*حاوره - محمد صديق
شهد السوق العقاري بالمملكة خلال الفترة الماضية ارتفاعاً كبيراً في أسعار الإيجار خصوصاً العقار السكني، حيث قُدِّر هذا الارتفاع بنسبة 50%.. ونسب عقاريون هذا الارتفاع إلى قلة المعروض ونتج عن ذلك ارتفاع حجم الطلب، لكن هذا قد لا يكون سبباً وحيداً نظراً لعوامل أخرى متعددة ساهمت أيضاً في هذا الارتفاع كالارتفاعات الكبيرة التي شهدتها مواد البناء وخصوصاً الحديد والأسمنت.. لكن يرى معظم العقاريين أن هذه الأسباب كلها قد تزول إذا وُجدت آلية فاعلة للتمويل العقاري.. وهنا يقول المستثمر العقاري إبراهيم بن سعيدان: لقد ظللنا ننادي كعقاريين منذ فترة طويلة بأهمية التمويل العقاري في حل مشاكل القطاع.. جاء ذلك خلال حديثه ل (الجزيرة) عن قضايا التمويل العقاري.. وفيما يلي نص حديثه:
* ما زال العقاريون يطالبون بتفعيل التمويل العقاري نظراً لحاجة السوق الملحة له خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير في حجم الطلب على العقار السكني فما تعليقكم؟
- نادينا وما زلنا ننادي منذ مدة طويلة بأهمية التمويل العقاري استشعاراً منا بالدور الذي يُمكن أن يلعبه في التغلب على المشكلة السكانية التي بدأت تكبر وتتفاقم، حيث يمكن لشركات التمويل العقاري أن تساهم بشكل كبير في الخروج من عنق الزجاجة فيما يتعلق بموضوع الإسكان الذي يمر حالياً بأزمة خانقة نتيجة شح المعروض من الوحدات السكنية لإحجام المستثمرين عن الاستثمار في بناء المساكن بغرض التأجير وتوجُّه البعض منهم للتمليك فقط لإحجام البنوك عن الإقراض مما ضاعف المشكلة وأوجد أزمة سكن حقيقية، لذا فإن الحاجة باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى في إيجاد شركات للتمويل العقاري تساعد في عملية إقراض الشباب على تملك الوحدات السكنية وبالتالي تحفيز المستثمرين على التوسع بالاستثمار فيها بالإضافة إلى دعم المستثمرين من المواطنين والمقيمين لشراء مساكن لهم وتحريك آليات سوق البناء والعقار وتقليص عدد المستأجرين بزيادة عدد الملاك مما يدعم العاملين في مجال الإسكان من مستثمرين ومطورين وملاك، كما أن الحاجة ما زالت ملحة لسرعة إقرار نظام الرهن العقاري لإعطاء الضمان اللازم للبنوك حتى تتمكن من التوسع في عمليات الإقراض لمشاريع الإسكان العقارية، وهنا أود التنويه عن نقطة أخرى ذات أهمية خاصة تساهم في خفض كلفة الوحدات والمباني السكانية وهي السماح بزيادة الأدوار على الشوارع الرئيسة مما يخفض من كلفة الأرض وبالتالي ينعكس إيجابياً على سعر الوحدات السكنية.
ارتفاع النمو السكاني
* يتحدث المحللون عن توقعات بحدوث انفجار سكاني بالسعودية ما لم تتخذ آليات فاعلة وجادة لإيجاد حلول سريعة يُعتبر تفعيل جانب التمويل العقاري أبرزها؟ فكيف تنظرون إلى ذلك؟
- هذا صحيح فمعدل النمو السكاني في السعودية مرتفع نسبياً إذ تشير الإحصاءات السكانية المتوقعة إلى أن عدد سكان السعودية سيزداد بنسبة 56.6% خلال المدة من 1420-1421 - 1440-1441 - الموافق 2000-2020م في حين سيزداد عدد السكان السعوديين بنسبة 89.2% خلال المدة نفسها.. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان السعودية حسب المعدل السنوي البالغ 3% إلى 35.324.633 نسمة عام 2020م بنسبة زيادة مقدارها 56.3% فيما يصل تعداد مدينة الرياض وحدها إلى 6.367.649 نسمة حيث إن معدلات الهجرة تزيد من معدل النمو فيها إلى 4.2% حسب دراسات هيئة تطوير الرياض لتصل بتعداد السكان في عام 2020 لضعف ما هو عليه الآن.. وبناءً على ذلك سيشكل سكان الرياض نسبة 23% من التعداد السكاني للمملكة.. وسيصاحب هذا النمو السكاني زيادة في الطلب على الوحدات السكنية حيث يقدر إجمالي عدد الوحدات السكنية في بداية خطة التنمية السابعة 1420-1421 (2000م) بنحو 3.12 ملايين وحدة منها ما تم توفيره من قبل الجهات الحكومية المختلفة ومنها ما تم توفيره من قبل القطاع الخاص.. وتوقعت الخطة السابعة أن يبلغ إجمالي الطلب على الوحدات السكنية خلال مدة الخطة (1420 - 1421 -- 1424 - 1425) الموافق 2000 - 2004م 800 ألف وحدة سكنية، وعلى مدى العشرين سنة القادمة من المتوقع أن تؤدي الزيادة السكانية إلى ارتفاع إجمالي الطلب على الإسكان إلى نحو 3.9 ملايين وحدة سكنية إضافية، وبذلك من المتوقع أن يبلغ العدد التراكمي للمساكن في عام 1440 - 1441هـ (2020م) نحو سبعة ملايين وحدة سكنية.
المصدر: خطط التنمية الثماني
ولعل من أبرز ملامح قطاع الإسكان في السعودية ارتفاع نسبة متوسط تكلفة إيجار المسكن إلى متوسط دخل الأسرة في السعودية من 26% خلال خطة التنمية السادسة إلى 30% خلال خطة التنمية السابعة وفي المقابل انخفضت نسبة ملكية المساكن خلال الوقت نفسه من 65% إلى 55% نتيجة محدودية فرص التمويل العقاري وعدم مواكبة قروض صندوق التنمية العقارية للطلب المتزايد عليها خلال السنوات الأخيرة.
برامج التمويل
* برامج التمويل العقاري بالبنوك - صندوق التنمية العقاري - كيف ترون دورهما كعقاريين؟ وهل هي فعلاً بعيدة عن طموح العقاريين؟
- بالطبع هي بعيدة جداً ولا تكاد تلبي الحد الأدنى من طموحاتنا كعقاريين، والمطلوب هو تعاون وثيق بين قنوات الإقراض وهي البنوك وشركات التقسيط، وسيكون في قيام شركات التمويل العقاري دعم كبير لمؤسسات الإقراض التي تواجه طلباً كبيراً على الإقراض من المواطنين، وستخدم قطاعاً آخر من المقترضين الذين لا يستطيع صندوق التنمية العقاري تحقيق رغباتهم بالسرعة الممكنة، وتواجه البنوك طلبات متزايدة من الإقراض بمدد طويلة قد لا تستطيع أنظمتها الاستجابة لهذه الطلبات حيث تحقق جزء وتعتذر عن الآخر لوجود حدود معينة للإقراض كماً وكيفاً.. ووجود شركات التمويل العقاري سيكون عنصراً مساعداً لأي جهة إقراض أخرى سواء كانت بنوكاً أو شركات إقراض.
إشكاليات أخرى
* برأيكم هل يُعتبر التمويل العقاري أبرز الإشكاليات التي تواجه القطاع العقاري؟
- بالطبع ليس التمويل العقاري هو أبرز الإشكاليات فهناك الكثير من الإشكاليات التي تواجه القطاع العقاري، لكن دعنا نتحدث عن التمويل العقاري فالمملكة بلد نامٍ يتطور بسرعة ويعتمد على سرعة نمو سكاني كبير قلَّ أن يُوجد في دولة في محيطه، ونسبة سكانه من الشباب تبلغ قرابة 70% مما يتطلب استعداداً تاماً لتوفير مساكن تؤوي عائلات ذلك الشباب المتواجد لتوفير قسط من الحياة الشريفة لأولاد العائلات التي تتمنى سكناً يؤويها مثل باقي العائلات التي استفادت كثيراً من صندوق التنمية العقاري، الذي قدم الكثير من القروض واستفاد منها أعداد كبيرة من المتزوجين الذين يعيشون الآن في منازل بُنيت بتمويل من الصندوق بدون فوائد تُذكر، بل إنهم يحصلون على خصومات تصل إلى 30% من تلك القروض حينما يسددون قروضهم في أوقاتها.
ولما كانت أعداد الشباب تتزايد بشكل سريع، فإن ذلك جعل قروض صندوق التنمية العقاري غير قادر على استيعاب الجميع مما جعل الشباب ينتظرون وصول أدوارهم حتى سنوات عشر في أغلب الأحيان.. لذا فإن الضرورة تحتم قيام أكثر من شركة تمويل واحدة لعلنا نصل إلى تحقيق رغبات شبابنا وشاباتنا الذين يحلمون بتحقيق مسكن يغنيهم عن الإيجار.
ولعلنا أيضاً نصل إلى قناعة أكبر من ذلك، لنقوم مستقبلاً بتحويل كل الشركات العقارية المساهمة إلى شركات إقراض تقوم بإقراض شركات بناء تقوم ببناء مساكن وبيعها بالتقسيط على المواطنين وتحول أقساط التسديد إلى الشركة المقرضة، كي تساعد على خلق وقيام شركات تعمير قادرة على البناء والبيع على المواطنين.