تعدُّ الزراعة في منطقة القصيم من أبرز ملامح حضارتها، حيث يشغل جزء كبير من السكان هذه المهنة، فلا تكاد تجد منزلاً يخلو من وجود ولو لمحة صغيرة منها!! زراعة البطاطس مثلها مثل بقية المنتجات التي تشتهر بها منطقة القصيم، خصوصاً في هذا الوقت من الموسم، جالبة معها طفرة اقتصادية ينتعش معها كل من هوى وعشق هذه الزراعة.
جلبت المزارع في منطقة القصيم عيون العديد ممن يسعون وراء كسب لقمة العيش، فقانونها ينصّ على أنه ليس من الواجب امتلاكك مزرعة للاستفادة، فهناك أيضاً من يستأجر هذه المزرعة بالموسم وبمبلغ يستطيع خلاله مضاعفته حال الربح، الاستئجار الذي جلب معه عيوناً أجنبية مرتبطة بالعمالة السندية التي تمتلك خبرة في الزراعة وقوة شرائية ومهارة في التسويق لا تتوفر عند العديد من أصحاب المزارع أنفسهم!!.
كذلك الارتفاع في أسعار أدوية المحاصيل كاليوريا والأسمدة بالإضافة للبطاطس المستوردة التي يشتكي منها العديد من أصحاب المزارع وتدعوهم لبيع محصولهم قبل بدء حصاده لضمان الربح!!
قضية استدعت إجراء تحقيق سريع من (الجزيرة) للوقوف على حال المزارع، وكذلك مدى دعم وزارة الزراعة ممثَّلة في مدير فرع الوزارة بمدينة بريدة.
بدايةً اعتبر المزارع صالح السليمان الربيعان أن زراعة البطاطس مغامرة في وقتنا الحاضر، الأمر الذي دعاه ويدعو العديد من المزارعين إلى بيع مساحتهم سنوياً من أجل ضمان الربح الذي قد يصل بيع المحوري الواحد فيه إلى سعر 300 ألف ريال!!
ويضيف الربيعان: تواجه زراعة البطاطس لدينا في المملكة العديد من العقبات التي تدعونا إلى تأجير المزرعة، خصوصاً للعمالة التي تمتاز بقوتها الشرائية وحرفيتها العالية وقدرتها التسويقية؛ نظراً إلى ارتفاع الأسمدة والمبيدات كسعر سماد سابك الذي يصل إلى قرابة 75 ريالاً، بينما نفس المنتج يُباع في الدول المجاورة بقرابة 35 ريالاً!! كذلك ما نواجهه نحن كمزارعين من تركيع لسوق البطاطس حين توافق المنتجات المستوردة موسم حصاد البطاطس لدينا، الأمر الذي يجعلني وبقية المزارعين نبيع ما لدينا من محصول (اللهم ارزقني وارزق مني)!!
من جانبه، أبدى المزارع صالح المحمد الغماس أحد ملاك مزارع البطاطس في القصيم استعداده لدعم الشباب السعودي، ودعاه لتكوين تكتلات لكي يعملوا في هذه المهنة التي تدرّ ذهباً للعمالة الأجنبية في حين نمتلك الخامة المناسبة من الشباب السعودي، وقال: أنا على أتم الاستعداد لدعم الشاب السعودي وكذلك القدوم واستئجار محصولي السنوي حتى ولو بدفعة ميسرة إلى أن يتم تصريف باقي المحصول ومن ثم إعادة المبلغ، وهذا ما نهدف له أنا وبقية المزارعين في المنطقة.
ولم يُخْفِ المزارع محمد الدخيل الله خشيته من تزايد هذه الارتفاعات والتقلبات في أسعار الأسمدة من محل لآخر، وطالب بضرورة متابعة هذه الأسعار من قبل وزارة التجارة المعنية بحماية المستهلك. ويقول: أسعار البذور النباتية كانت فيما مضى الطن الواحد يباع بقيمة 1900 ريال، أما الآن فلا تجد الطن بأقل من 5 آلاف ريال!! الأمر الذي يتطلب أهمية الوقوف والتصدي لمثل هذه الارتفاعات. وختم الدخيل الله حديثه بالتشديد على مطالبته بالتعاون مع وزارة الزراعة لإقامة دورات توعية للشباب السعودي الباحث عن العمل وتعليمه هذه المهنة التي قد تحدّ من تفشي ظاهرة البطالة.
عقب ذلك التقت (الجزيرة) مدير فرع وزارة الزراعة بمدينة بريدة الأستاذ عبد الكريم المعتق الذي أكد دعم الوزارة بكل ما تملك مزارعي المنطقة، كما تتابع ميدانياً كل ما يطرأ من تغيرات سعرية وإرسالها يومياً إلى وزارة الزراعة، كذلك ما قد يحدث من غشّ لا قدَّر الله. وأضاف المعتق في تعليقه على مطالبة المزارعين بإيقاف الاستيراد من الدول المصدرة للبطاطس كتركيا وسوريا أن هذه اتفاقيات دولية ولا نستطيع إيقافها. وعن دعم الشباب بإقامة دورات تثقيفية لهذه الحرفة قال: هذا بلا شك هدف ضروري ومطلب مهم ونحن نأمل ذلك. وفي نهاية حديثه وجَّه نصيحته للشباب بأن يكوِّنوا تكتلات فيما بينهم لتكوين القوة الشرائية وكذلك القدرة التسويقية.