تلقيت دعوة كريمة من الزملاء في الغرفة التجارية بالرياض لحضور لقاء مفتوح مع وزير العمل معالي الدكتور غازي القصيبي الثلاثاء الماضي. حضرت هذا اللقاء وسط كوكبة من رجال الأعمال في مختلف القطاعات وأدار الجلسة سعادة الشيخ عبدالرحمن الجريسي وبحضور وكيلي وزارة العمل سعادة الدكتور عبدالواحد الحميد وسعادة الأستاذ أحمد الزامل.
استمر اللقاء قرابة الساعتين ونصف الساعة؛ إذ نجح رئيس الجلسة في كسب أطول وقت مع معالي الوزير بتأخير صلاة الظهر الأمر الذي أطال من مدة اللقاء مما أتاح أكبر وقت ليسمع معاليه من رجال الأعمال آلامهم ومطالبهم.
لم يكن غريباً على معالي الوزير صاحب السجل العملي الاحترافي الطويل في مختلف القطاعات سواء كانت خدمية أو دبلوماسية أن يظهر قدرته العالية على التجديد في الشكل والمضمون وأن يلبس في كل ظرف ومناسبة لبوسها المناسب، وكان من أول علامات ذلك رفع الراية البيضاء وإطلاق حمام السلام ومع بداية اللقاء بدعوة إلى مرحلة جديدة مع رجال الأعمال تركز على تكثيف الحوار والعمل المشترك للقضاء على العدو المشترك وهو البطالة.
استخدم معالي الوزير في بداية اللقاء أسلوبه الساخر المعتاد في كسب قلوب مستمعيه مع نبرة عاطفية أحسبها تنبع من قلب صادق فرَّغ فيها معالي الوزير معاناته طيلة ثلاث سنوات في محاربة البطالة؛ هذه المعاناة التي جلبت لمعاليه في كل يوم عدداً من الخصوم حتى أصبح ينتظر قرار الإعفاء بفارغ الصبر لما وجده من اضطراره للمصادمة المباشرة مع الكثرة الكاثرة من رجال الأعمال وعليه فلم يكن مستغرباً أن يقرأ رغبتهم في ألا يتم التجديد لمعاليه أخيراً.
نجح الوزير في كسب مستمعيه من خلال قفشات انتقاها باحترافية وتلقائية رامياً أولاها حين قال إن معشر التجار كانوا أكثر متابعة للتغيير الوزاري منه شخصياً؛ وأن التجديد له لم يكن على هواه كما أنه ليس على هوى رجال الأعمال أيضاً، وعزى - في دعابة - معشر رجال الأعمال بالصبر على ذلك وأن بقاءه في الوزارة ربما كان أقل ضرراً من بديل ليس بالضرورة أكثر نفعاً، مستشهداً بمثل عامي يمنعني الأدب مع معاليه من ذكره صراحة.
وبعد أن أعطى رئيس الجلسة لرجال الأعمال الفرصة بالحديث؛ عبّر المتحدثون الأوائل منهم عن سعادتهم بلقائه، فقاطع أحدهم في دعابة طالباً منه الحلف من كونه يشعر بسعادة حقيقية في إشارة إلى إدراك معاليه وتألمه في الوقت نفسه أن حمله للواء محاربة البطالة اضطره لخصومة عدد كبير من رجال الأعمال.
تتابع المتحدثون من رجال الأعمال في عرض ما لديهم أو بعض ما لديهم وكانت المداخلات في معظمها هادفة وبناءة وشفافة؛ بادلها معالي الوزير بالأسلوب ذاته معترفاً بشفافية شجاعة بمحدودية الموارد التي بيد الوزارة للوفاء بجميع المتطلبات، داعياً الجميع إلى العمل معاً كفريق واحد بأسلوب تكاملي لتحقيق خطة القضاء على البطالة بآليات أفضل وأسلم.
وقد كان مدير الجلسة مبعوثاً للنوايا الحسنة؛ فتارة يدعم بقوة بعض الممارسات التي تمت في السابق وكانت لها آثار سلبية منتقداً بأدب بعض سياسات السعودة، وتارة يدعمها وعلى رأسها وزارة العمل في انتقاد مبطن لبعض رجال الأعمال المتباطئين في التفاعل الإيجابي مع سياسات السعودة وقراراتها.
وتم اختتام اللقاء بوعود بتجديد اللقاءات الجماعية لرجال الأعمال والمتخصصة طالباً - أعني معالي الوزير - من رجال الأعمال المبادرات والمقترحات وليس فقط المطالب والحاجات.
مضت ثلاث سنوات (المدة الأولى لمعالي الوزير) نجح من خلالها تحقيق عدد من المنجزات كانت تصب في معظمها في الضبط والسيطرة والحزم في تطبيق قرارات كانت شبه معطلة؛ أتبعها بالعديد من القرارات التنفيذية لسياسات السعودة وقراراتها التي تم اتخاذها قبل تولي معاليه.
خلال الثلاث سنوات الماضية؛ وخلال هذا اللقاء تم التطرق إلى العديد من الأفكار والمقترحات التي تصب في خدمة السعودة ومحاربة البطالة؛ كثير من هذه المقترحات أو بعضها على الأقل قادر على الإسهام في تحقيق تقدم كبير في هذا المجال، والمتأمل من معالي الوزير خلال المرحلة المقبلة تأكيد دعوته الكريمة للحوار والعمل المشترك بغربلة الأفكار المطروحة وتحويل ما يناسب منها إلى واقع من خلال مشروعات تنفيذية ذات جداول زمنية محددة، فالمتغيرات المحلية والعالمية في تسارع أصبح معه عامل الوقت بالغ الحساسية.
وأخيراً وليس آخراً؛ فالله نسأله أن يوفقنا جميعاً في أن تنجح سياسات السعودة في القضاء على البطالة وتطوير الاقتصاد وأن تتبوأ بلادنا الحبيبة أعلى درجات الريادة.
* عضو لجنة التشغيل والصيانة بغرفة الرياض
walrashid@yahoo.com