياضية اقامة أول لقاء في تاريخ قطبي الغربية والاتحاد والأهلي بمبادرة من الأهلي حيث تقدم الأهلي إلى الاتحاد يطالب اقامة مباراة بينهما عام 1357هـ ولعب الفريقان وانتهت المباراة بالتعادل وفي عام 1370هـ اقيمت المباراة الثانية بين القطبين وقد وضع الأمير الراحل جوائز مغرية تشجيعاً للفريق المنتصر وكانت هذه الجوائز عبارة عن ساعة ذهبية لكل لاعب وأحد عشر رسماً لسموه موقعاً عليه اهداء إلى جميع اللاعبين في صورة تجسد دعمه واهتمامه وعنايته بالرياضة في المملكة لا سيما عندما تبنى (رحمه الله) إنشاء صندوق خيري للاعب وافتتح باب التبرعات لهذا الصندوق بمبلغ 3000 ريال عام 1375هـ.
* وكانت آخر مسؤولياته الرياضية الوطنية توليه رئاسة اللجنة المنظمة العليا لدورة كأس الخليج الثانية بالرياض عام 1392هـ حيث احتضن معسكر المنتخب في قصره بجدة لمدة خمسة أشهر لاعداد اللاعبين وتحضيرهم لهذه البطولة وساهم في تكفله بعلاج العديد من اللاعبين وارسالهم للخارج على حسابه الخاص, فضلاً عن الحوافز المادية والمعنوية التي كان يقدمها يرحمه الله لأبنائه اللاعبين وحرصه على ظهورهم بالمظهر الذي يعكس السلوك الرياضي السليم.
* وفي عام 1394هـ قرر الأمير الراحل اعتزال المناصب الرياضية بعد سنوات طويلة ساهم خلالها في وضع البذرة الأولى للحركة التأسيسية للرياضة السعودية وسقاها بماء الاهتمام والدعم والعناية حتى نمت نمواً سريعاً وأضحت اليوم بفضل الله تتبوأ مكانة بارزة ورفيعة على كافة الأصعدة والمستويات.
وتقديراً للدور الريادي الذي لعبه الأمير عبدالله الفيصل تجاه الحركة الرياضية بالمملكة حظي رائد الرياضة من الملك عبدالله« حفظه الله» بتكريم كبير عندما أطلق اسم استاد جدة الرياضي يحمل اسم الأمير عبدالله الفيصل عرفاناً واجلالاً للخدمات الجليلة والدور العظيم الذي لعبه الفقيد في خدمة رياضة الوطن أكثر من 70 عاماً.