Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/05/2007 G Issue 12635
الاقتصادية
الخميس 16 ربيع الثاني 1428   العدد  12635
بمناسبة زيارة الملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز للمناطق الشمالية
مشروع تنموي كبير وإقامة محطة لتحلية المياه بالخليج العربي للمنطقة

في عهد الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه حدثت طفرة اقتصادية كبرى لشعوب الدولة الأموية غير مسبوقة إلى الدرجة أن يطوف عمال الدولة بأطرافها ولم يجدوا من يقبل الصدقة للغنى الذي حل بالناس لعدله رضي الله عنه، ونحن هنا بدأنا نلمس حرص الملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز في تصريحاته وخطبه على العدل ورغبته في تنمية شعبه وإصلاح أحواله، وإصراره المستمر على ما يؤكد عليه دائماً وأبداً في تصريحاته وخطبه حفظه الله (بالتوزيع العادل للثروة بين مناطق المملكة)، ومن هنا أوردنا مسألة التشابه بين الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز والملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز والذي سنشهد بإذن الله في عهده الميمون طفرة جديدة وتنمية بعيدة المدى.

ولعل زيارة مليكنا المحبوب عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله للمناطق الشمالية ستشهد بذلاً وعطاء غير مسبوق لمناطق هي في أشد الحاجة لتنمية بعيدة المدى تعوضها عما فاتها من خطط التنمية السابقة التي استفادت منها معظم مناطق البلاد، ولعل منطقتي الجوف والحدود الشمالية لازالتا تنتظران دورهما في تنمية ترسي دعائم الخير في أركانهما، وهو حفظه الله بعدله وقلبه الكبير أهل لكل خير.

المياه في الحدود الشمالية أساس التنمية

ولعل منطقة الحدود الشمالية هي في أشد ما تكون إلى عنصر التنمية الأول وهو الماء، فالماء في هذه المنطقة مفقود وبشكل حاد، ولا تنمية للمنطقة بدون العناية في هذه المادة لأنها أساس التنمية التي يمكن أن يحتاج إليها أهلها، ولأن الماء الذي تريد المنطقة هو ماء وفير بكل المقاييس لتنميتها؛ فلن يكون بأقل من إقامة محطة تحلية للمياه قرب الظهران تكون كافية لتغذية المدن الثلاثة (رفحاء وعرعر وطريف) بالماء المحلى الذي سيستخدم في تنمية المنطقة في شتى المجالات:

1) الاستخدام البشري: فلعل الهم الأول إنما هو للاستخدام البشري في البيوت بحيث يؤمن الناس هناك للسنين القادمة.

2) الاستخدام الزراعي: من حسن الطالع أن مشروع سد وادي عرعر قد تم الانتهاء منه للتو وهو سد كبير بكل المقاييس، ومن الممكن أن تقوم وزارة الزراعة بالتخطيط لنهضة زراعية في المنطقة مستفيدة من مناخ المنطقة الشبيه بالمناخ العراقي، بحيث إن المؤثرات الجغرافية على المناخ العراقي والإيراني (أواسط آسيا) تصل إلى هنا، وبهذا يمكن أن نجعل من عرعر ورفحاء منطقة السواد العراقية، وكلمة السواد كانت تطلق على العراق في العصور الإسلامية لأن الناظر للعراق وهو قادم إليها يرى سواداً من كثرة النخيل، وهنا في عرعر ورفحاء وطريف يمكن لنا أن نخطط من خلال تخصيص محطة كبرى لتحلية المياه بالخليج تستخدم خط التابلاين الموقف استخدامه منذ الثمانينيات بعد تأهيله لنقل المياه بدلاً من البترول لتلك المنطقة، وتعبئة سد وادي عرعر بالمياه وتغذيته بين الحين والآخر كأن يغذى بالمياه من خلال تشغيل المحطة لتحلية المياه أسبوع واحد من كل شهر، وتوزيع الأراضي البور على المواطنين بمساحات متساوية، وتقنين زراعة حديثة ليس بها هدر للمياه من خلال التنقيط وخلافه، وتخصيص أنواع الأشجار المناسبة لمناخ المنطقة من قبل مستشاري وزارة الزراعة كالنخيل والتفاح وغيرها، وذلك لخلق آفاق اقتصادية رحبة لمنطقة حيوية جداً للأمن الوطني، إن الملك عبدالعزيز رحمه الله حين أوجد تلك المنطقة بسياسته الإستراتيجية بعيدة المدى لم يكن مجرد تكليف الدولة لأعباء ثقيلة، وإنما كانت أهدافه أكبر من أن يفهمها جيله آنذاك، ولذا آن الأوان أن نعمل على توطيد تلك الإستراتيجية، وأن ندعمها بالعلم والعمل، لننشئ ركائز جديدة لاستقرار بشري أكثر صلابة وعمقاً بحيث نؤصل الوجود البشري بالأرض في تلك المنطقة، وبشكل نهائي لا رجعة فيه.

