تلقيت تعقيب سعادة الدكتور صالح بن أحمد بن ناصر على مقالتي السابقة بكثير من الاهتمام، وقد تألمت حقيقة من الجحود الذي لاقته اللجنة من الأندية ومن الصحافة الرياضية - كما أوضح التعقيب - بعدم تفاعلها مع حدث يمس مستقبل الكرة السعودية برمتها، مما يعطي الانطباع عن سلبية الأندية والصحافة الرياضية أحياناً تجاه المقترحات ذات الطابع المهم في بنائية رياضة الوطن، فالأندية ومسؤولوها والصحافة وكتابها الصحفيون - وأنا أحدهم - لا نجيد أحياناً غير الانتقاد دون تقديم الحلول وفي الوقت ذاته يوضح مدى اهتمام المسؤولين عن الرياضة وعملهم المضني والدؤوب للتطوير، ومع ذلك كنت آمل وأطمع وأتمنى ألا تبقى اللجنة تدور في حلقة شبه مفرغة لأن نتائج اللوائح هي الفيصل.
والعبد الفقير لله لا يملك من أدوات بناء اللوائح الكثير وإلا لما ترددت لحظة بمشاركة اللجنة الموقرة عملها المؤثر في مستقبل الكرة السعودية، والتي أسأل الله لها التوفيق والسداد بحيث تأتي النتائج ايجابية، فالاحتراف خلال سنوات إقراره لم يعطِ نتائج كبيرة على المستوى العام.
ولنأخذ فكرة عن إيجابية الاحتراف من خلال نتائجه بعد إقراره في الألعاب الأولمبية وهي سنام الرياضة العالمية، فقد كانت تنظيمات ألعاب الأولمبياد ترفض اشتراك المحترفين ضمن مسابقاتها المتعددة، وكم من ميداليات ذهبية سحبت من لاعبين في ألعاب شتى بعد أن ثبت (تورطهم) في قضية (احتراف)، واستمرت الحال على ما هي عليه حتى مجيء خوان أنطونيو سمارا نش وتبوئه سنام اللجنة الأولمبية وانتهاء زمن الهواية والهواة وبدء مرحلة الاحتراف والمحترفين في شتى الألعاب وذلك في عام 1986 وتمت الدراسات لتخرج لوائح الاحتراف معززة بدعم التسويق التجاري فقفزت مستويات ألعاب الأولمبياد إلى عنان السماء في عام 1988 وأخذت الدورات الأولمبية تدر أموالاً هائلة في دورة برشلونة ثم أصبحت الأرقام خيالية في دورة سيدني لتدفع محطة مثل (إن بي سي) مبلغ 800 مليون لنقل الدورة ثم أخذت الأرقام تتصاعد حتى أولمبياد أثينا 2004 وها هي تتضاعف العروض في أولمبياد بكين 2008 وعلى ذكر الصين فقد وضع الصينيون خطة لتحويل كل ألعابهم ولاعبيهم من الهواية إلى عالم الاحتراف وقد استفادوا في كرة السلة من مبادئ احتراف فريق هارلم الأمريكي ليبدؤوا من حيث انتهى الآخرون.
ونحن هنا وبعد إقرار احتراف لاعبي كرة القدم، ماذا جنينا غير النتائج المخيبة لآمال الجميع ما يعني أن هناك خللا في لوائح الاحتراف أو في التطبيق، فلو عدنا الى مشاركاتنا في كأس العالم لوجدنا أن أنجح وأفضل مشاركة كانت في مونديال أمريكا عام 1994 عندما كان جميع لاعبينا آنذاك من الهواة.
لذا كنت وما زلت أتمنى تكوين لجان من مسؤولي ملفات الاحتراف في الأندية حتى نضمن نقلة نوعية تعود بالفائدة على رياضة الوطن ككل وعلى كرة القدم السعودية بشكل خاص، وليس المطلوب حذف فقرة أو تعديل أخرى. لا لم أكن أقصد ذلك بل أقصد تحسين نتائج المنتخب لأنها الفيصل في النجاح أو الفشل لا قدر الله.
ولضمان جودة المخرجات أرى ضرورة عمل لجان من أهل الاختصاص في الأندية والاقتباس من لوائح الاحتراف لدى من سبقونا وتذليل الصعاب لتحقيقها لتعطي نقلة نوعية للكرة السعودية.
وهنا أود أن أشكر سعادة الدكتور صالح بن ناصر الذي أتاح لي تبيان وجهة نظري في نواحي الاحتراف مع كامل التقدير للجهود المبذولة من مسؤولي اتحاد الكرة كالطلب من الأندية والصحف موافاة اللجنة بوجهات نظرهم واقتراحاتهم ومع ذلك وكما تبين من خطاب الدكتور بن ناصر لم تلق التجاوب من الأندية ولا من الصحافة فلا نسمع منهم سوى جعجعة ولا نرى طحناً.
لذلك على من يملك أدوات ومفردات الاحتراف أن يعجل بمشاركة لجنة الاحتراف ومن ناحيتي أقترح التالي وبالله التوفيق:
1- ضرورة وضع الأسس النظامية لتثبيت مسمى (لاعب محترف) في السجلات الثبوتية الرسمية لتكون له شخصية اعتبارية رسمية ومن ثم يستفيد من عوائد التأمينات الاجتماعية في حال اعتزاله أو إصابته إصابة تمنعه من الاستمرار كلاعب محترف، إضافة لتفعيل التأمين على اللاعبين أثناء عملهم الوظيفي في الأندية وذلك يصب في مصلحة اللاعب والنادي.
2- إيجاد ضوابط واضحة وصريحة لمسألة تحويل اللاعب من محترف إلى هاو بحيث لا يكون للاعب حق الاعتراض على التحويل النظامي لكي تكون الأمور محسومة ويتعامل معها اللاعب بكل جدية وليس بالمراوغة والتسويف كما هو حاصل.
3- وجوب وضع بنود واضحة وصريحة في مسألة العقد المقدم، بحيث تكون واضحة وشفافة لتبين شمول المبلغ المقدم لرواتب وبدلات اللاعب أثناء مدة العقد أم يحصل اللاعب على كامل مقدم العقد دفعة واحدة ولا يشمل الرواتب والبدلات؟!
وهذه الأخيرة فيها غبن واضح للنادي وأرى أن يشمل العقد مرتبات اللاعب وبدل السكن والمواصلات وغيرها من البدلات وذلك مدة العقد وأن يقسط المبلغ المتفق عليه سنوياً.
4- تخفيض عدد اللاعبين المحترفين إلى ثلاثين لاعباً فقط في النادي الواحد بمن فيهم المحترفين الأجانب، رغم سلبيته على اللاعبين المرفعين من درجة الشباب بنفس النادي.
5- عدم التقيد بسن اللاعب في حال الرغبة في الانتقال بدلاً من تحديد عمره بثمانية وعشرين عاماً وتعويض مسألة العمر بآليات واضحة وصريحة تمنع التفاوض كلياً مع اللاعب إلا عن طرق إدارة ناديه ومعاقبة أي ناد يتفاوض أحد مسؤولوه مع أي لاعب وعقده سار وحصر التفاوض مع إدارة النادي كما ذكرت.
6- تفعيل العقوبات الواردة في اللوائح وتطبيقها على المخالفين أيا كانوا والالتزام التام بقرارات العقوبة حتى لا تفقد تلك القرارات رسالتها التربوية وأثرها وفي نفس الوقت لا تفقد الجهة مصدرة العقوبة لمصداقيتها.
هذه بعض ملاحظاتي فما يوافقكم خذوه وما لم يكن وجيها ومقبولاً لديكم فارموه في غياهب النسيان.
وقبل أن أنسى أرى ضرورة التنويه إلى مشكلة ارتبطت بالاحتراف على مستوى العالم وهي مشكلة تعاطي المنشطات لتحقيق نتائج إيجابية آنية للمتعاطي وسلبية عليه مستقبلاً ومعيبة في حق الأخلاق والمثل الرياضة، فتعاطي المنشطات قد ازداد بعد تحول الألعاب الأولمبية من الهواية إلى الاحتراف ولا شك أن ذلك قد انعكس لدينا، فبعد الاحتراف ازداد عدد اللاعبين المتعاطين المنشطات سعياً وراء الرقي الوظيفي. وقصص تعاطي المنشطات أصبحت تطغى على غيرها من الاهتمامات في الوسط الرياضي ومع ذلك ما زال التعامل معها فيه الكثير من الضبابية دون أسباب واضحة وبالله التوفيق والسداد.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6891» ثم أرسلها إلى الكود 82244