Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/03/2007 G Issue 12591
الاقتصادية
الثلاثاء 1 ربيع الأول 1428   العدد  12591

ضبط التضخم من خلال سوق الأسهم!!
فضل بن سعد البوعينين

لم أكن أعتقد أن سوق الأسهم السعودية يمكن أن تسهم في ضبط معدلات التضخم، أو أن تحول دون ارتفاعها، وخصوصاً أننا نتحدث عن فترة شهدت فيها السوق انهياراً غير مسبوق بلغت نسبته 65 في المائة.

أحد البنوك السعودية أصدر تقريراً عن وضعية السوق السعودية وأرقام التضخم فيها، وأشار بوضوح إلى أنه (على الرغم من الزيادة السريعة في عرض النقود والسيولة خلال السنوات القليلة الماضية فإن الاقتصاد السعودي لم يعانِ من آثار تُذكر للتضخم، وقد يعود ذلك إلى الأحداث في سوق الأسهم؛ حيث امتصت المضاربات القدر الأكبر من السيولة المتوافرة).

وأكثر ما شدَّني في التقرير ورود جملة (السنوات الأخيرة)، ما جعلني أتساءل عن العام الذي يتحدث عنه التقرير، فالمعروف أن أسعار التضخم أصبحت تُقاس بمدد قصيرة جداً، وتعتمد النسبة السنوية كمقياس حتى صدور أرقام السنة التي تليها، أما أن نتحدث عن سنوات طوال ففي ذلك العجب العجاب.

ومن العجب أيضاً أن يتوقع البنك نسبة نمو الاقتصاد السعودي للعام 2006م في الوقت الذي شارف فيه الربع الأول من العام 2007 على الانتهاء!!!.

التقرير الذي تم نشره صحفياً يشير إلى أن (الاقتصاد السعودي الذي يعدّ أكبر اقتصاد في العالم العربي واصل ارتفاعه ونما الناتج المحلي الاسمي بمعدل 23.6 في المائة إلى 1161 مليار ريال (309.53 مليارات دولار) خلال عام 2005م، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 12.4 في المائة إلى 1304.6 مليارات ريال (347.89 مليار دولار) خلال عام 2006م، مدعوماً بارتفاع أسعار النفط وكميات الإنتاج).

أليس من المخجل أن نتحدث عن النمو المتوقع لعام مرّ على انقضائه ثلاثة أشهر كاملة؟!!

على العموم لا أعتقد أن تخرج البنوك السعودية عن دائرة مؤسسة النقد العربي السعودي التي دأبت على تأخير البيانات الاقتصادية المهمة، وخصوصاً المقارنة منها، حتى إن المختصين بدؤوا في توثيق بياناتهم وملاحظاتهم على أجهزة حواسيبهم الخاصة للحصول على الأرقام الدقيقة متى شاؤوا بدلاً من الاعتماد على البيانات الرسمية المتأخرة.

لن أطيل في هذا، لكني سأجتهد في تفسير نقطتين أساسيتين وردتا في تقرير المصرف السعودي؛ الأولى تتعلق بأرقام التضخم الرسمية ومطابقتها لواقع الحال، وهذه لا تحتاج منا إلى كثير تمحيص أو تفنيد؛ فالجميع يعي نسبة التضخم الحقيقية، وخصوصاً أنهم يقيسونها بالريالات التي ينفقونها من جيوبهم الخاصة. لم يعد قياس نسبة التضخم أمراً مستعصياً، بل على العكس من ذلك يمكن للمراقب البسيط أن يقيس نسبة التضخم من خلال مجموعة من السلع الأساسية ثم يطابقها مع الأرقام الرسمية ليكتشف الفارق الكبير بين القياسين. يبدو أن الغلاء الفاحش في الأسعار لا علاقة له البتة بقياسات التضخم الرسمية.

النقطة الثانية في تقرير المصرف تتعلق بسوق الأسهم السعودية وكيف كان لها الأثر الأكبر في امتصاص آثار التضخم!! وهذه النقطة بالذات تحتاج منا إلى تفصيل؛ فسوق الأسهم أدت إلى زيادة معدلات التضخم وليس العكس. أول علامات التضخم كانت تدور رحاها في سوق الأسهم السعودية، تضخم أسعار الأسهم، ثم المؤشر الذي شارف على أعتاب 21000 نقطة مع بداية العام 2006م. تضخم السوق وزيادة الأرباح الخيالية ساعدت في رفع أسعار السلع والخدمات على أساس ارتفاع معدلات القوة الشرائية لدى الأفراد. بدأت السوق السعودية في استيعاب ثقافة الطفرة التي أضرت بالسوق وبالمجتمع على حدّ سواء. طفرة الأسهم غرست بعض العادات الاستهلاكية في نفوس المواطنين؛ ما أدى إلى تضخم الأسعار المدعومة بالطلب وتوفر السيولة.

الحقيقة أن سوق الأسهم ساعدت في إعادة توجيه الاستثمارات، وليس الأموال الاستهلاكية؛ فكثير من المنشآت والمصانع والمصالح التجارية تعطلت بسبب العوائد الضخمة التي تحققت في سوق الأسهم منذ الربع الأخير من العام 2004م حتى فبراير 2006م.

تقرير المصرف السعودي ذكَّرني ببيت الشعر الذي يقول:

(هم يحسدوني على موتي فوا أسفا

حتى على الموت لا أخلو من الحسد)

على العموم، وعطفاً على مخرجات التقرير، أقترح على المسؤولين عن السياسة النقدية والمالية بالتخلي عن استخدام معدلات الفائدة لضبط معدلات التضخم والاستعاضة عنها بمؤشر سوق الأسهم.

وما دام المؤشر في أسوأ حالاته مقارنة بمعدلاته السابقة (21000 نقطة) أقترح أن تضخ فيه الروح من جديد، وأن تدعم الأسعار كي نضمن بإذن الله انخفاض معدلات التضخم التي بدأت في التقافز منذ العام 2006م.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد