1- مغزى انعقاد المؤتمر
سعدت كثيراً بمطالعة الأخبار المتعلقة بانعقاد المؤتمر الثالث للعلوم في المملكة وهو الذي تقوم على تنظيمه كلية العلوم بجامعة الملك سعود في الفترة من20 إلى 24 صفر تحت رعاية كريمة من رجل الرياض الواعي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
وباعتباري أحد الذين عاصروا هذه الجامعة الأم طالباً فأستاذاً ومسؤولاً أعرف مدى ما يبذله سموه من متابعة وما يكنه من اهتمام لهذا الصرح منذ أن كان وليداً وهو أمر لا يستغرب من رجل دولة في قامة سموه.
ويأتي انعقاد هذا المؤتمر المهم في أعقاب ما قيل ويقال عن تردي مستوى جامعاتنا نتيجة لما أثير مؤخراً عن تأخر ترتيبها بالمقارنة مع غيرها من الجامعات في العالم سواءً منها الإقليمية والعالمية، ولست في هذه العجالة أرغب في مناقشة مدى دقة أو صحة ذلك ولا الأسباب التي أدت إليه لقناعتي بأن كل ذلك قد حظي بما يستحقه من الاهتمام والدراسة من قبل أساتذتنا الأجلاء في جامعاتنا الوطنية مع أننا لم نقرأ رداً علمياً شافياً استجابة لما أثير ونشر في الصحف المحلية!
ومع تطلعي لمناقشة ذلك بشيء من التفصيل في وقت لاحق - بإذن الله - إلا أنه يمكن القول وحسب تصوري أن الأسباب الحقيقية لما ذكر تتصل بعملية النشر العلمي ما ينشر!! وأين ينشر!! كما تتصل بمدى وكيفية تفاعل الجامعة (أي جامعة) مع احتياجات المجتمع بشكل علمي محدد ووفق سياسات علمية واضحة مستفيدة ومعتمدة على دعم مادي ومعنوي تلقاه من مؤسسات المجتمع مقابل قيام الجامعة على معالجات علمية لقضايا تهم الوطن وتواجه مؤسساته.
وهنا تعود بي الذاكرة إلى بداية سبعينيات القرن الماضي حين انشغلت الجامعة الأم - جامعة الملك سعود - في تحديد معالم رسالتها تجاه المجتمع وذلك من خلال مؤتمر رسالة الجامعة الذي حظي حينها بكثير من الاهتمام داخل الجامعة وخارجها وما تلا ذلك من اجتماعات ولقاءات وحلقات درس شارك فيها مع أساتذة الجامعة أساتذة من العديد من جامعات عالمية مختارة فيما عرف بالتقييم الذاتي للجامعة.
وليس من شك أن تلك الحقبة قد تميزت بكثير من الديناميكية والنشاط على الرغم من قلة أساتذة الجامعة من المواطنين وعدم اكتمال هياكلها وإمكاناتها سواء تلك المتصلة بالعملية التعليمية أو البحثية.
وجامعة الملك سعود وهي الجامعة العتيدة سعودياً وخليجياً لها من الإمكانات في عصرنا الحاضر ما يؤهلها لأن تأخذ زمام المبادرة لتقود جامعاتنا لتحديد معالم طريق المستقبل حتى تأتي المسيرة العلمية والتعليمية منطلقة من رؤى واضحة لمسؤولياتها ورسالتها المعاصرة نحو البحث العلمي في مختلف مجالاته نظرية كانت أو تطبيقية ولست أشك في قدرتها على ذلك لما تضمه من طاقات اكاديمية يقودها الصديق الكريم معالي الأستاذ الدكتور عبدالله الفيصل بما عرف عنه عن حصافة وفكر ورأي ثاقب وتجربة راسخة.
ولعل جامعتنا الأم تجد أن الفرصة أصبحت سانحة لعقد ملتقى أو منتدى يشارك فيها الأكاديميون والمهتمون من داخل الجامعة وخارجها لتحديد أطر رسالة الجامعة في زماننا المعاصر وفي عصر العولمة وفي إطار النهضة التنموية الشاملة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - والعمل على تقييم التجربة الجامعية وما انطوت عليه من إيجابيات أو سلبيات.
ولست أود هنا أن أستبق النتائج التي سيتمخص عنها مؤتمر العلوم... إلا أنه ومن خلال قراءة سريعة لبرنامج المؤتمر وكذلك من خلال التصريح الذي أدلى به سعادة عميد كلية العلوم الذي لخص فيه أهداف المؤتمر في تفعيل البرامج التطبيقية في كليات العلوم لخدمة القطاعين العام والخاص وكذا تطوير البرامج لخدمة هذين القطاعين وهذه بلا شك أهداف مهمة يتطلع الجميع لأن تأتي مناقشاتها متواصلة مع ما أثير من مناقشات لتبرز مغزى انعقاد المؤتمر في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ تطور بلادنا وفي ضوء معطيات واحتياجات المرحلة المقبلة من تنمية اجتماعية واقتصادية وتقنية.والله الموفق وللحديث بقية.