3) أما في رفحاء فيمكن أن نعيد الاستيطان لموقع جديد هناك فأرض لينة وما حولها أرض خصبة يمكن أن تكون من أفضل المناطق الزراعية بحيث يحول إليها شريان متصل بخط التابلاين، يوجه إلى وادي كريم ، الذي قد يقام عليه سد يروي أراضي لينا الشاسعة والتي تزيد بكثير عن عشرة آلاف كيلومتر مربع ، وتوزع الأرض البور في لينة على المواطنين لزراعة النخيل والتفاح الجيد هناك، أما طريف فلا تقل عن رفحاء وعرعر إلا أن مناخها يتميز بأنها ستزرع الزيتون والموالح كمنطقة الجوف لأن مناخها مناخاً يتأثر بمناخ البحر المتوسط أكثر منه شبهاً بمناخ أواسط آسيا.

4) الاستخدام السياحي: في مدينة عرعر بالذات يوجد نهري دجلة وفرات صغيرين, هما وادي عرعر وبدنة فقد قامت أمانة مدينة عرعر على استحياء ببناء روافد وادي عرعر أو نهر عرعر، وببطء شديد، ولكن هذا النهر الجاف الذي يخترق مدينة عرعر من الجنوب نحو الشمال ليلتقي به في وسط مدينة عرعر وادي بدنة القادم من الغرب نحو الشرق حتى منتصفها ثم يتحول الواديين في شكل زاوية قائمة نحو الشمال مشكلاً شط عرب آخر هناك ومتجهاً عبر مساحات واسعة نحو الجديدة على الحدود العراقية، ويتميز هذا النهر أنه بعرض يزيد عن خمسين متراً مخترقاً هذه المدينة الحيوية الهامة، بحيث يمكن تغذية هذا النهر بقليل من المياة التي تكون بين الراكدة أحياناً - ثلاثة أسابيع في الشهر - ومتحركة لتجديد المياه بالنهر - لأسبوع واحد فقط بالشهر بحيث ينتهي بسقي مزارع جديدة ربما للنخيل والزيتون بشمال عرعر، وهذا المشروع السياحي الزراعي الذي سيحيط مدينة عرعر بحزام أخضر سيحيي مدينة عرعر بحيث ستكون مدينة زاهرة كسامراء العراقية في زمن المعتصم، وستكون مدينة سياحية من الدرجة الأولى وستجتذب السكان بحيث يكون نموها أكثر من كل التوقعات لتشكل ركيزة هامة في حدودنا الشمالية في تلك المنطقة الحساسة، ولتساعد أهالي المنطقة على تنويع مصادر رزقهم ونشاطهم الاقتصادي، وتحدث نقلة نوعية في حياة المنطقة ومستقبلها؛ - بحيث تنشئ المطاعم والملاهي (الألعاب) والحدائق والمنتزهات العامة بما ينشط الحياة الاقتصادية والسياحية هناك بشكل يجعل من زيارة خادم الحرمين الشريفين حدثاً تاريخياً يغير من حقائق التاريخ والجغرافيا والاقتصاد في هذه المنطقة لعشرات السنين القادمة إن شاء الله، وهو ليس بالكثير على المنطقة لأن أضعاف هذه المبالغ صرفت على المناطق الأخرى بالمملكة.

5) بالإمكان أن يمد أنبوب نحو منطقة الجوف وآخر نحو محافظة القريات بطول 150 كم لكل منهما لتغذية المنطقة بمياه تلك المحطة؛ - خاصة لقرب مدينتي سكاكا ودومة الجندل وكذلك القريات من خط التابلاين، بحيث يمكن أن تكون الفائدة عامة لكلتا المنطقتين (الجوف والحدود الشمالية).

إن كل هذه المشاريع لن تحتاج إلى الكثير من المال، ففي وقت تم صرف حوالي أربعة مليارات ريال على مدينتي جدة والرياض سنوياً على النواحي التجميلية فقط في بعض خطط التنمية السابقة، فإن منطقتي الجوف والحدود الشمالية قد تحتاج مثل هذا الرقم لمرة واحدة فقط لكل منهما، أما مشروعنا الحيوي هذا فقد لا يكلف الدولة أكثر من مليار ريال واحد، وإن كانت تفاصيلها ستكون صغيرة إلى حد لن يرهق الدولة بقدر ما يساعدها في إيجاد حلول لسلة من المشكلات التي تعاني منها المناطق الشمالية وخاصة منطقتي الجوف والحدود الشمالية التي فاتتها فرص التنمية في العقود الماضية، فلعلها تجد فرصتها بدعم من حكومتنا الرشيدة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله.

إن لنا أن نتخيل شكل المنطقة إذا تم صرف المبالغ التي تحتاجها تلك المناطق للتنمية الرائدة والحقيقية؛ - تنمية الأرض والإنسان، وإذا أُحسن اختيار الأشخاص الذين سيقومون بتنفيذ تلك الخطط التنموية الكبرى والجادة كما يتمناها خادم الحرمين وولي عهده الأمين حفظهم الله.

د. صالح السعدون - كلية المعلمين بعرعر


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد