Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/05/2007 G Issue 12638
الاقتصادية
الأحد 19 ربيع الثاني 1428   العدد  12638
الشراكة النفطية... التنمية والاستقرار
فضل بن سعد البوعينين

في كلمته التي ألقاها في منتدى الاقتصاد العربي ببيروت أشار وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي إلى أن (الدلائل تشير إلى استمرار نمو الاقتصاد السعودي بمستويات أعلى من متوسط النمو الاقتصادي العالمي)، وكشف عن أن الحكومة شرعت في وضع برنامج صناعي للبتروكيماويات يتضمن استثمارات قيمتها 70 مليار دولار ستساعد في جعل المملكة ثالث أكبر منتج في العالم بحلول العام 2015, وأشار أيضاً إلى أن السياسة البترولية في المملكة تسعى إلى تحقيق هدفين رئيسين: الأول دولي ويتمثل في العمل على استقرار السوق البترولية، والثاني محلي ويتمثل في تنويع مصادر الدخل.

الوزير النعيمي أكد أيضاً الأربعاء الماضي في اجتماع (الطاولة المستديرة لوزراء الطاقة في آسيا) على أن الخطط السعودية تهدف للوصول بالطاقة الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل نفط في اليوم بحلول عام 2009، وهو جزءٌ لا يتجزأ من أدوات ضمان استقرار السوق البترولية.

على المستوى المحلي أجزم بأن إستراتيجية التنمية الإنتاجية التي ينتهجها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كفيلة بتحقيق هدف (تنويع مصادر الدخل) التي أشار لها النعيمي في مدة زمنية قصيرة شريطة أن يلتزم الجميع بتنفيذ خطط التنمية حسب مضامينها، ومواصفاتها المرسومة.

إنتاج النفط لا يمكن أن يدوم إلى الأبد، كما أن بدائل الطاقة كالطاقة الشمسية، الهوائية، النووية، والبدائل العضوية، يمكن أن تهدد صناعة النفط وتؤثر في إيرادات الدولة في المستقبل القريب، ومن هنا يأتي التأكيد دائماً على حتمية تنويع مصادر النفط من خلال استغلال الموارد الحالية لخلق بنية تحتية ومناخ استثماري جاذب، وبناء المنشآت الصناعية والتعليمية المتقدمة، والتوسع في الصناعات التقنية، وبناء المدن المتخصصة، وتنمية القطاعات المنتجة الأخرى.

الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، أكد على أن بدائل الطاقة كانت وستظل موجودة، وربما كانت جزءاً من الحل، وأن العالم (سيحتاج إلى تعدد مصادر الطاقة وما يهمنا كدول منتجة ألا يتم ذلك على حساب البترول بطريقة متعسفة)؛ وهذا في اعتقادي هو الأهم، إلا أننا لا يمكن أن نركن له اعتماداً على (الخبرات التعسفية السابقة).

السعودية دائماً ما تفي بتعهداتها والتزاماتها خصوصاً ما يتعلق منها باستقرار أسواق النفط العالمية، إلا أن بعض الدول الغربية ربما كانت أقرب إلى الأسلوب التعسفي منها إلى أسلوب الشراكة ما يجعلنا أكثر حاجة إلى تفعيل خطط تنويع مصادر الدخل، والتعجيل بها حماية لمصالحنا الوطنية.

تأكيدات استقرار أسواق النفط انتقلت من الدول المنتجة إلى الدول المستهلكة، في سابقة يمكن أن تبرر حاجة المجتمع الدولي إلى عقد شراكة حقيقية لضمان إمدادات النفط، استقرار الأسواق العالمية، وتنمية الدول المنتجة، حيث أشارت وسائل الإعلام الرسمية نقلاً عن مسؤولين في الصين إلى أن (الصين تستطيع الاعتماد على الإمدادات المحلية لسد طلبها المتزايد على الطاقة ولن تسبب اضطراباً في الأسواق العالمية) وهي خطوة قُصِد منها تهدئة المخاوف العالمية حيال زيادة طلب الصين المتنامي على الطاقة الذي ربما أفضى إلى شُح في المعروض النفطي وزيادة كبيرة في أسعار الطاقة.

ترى من خلال مثل هذه التعقيدات الإستراتيجية، الصناعية، والمالية هل يمكن لنا أن نَنفَذ إلى عالم أرحب من الشراكة الاقتصادية، الثقافية، التواصل الحضاري، وبناء الثقة بين المنتجين والمستهلكين.

يبدو أن الأمر سيكون أكثر سهولة إذا ما حضر التنسيق، والتعاون ومدت جسور الثقة بين الدول، وحولت خطط المنافسة المدمرة إلى المنافسة الشريفة والتكامل الاقتصادي وبناء الحضارات والأمم.

كنت أسترجع هذا السؤال وأنا أقرأ خبراً (حدث في عاصمة الطاقة الرياض.. حضور بهي للإنسان واستهداف عملي لرفاهيته) المنشور في الصفحة الأخيرة من جريدة الجزيرة، وأعيد في ذاكرتي مشاهد حفل الاستقبال الذي دعا إليه معالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي على شرف نظرائه وزراء نفط شرق وغرب آسيا.

(الجزيرة) وبكل حيادية انتقت أفضل العناوين المعبرة عن المناسبة الجميلة وما تضمنته من صور إنسانية، ثقافية، تنموية، واقتصادية. على الرغم من كون الاحتفاء له علاقة مباشرة بصناعة النفط إلا أن القائمين على حفل الاستقبال آثروا أن يمازجوا بين الثقافة والاقتصاد وبناء الإنسان. توليفة جميلة اثبتت إمكانية توجيه صناعة النفط لبناء شعوب العالم ومد جسور المحبة والتواصل الثقافي ونشر العلم والثقافات بعيدا عن القيود السياسية، التنافسية، و(صراع الحضارات).

الحشد الكبير الذي حضر الحفل كان يمثل شرائح مختلفة ومتنوعة من المجتمع وقياداته، تحركت بعفوية تامة، وكسرت قيود البروتوكولات المقننة، ساعدها حسن التنظيم وأريحية المستقبلين وابتساماتهم العريضة. لم تفارق الابتسامة محيا معالي الوزير علي النعيمي، كعادته دائماً، وهو يستقبل ويودع الجميع بأريحية، وبحماسة (الشباب).

الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز كان حاضراً في كل ركن من أركان موقع احتفال تلك الليلة، مُنَظِماً، ومستقبلاً، ومودعاً، وبالفعل كان كما قالت عنه الجزيرة من الأشخاص غير العاديين الذين أضفوا على ألق (الليلة) المزيد من التألق.

لوحات القاعة، والحرف الشعبية طرزت أبهى حلل الليلة (النفطية) وأظهرت أصالة الثقافة وتعلق الاقتصاديين، وصناع الطاقة بها.

ارتباط الإنسان ببيئته المحيطة دلالة على الأصالة واحترام الأبناء لتراث الآباء والأجداد.

الفيلم التسجيلي الذي عرض في الحفل عكس حجم الاهتمام الذي توليه حكومة المملكة لتنمية الإنسان وتطوير قدراته ضمن الأطر الثقافية، الاجتماعية، والدينية العريقة، وبين أيضاً جزءاً من الازدهار والتنمية في دول آسيا والإنجازات النفطية بالمملكة ومسيرة التنمية الصناعية فيها.

يشعر الإنسان بالفخر وهو يستمع لأبناء هذا الوطن وهم يتحدثون عن إشاعة الحب والسلام، والتواصل الثقافي بلغات آسيوية تظهر وكأن القارة يمكن أن تكون دولة واحدة من خلال الترابط الثقافي، الاقتصادي والتعاون المثمر البناء.

يمكن للتعاون الاقتصادي أن يكون أكثر قوةً وتأثيراً في حياة الشعوب إذا ما بني على قاعدة صلبة من الثقة، التنمية المشتركة، الاندماج الثقافي، والتواصل الإنساني النبيل وهو ما يعتقده محبو السلام وعاشقو التنمية، وفي مقدمتهم قادة هذه البلاد الطيبة.

f. albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد