Al Jazirah NewsPaper Friday  20/04/2007 G Issue 12622
الاقتصادية
الجمعة 03 ربيع الثاني 1428   العدد  12622
فيما دخل الوسطاء الجدد دائرة الضوء في السوق
أربع شركات تربح بالنسبة القصوى في يوم سابك.. وتساؤل عن اتجاه المؤشر بعد محفزها

* د. حسن الشقطي *:

شهد السوق هذا الأسبوع تراجعاً واضحاً رغم إغلاقه الإيجابي على صعود ملموس في نهاية تداولات الأسبوع؛ فرغم خسارة المؤشر لنسبة 5.65% في أول أيام التداول، إلا أنه استطاع تعويض جزء من خسائره في سياق ارتفاع المؤشر في وسط الأسبوع ونهايته. وقد شهد السوق حالة من الاضطراب الشديد على مستوى اليوم الواحد، وبخاصة في اليومين الأخيرين للتداول لدرجة أصبح معها المتداولون يتساءلون عن اتجاه السوق أو كيفية تحرك شركاته، وهل هي في طريقها للصعود أم أنه مسار هبوطي جديد؟ حيث خيمت حالة من الصمت واللا إدراك بشأن مسار السوق؛ فمن ناحية تلقى المتداولون تصريحات معالي رئيس هيئة السوق المالية لصحيفة (الجزيرة) بشأن صانع التوازن، وتم الإعلان عن أرباح إيجابية لسابك؛ الأمر الذي عزز الأداء للسوق والمؤشر لكي ينهي أسبوعه على ارتفاع ملحوظ. ومن الأمور اللافتة للنظر هذا الأسبوع ظهور بوادر لدخول الوسطاء الجدد من الشركات المالية المتخصصة في دائرة الضوء والتأثير في قرارات المستثمرين من خلال صدور التقارير المالية المتخصصة. وفي هذا السياق يثار تساؤلان حول: كيف سيسير هؤلاء الوسطاء الجدد في مضمار المضاربة؟ وكيف سيسير المؤشر بعد انتهاء محفزات سابك؟

المؤشر الأسبوعي يخسر 3.89% رغم إغلاقه الإيجابي

لقد بدأ المؤشر رحلته الأسبوعية على نزول عنيف يوم السبت الماضي، حيث خسر 440.1 نقطة بنسبة 5.65%، ثم ارتد يوم الأحد ليربح 110.69 نقطة عندما أغلق عند 7460.4 نقطة، تلاه صعود طفيف يوم الاثنين ربح خلاله 39 نقطة، ثم انكسر يوم الثلاثاء ليخسر المؤشر نحو 136.8 نقطة عندما أغلق عند 7363 نقطة. وأخيراً يوم الأربعاء ارتد المؤشر ارتداداً قوياً ربح خلاله 124.3 نقطة بنسبة 1.69% وبإغلاق المؤشر عند مستوى 7486.9 نقطة يكون قد خسر خلال هذا الأسبوع نحو 302.9 نقطة أو ما يعادل نسبة 3.89% وهي خسارة ليست صغيرة في ضوء انحداره من مستوى 8800 نقطة تقريباً منذ ثلاثة أسابيع.

سابك تمنع المؤشر عن الانحدار الـ7000 نقطة

رغم الإغلاق الإيجابي هذا الأسبوع، ورغم حالة التفاؤل التي أعطاها سهم سابك للسوق، إلا أن النظرة الكلية للسوق يشوبها الاضطراب؛ فبداية كل القطاعات خلال الأيام الستة الأخيرة خرجت خاسرة من السوق، بل إننا لو استبعدنا نتائج تداولات الأربعاء منها لوجدنا خسائر أكبر لكل القطاعات والأسهم. كما أن هذه الخسائر جاءت قاسية في قطاعات المضاربة (الزراعة والخدمات)؛ الأمر الذي يعطي توجها لانفلات المؤشر من أيدي كبار المضاربين واستسلامهم لمساره الهابط حتى يوم الثلاثاء. وجميعنا يعلم أن الهبوط الشديد لهذين القطاعين يعبر عن سيادة حالة تشاؤمية ليس لدى صغار المتداولين ولكن عند كبار المضاربين أيضا؛ أي أن المؤشر ومساره منذ السبت الماضي كان هابطاً في مسار متذبذب، وساد شعور بأنه في طريقه إلى 7000 نقطة لا محالة، لولا صعود سابك التي أوقفت هذا المسار الهبوطي.

انحدار قوي للسيولة المتداولة... بعد إتمام تصريف منتصف إبريل

من الأمور أيضا اللافتة للنظر هذا الأسبوع الانحدار الكبير في مستوى السيولة المتداولة عنها في الأسبوع السابق، بل إن مستوى هذه السيولة الأسبوعية أخذ مسارا هبوطيا أعنف من مسار هبوط المؤشر في بداية الأسبوع، حيث تراجعت من 80.8 مليار ريال في الأسبوع الماضي إلى 47.34 مليار ريال هذا الأسبوع. وهذا يدلل على أن سيولة الأسبوع الثاني من إبريل كانت سيولة تصريفية، حيث إن محافظ استثمارية كبيرة قد أتمت جني أرباحها.

الطلب الكثيف على سهم سابك يخلق مساراً صعودياً مفاجئاً

إن المفسر الرئيسي لتحركات المؤشر ليس يوم الأربعاء فقط ولكن غالبية أيام هذا الأسبوع هو الشائعات المتضاربة التي سرت في السوق منذ بداية الأسبوع حول سهم سابك؛ فمنذ بداية الأسبوع انتشرت الشائعات حول نتائج أعمال سابك وتوقعاتها، وبدأت تنتاب السهم تحركات غير اعتيادية، تعززت هذه التحركات يوم الأربعاء عندما تم الإعلان عن نتائج أعماله يوم الثلاثاء، والتي جاءت إيجابية حيث بلغت 6.3 مليارات ريال عن الربع الأول من 2007 مقابل 4.2 مليارات ريال عن الربع المثيل من العام السابق، أي بزيادة 50%، وبالتالي ارتفع ربح السهم من 1.76 إلى 2.51 ريال خلال هذه الفترة.

لقد أثر محفز أرباح سابك بقوة في حركة سهم سابك الذي ربح 4.96% يوم الأربعاء، حيث صعد السهم من 116 إلى 121.75 ريالاً، ولكنه لم يستطع اختراق مقاومته عند 123.75 ريالاً. ومع ذلك، فإنه ينبغي الحذر في التعويل على محفز سابك في دعم المؤشر خلال الأسبوع المقبل، وذلك للأسباب التالية:

1- أنه من المعروف أن الاستجابة القوية للمعلومات بمحفزات إيجابية لأي سهم تحدث في اليوم الأول في السوق المحلي، ومن ثم فإن سهم سابك قد استنفد قوته في التحرك حتى 123.75 ريالا، ولم يتمكن من الصمود سوى عند 121.75 ريالا، ومن ثم فلا يتوقع أن يخترق أعلى منها في الأسبوع المقبل.

2- أن حركة الطلب الكثيفة التي ظهرت على السهم لا تبدو طبيعية إلى حد ما لأنه ليس من المنطقي أن يطلب المستثمرون السهم، وهم يدركون أن محفزه يُستهلك؛ ففي السوق ثبتت فرضية (انتظار الخير أهم من وقوعه).

3- أن حركة الطلب أو الرفع المتعمدة بشكل مبالغ فيه لسهم سابك لم يكن المقصود بها سابك، بقدر ما استغل محفزه لرفع السوق لأهداف كبار المضاربين. وقد رأينا نجاح هذه الفلسفة في صعود جديد لأسهم المضاربات التي فاقت نسب صعودها معدل صعود سهم سابك نفسه، حيث ربحت الباحة ومعدنية والأسماك ومبرد بالنسبة القصوى. وهنا يثار التساؤل حول مدى العلاقة بين صعود تلك الأسهم وبين تصعيد سابك؟

شركات تربح بالنسبة القصوى في صعود سابك

من الأمور الغريبة يوم الأربعاء الماضي هو أن صعود سابك حرك أسهما أخرى في السوق كانت قد دخلت في مسارات هابطة عنيفة، حيث غيرت هذه الأسهم من مسارها بقوة وبشكل لافت للنظر في غضون ساعات قليلة؛ الأمر الذي يدفع للتساؤل حول قوة الطلب على سابك، هل هي حقيقية أم أنها مفتعلة بقصد تحريك طلب القطيع على كل الأسهم؟ ومن ثم خلق انطلاقة جديدة لأسهم المضاربات التي ما كان ليثق بها أحد بدون تخليق مسار صاعد جديد بقيادة سابك. وبالفعل، فقد تحركت كل الأسهم بالسوق، إلا أن أسهما بعينها تحركت بقوة أكبر. ولعل من أهم هذه الأسهم هي الباحة والأسماك ومبرد ومعدنية، بل كل الزراعيات تقريبا تحركت بقوة. ومن الملاحظ أن مكاسب هذه الأسهم، ومعظمها أسهم مضاربات جاءت أعلى من مكاسب سابك، كما أنه يجمع هذه الأسهم سمة أنها ليست أسهما استثمارية تقريبا، بل يجمع الأربعة الرئيسية التي تصدرتها بأن ثلاثة منها ذات مكررات ربحية سالبة (الباحة ومبرد والأسماك)، والرابعة مكرر ربحيتها مرتفع عند 53.47 مرة.أما الأمر المثير حقا فهو أن هذه الأسهم الأربعة كانت قد دخلت في سبات عميق منذ الأربعاء الماضي، لدرجة أن الباحة والأسماك ومبرد حققت خسائر بنسبة تزيد على 25% خلال الأيام الستة الأخيرة. أفلا يعد مستغربا أن تخسر الأسماك 27% على مدى كامل الأسبوع، ثم فجأة تربح 10% في يوم واحد.

هل يستمر محفز أرباح سابك الأسبوع المقبل؟

البعض ينادي بضرورة إعادة تقييم سعر سهم سابك، بل تطرقت الدعوة إلى ضرورة تدخل شركة سابك لتعزيز سعرها في السوق وليأخذ قيمته العادلة. إن الجميع يتفق على أن سهم سابك ليس سهما عاديا وأن قوته واستثماريته تعدان من ثوابت السوق، بل إن إدراج هذا السهم في أي سوق آخر ربما كان سيقيّم بسعر أعلى من سعره الحالي، ولا تشكيك في ذلك، إلا أن الأمر الذي هو محل التساؤل هو الترويج لهذا الأمر بهذا الشكل الذي يخلق ويؤثر في قرارات المتداولين للسهم، بل يؤثر في نفسية المتداولين في السوق ككل؛ فالقول بأن السهم يستحق أعلى من 121 ريالاً، وأنه يجب أن يكون في حدود 155 ريالاً لهو أمر يأخذه البعض على أنه مسار سابك في المستقبل القريب، والجميع متأكدون أن ارتفاع سابك إلى 155 ريالاً يعني صعود المؤشر ووصوله تقريبا من مستوى 11 إلى 12 ألف نقطة؛ ومن ثم فإنهم يخلقون ميولا لتصديق المتداولين لكل صعود يومي بأنه سيقود إلى المستوى الأعلى للمؤشر.إن المناداة بتدخل الشركات أو شركة سابك لتعزيز سعر السهم لهو أمر يمكن أن يخلق نوعا من المسارات العشوائية التي ما لبث السوق أن تخلص منها مؤخرا، نتيجة وجود أكثر من جهة أو طرف تؤثر مباشرة في سعر السهم ومؤشر السوق. إن الوضع الحالي هو أفضل ما يمكن أن يقدم لترسيخ استقرار السوق وإن كان هذا الترسيخ على المدى الطويل، والجميع يشهدون على أن السوق رغم مساره الهابط، إلا أنه استعاد بعض الثقة حول عدم حدوث انتكاسات كبيرة أو مفاجئة أو متوالية بشكل مخيف.

أول ظهور للوسطاء الجدد

صدر هذا الأسبوع تقرير متخصص عن إحدى الشركات المالية المتخصصة التي تعمل كوسيط في السوق. تنبأ هذا التقرير بأن القيمة الحالية لسهم سابك تقل عن قيمته العادلة. ولعل التقرير يتوقع بشكل غير مباشر بحدوث ارتفاع في سهم سابك، ولعل هذه التجربة تبدو جديدة على السوق. إن هؤلاء الوسطاء الجدد يتوقع أن يلعبون دورا حيويا في خلق الميول لدى المتداولين على أسهم بعينها. ولا يوجد أحد يشكك في نزاهة هؤلاء الوسطاء، إلا أنه ينبغي توضيح آليات الفصل بين أهداف ومصالح العملاء وبين الجوانب التي تمس وتؤثر في كل المتداولين في السوق.

مستقبل الاستثمار طويل الأجل في السوق

رغم كل ما ذكر أعلاه ورغم وجوب التعامل بحذر مع تحركات السوق والمضاربين، إلا أن نتائج أعمال سابك والاتصالات (المبدئية) تؤكد فرضية أن السوق لا يزال مربحا واستثماريا على المدى الطويل؛ فلو افترضنا أن مستثمرا كون محفظة منذ أربع أو خمس سنوات في سابك أو الاتصالات، وتركها بدون أي تحركات، فإنه رابح بلا شك وربحيته تتراوح بين 8% و9% سنويا تقريبا، حيث إن الأرباح الموزعة للسهم بلغت 2.5 ريال في سابك، و1.25 ريال في الاتصالات؛ أي أن ربح السهم في الاتصالات بلغ نحو 5 ريالات وفي سابك 10 ريالات في العام تقريبا؛ أي أن الاستثمار في السوق في الشركات الاستثمارية بلا تعب أو مضاربة لا يزال استثمارا مجديا، ولكن يرتبط ذلك بمدى بين المتوسط والبعيد.

(*) محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد