* قدَّمت حقبة الثمانينيات الهجرية من القرن الفائت حراساً كباراً وبارزين فنياً وسلوكياً.. تألقوا بين الخشبات الثلاث بصورة أكثر فعالية.. ومن هذه الأسماء اللامعة حارس الشباب في تلك الحقبة الفارطة (عبد الله بن سالم) الذي تجلت نجوميته في وقت مبكر من عمره الرياضي نظراً لإمكاناته الفنية العالية وقدراته البارعة التي خوَّلته ليصبح من الحراس البارزين بالمنطقة الوسطى حيث اشتهر آنذاك بقدرته الفائقة على الطيران والتصدي للكرات العرضية بكل مهارة فضلاً عن تركيزه الذهني وسرعة ردة فعله الإيجابية.. إلى جانب أخلاقه الرياضية العالية التي منحته لقب الحارس المثالي.
* فبعد تألقه مع فريقه.. اختير لتمثيل منتخب الوسطى في دورة كأس المصيف لمنتخبات المناطق بالطائف.. وجاء بروزه الرائع.. ليطلق عليه رائد الرياضة الأول الأمير عبدالله الفيصل - أطال الله عمره - لقب الحارس المطاط.
* استمر في الملاعب حتى عام 1393هـ.. وبعد هجران الكرة.. اتجه لخوض تجربة ناجحة في عالم التدريب حيث عمل في هذا المضمار ثلاثة عقود من الزمن.. ساهم خلالها في إبراز العديد من النجوم والأسماء اللامعة في الخارطة الشبابية.
* ابن سالم الذي يُلازم فراش المرض بعد إجراء عمليتي قسطرة في القلب بمدينة الملك فهد الطبية.. حرصنا في (الجزيرة) على رصد معاناته المرضية كما هو
ديدنها في نقل الصورة عن نجوم الأمس الرياضي نتناولها عبر الأحداث التالية.
البداية تعب وإرهاق
* قبل ما يزيد عن أسبوعين شعرت بتعب وإرهاق بصورة غير طبيعية، وكان ذلك عند الساعة السادسة صباحاً وشعرت بحرارة وضيق تنفس.. حاولت النوم بعد صلاة الفجر ولم أستطع فأخذت بعض الإسعافات الأولية بالمنزل، لكن دون جدوى.. بعد ذلك توجهت لأحد المستوصفات الأهلية القريبة بالحي، وحينما كشف عليَّ الطبيب نصحني بالتوجه إلى أحد المستشفيات الحكومية، حيث اتضح أنها بداية جلطة.. فنقلني أحد أبنائي لمستشفى الرياض المركزي على وجه السرعة.
أعراض جلطة
* تمَّ استقبال حالتي عن طريق إسعاف المستشفى وبعد إجراء تخطيط القلب والتحاليل اتضح أنها أعراض جلطة وأخذت حبوباً مسيلة لمنع تخثر الدم ونقلوني للعناية المركزة ومكثت يومين حيث تقرر إجراء عملية قسطرة في القلب.. ونظراً لتوفر الإمكانات الجيدة بمدينة الملك فهد الطبية والكفاءات الطبية المتخصصة بذلك.. تمَّ إرسال فاكس عاجل للمدينة لمعرفة مدى إمكانية استقبال حالتي وإجراء عملية بالمدينة، وبعد يومين جاءت الموافقة باستقبال حالتي، وبالفعل تمَّ نقلي عن طريق إسعاف مستشفى الرياض المركزي لمدينة الملك فهد الطبية.. ودخلت غرفة العمليات بعد الاطلاع على ملفي الطبي حيث أُجريت صباح يوم الثلاثاء قبل الماضي العملية الأولى وكانت عبارة عن قسطرة في القلب بعدما تمَّ عمل فتحة أسفل الحوض من القدم اليسرى، وقد استغرقت هذه العملية قرابة ثلاث ساعات من الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى الساعة العاشرة والنصف.. وبعد يومين شعرت بنفس الأعراض حيث اتضح أن العملية الأولى لم تنجح فتقرر إجراء علمية ثانية أيضاً قسطرة وإذا تأزم الأمر قد يضطر الأطباء لإجراء عملية جراحية لزراعة شريان بالقلب نظراً لانسداد بعض الشرايين وصعوبة إزالة الانسداد، لكن الحمد لله تمَّ إجراء العملية الأخرى وقد تكللت بالنجاح.. صحيح أنني وجدت نفسي أمام خيار صعب دفعني لتسليم أمري لله بعد تأكيد الأطباء ضرورة إجراء العملية الثانية (قسطرة) وإذا تأزم الأمر قد يتحوَّل لعملية جراحية، وهذا كله جعلني أتوكل على الله وأرضخ لرغبة الأطباء.
فشل العملية الأولى
* من المراحل الصعبة التي مررت بها أثناء إقامتي بالمدينة كانت خلال فترة العملية الثانية.. صحيح أنني انصدمت عندما فشلت العملية الأولى بعد إجراء القسطرة لأن فشل الأخرى قد يستدعي الأمر إجراء عملية جراحية بالقلب لزراعة شرايين بدلاً من الشرايين التالفة، لكن مخاوفي ومتاعبي زالت تماماً عندما تذكرت أن ذلك قضاء وقدر كتبه الله عليَّ ولا راد لقضائه، ومن رأى مصيبة الناس هانت عليه مصيبته.. طبعاً عندما قرر الأطباء إجراء عملية ثانية وجدت عدداً كبيراً من الأطباء والممرضين داخل غرفة العناية مما أصابني بخوف خشية أن يتطور الأمر فيتم إجراء عملية جراحية، وإزاء ذلك الموقف دعوت الله وظللت أقرأ القرآن الكريم، وبعد لحظات شاهدت ابتسامة المشرف على حالتي الدكتور محمد الطويرقي مع بعض المساعدين والممرضين وكأن الأمور أخذت تسير للأحسن بعد أن طمأنني الطبيب بأن العملية الثانية ستكون - إن شاء الله - ناجحة بنسبة كبيرة.
10 ساعات من المعاناة
* مكثت عشر ساعات على ظهري دون حراك بعد إجراء العملية الأولى وعمل فتحة أسفر الحوض من القدم اليسرى حيث طلب الطبيب مني عدم تحريك جسمي أو قدمي حتى لا يحصل نزيف.. وعشر ساعات وأنا على ظهري كانت صعبة.. والأصعب عندما تقرر إجراء علمية ثانية وعمل فتحة بالقدم اليمنى.. وليومين أيضاً مكثت عشر ساعات أو تزيد بنفس الحال حتى طعم النوم لم أتلذذ به نظراً لشدة العملية وصعوبة الموقف والحمد لله أن العملية تكللت بالنجاح التام.
الطب مهنة إنسانية
* علاقتي مع الأطباء الذين اشرفوا وتابعوا حالتي المرضية كانت أكثر من رائعة فمن هؤلاء أذكر د. محمد الطويرقي استشاري قلب ود. هشام كردي أيضاً استشاري قلب وتخطيط فهما كفاءتان سعوديتان لهما أسلوب رائع في التعامل والتخاطب مع المريض.. وكانا يعطيان الأمل القوي ويقولان: إن شاء الله عارض ويزول فضلاً عن متابعتهما المستمرة واهتمامهما المباشر بالحالات المرضية وبالفعل جسَّدا مقولة إن الطب مهنة إنسانية في المدينة الطبية فجزاهما الله كل خير على ما قدماه لي واهتمامهما بحالتي.
نصيحة ببلاش!!
* بعد خروجي من المدينة الطبية قبل أيام قلائل.. كان وضعي النفسي مرتاحاً جداً.. صحيح أنني عشت أياماً صعبة بالمدينة، لكن لا أنسى دور الأطباء كما أشرت آنفاً وزملائي الذين قاموا بزيارتي مما كان له الأثر بعد توفيق الله في رفع معنوياتي وارتياحي النفسي.
طبعاً بعد مغادرتي المدينة وضع لي الطبيب المشرف على حالتي نظاماً غذائياً خاصاً منه: تجنب الدهون والأملاح واللحوم الحمراء وعدم بذل أي مجهود حتى مراجعة المدينة في شهر جمادى الأولى من هذا العام.. فأنا أشكو من الكولسترول ولو لا الله ثم ممارستي للرياضة قبل العملية التي أجريتها لكانت الأمور أصعب، لكن الله ستر.. طبعاً كنت أمشي يومياً قرابة كيلين منذ أن ظهر معي الكولسترول قبل أكثر من سنة لأنني بطبيعتي رياضي وأحب مزاولة رياضة المشي.. حتى في العمل لا أحرص على صعود (اللفت) إنما أصعد مع الدرج لأن الرياضة مهمة لبناء جسم صحي وسليم، لذلك أنصح حتى الأصحاء بضرورة ممارسة الرياضة وعدم الإفراط في تناول الدهون لأنها السبب الأول في ظهور أمراض القلب وخلافه .
لن (أعتب) على أحد!!
* الأيام الـ 15 التي قضيتها على سرير المرض بمدينة الملك فهد الطبية ذقت فيها الآلام الجسدية والمعنوية، لكن ما هوّن عليَّ أن تلك الزيارات التي قام بها زملائي من اللاعبين السابقين والأصدقاء كانت بمثابة البلسم الشافي لي خصوصاً وأن هناك من الزملاء اللاعبين القدامى بعضهم لم أراه منذ ربع قرن من الزمن.. ولن أعتب على من تجاهل زيارتي أو الاتصال عليَّ، وقد يكون هناك ظرف منعهم من السؤال عن صحتي ولو (هاتفياً).
نجوم الوفاء
* من اللاعبين السابقين الذين غمروني بزياراتهم واتصالاتهم الدائمة كابتن الهلال سابقا سلطان بن مناحي ولاعب أهلي الرياض ناصر بن سيف وناصر الراجح وفهد بريك وفهد الوعيل وإبراهيم تحسين ومحمد الوعيل.. وأيضاً لاعبو الشباب السابقون رمزي العصيمي وفهد المهلل وفهد الكلثم وعبد الرحمن الحمدان وسلطان خميس وعبد الله الشيحان وغيرهم مما لا تحضرني اسماؤهم، فمجلسي بعد خروجي من المدينة الطبية كان يغطي كل مساء 10 -15 من الزوار إضافة الى زملاء العمل الذين احتفلوا بخروجي بالسلامة،وتهنئتي بذلك لكن لا أدري بماذا أُجازيهم.
«الوعيل» صديق وفي
* أكثر اللاعبين انتظاماً في زيارتي بالمنزل هو زميلي اللاعب السابق فهد الوعيل.. والحقيقة غمرني هذا الصديق الوفي بمواقفه الطيبة معي سواء حينما كنت بالمستشفى أو حتى بمنزلي.. كان يحرص على زيارتي كثيراً ومعه أحد الشباب الملتزمين ممن يقرؤون القرآن على المرضى فكان هذا الشاب - جزاه الله كل خير - يقرأ عليَّ كلما جاء مع الوعيل لزيارتي.. وكل هذا بفضل الله ثم بفضل الزميل العزيز فهد الوعيل.. والحقيقة لا أستطيع أن أُكافئ هذا الرجل الذي جُبل على الطيبة المتناهية والخلق العالي إلا بالدعاء له.. فله مني جزيل الشكر والعرفان.
* ولا أنسى شقيقه محمد الذي حرص على تواصله معي بشكل ينم عن أدب وخلق هذا الرجل النبيل.. وبالمناسبة أبناء الوعيل تربطني بهم علاقة قوية ومتينة، فعلاوة على العلاقة الرياضية التي تربطني بهم باعتبار أننا لعبنا سوياً مع نجمة الرياض.. تربطني أيضاً بهم علاقة عائلية فهما أبناء خالتي لذا لا أستغرب منهما هذا الشعور وهذا التواصل المستمر الذي يكشف معدنهما الأصيل وشهامتهما النبيلة.