شهدت سوق الأسهم السعودية في تداولاتها أمس موجة من المضاربات العنيفة شملت العديد من أسهم الشركات المدرجة فيه، كان السبب الأول فيها يعود إلى عمليات التدوير الكبيرة التي أوصلت القيمة المتداولة في السوق إلى 22.5 مليار ريال، وهو رقم قياسي جديد للسيولة المتداولة خلال العام الجاري، ومتجاوزا بعشرة مليارات ريال متوسط السيولة اليومية المتداولة خلال شهر فبراير الماضي.
أسهم المضاربة شهدت عمليات تدوير كبيرة ما سبب لها تذبذبا قويا تجاوز في عدد منها نسبة الـ10%، ويرى كثير من المحللين أن هذا الأمر غير صحي للسوق التي تبحث عن الاستقرار والهدوء بعد موجة التصحيح العنيفة التي شهدها العام الماضي وألمحوا إلى أن المضاربات العشوائية من مسببات فقدان الثقة وتشتيت المتداولين، ووصفوا عمليات التدوير الملحوظة في تداولات الأمس إلى التصريف أو تغيير المراكز في السوق.
قاد سهم الأسماك أو (ملك المضاربة) كما يحلو لبعض المتداولين تسميته عمليات التذبذب العنيفة، وافتتح السهم على اخضرار طفيف قبل أن يبدأ موجة من النزول جعلته يستقر منخفضا 3%، قبل أن يبدأ في الساعة الثالثة حمى المضاربات العنيفة التي أوصلته لمعانقة النسبة العليا، ثم بدأ السهم موجة من التراجع القوي أدت به إلى أن يقفل مرتفعا بنسبة 2% فقط!!
كان سهم الأسماك قد اكتسب شعبية كبيرة في أوساط المتداولين جراء مفارقاته العجيبة التي أوصلت السهم الى مصاف متقدم (عالميا) في قائمة الأسهم الأكثر خطورة.
بدأ السهم لفت انتباه المتداولين بعد انهيار فبراير الماضي، وهو الانهيار الذي أفقد السهم 82% من قيمته السوقية مستقرا عند سعر 24ريالا قبل أن يبدأ موجة ارتفاع صاروخية كانت حديث الركبان وحكاية يتندر بها المتداولون في سوق الأسهم أوصلت السهم الى سعر430 ريالا، ليسبق سعريا جميع أسهم القطاع البنكي والخدمي والصناعي باستثناء (المصافي) لتنتشر بعد ذلك الشائعات حول السهم، ووصلت الشائعات إلى أن الشركة مقبلة على رفع رأس مالها عشرة أضعاف.
ولأن الطير يجب أن يقع بعد ارتفاعه، دخل السهم في مسار هابط عنيف جدا أودى بخسارة العديد من المتداولين والمضاربين الصغار ليستقر قبل شهرين تقريبا عند سعر60 ريالا، ثم سرعان ما بدأ السهم موجة صاعدة هذه المرة جعلت قيمة السهم السوقية تتأرجح بين120 و140ريالا.
الطريف في الأمر أن السهم تداول خلال العام الماضي 264 يوما، عانق النسبة العليا فيها 86 مرة، وسقط في فخ النسبة الدنيا 87 مرة، بينما أقفل دونهما في 91 يوما فقط، والأغرب من ذلك أن السهم تذبذب بين النسبتين العليا والدنيا في نفس اليوم في خمس مناسبات.
ورغم أن العديد من المتداولين يطالب بحل مسألة (الأسماك) ويرى في تحركات السهم سلبية كبيرة تكمن في تأثيره على مسار الأسهم الأخرى، ويرون أن السهم قد أودى بخسائر فادحة لفئة كبيرة من المتداولين مقابل مكاسب كبيرة لفئة أخرى، إلا أن السهم يستحق بجدارة لقب (ملك المضاربات) دون منازع.
وأكد وسيط الأسهم (ثامر بن مهنا المهنا) على تأثير سهم شركة الأسماك على السوق وأسهم المضاربة الأخرى على وجه الخصوص وقال: (كثير من العملاء يسألون عن سعر سهم الأسماك ووضعه قبل اتخاذ قرارات بالبيع أو الشراء لأجل المضاربة بالأسهم الأخرى) وحول شعبية السهم يقول ثامر المهنا:
(السهم يلاقي شعبية في أوساط المضاربين المغامرين، وإن كان الغالب يفضل الدخول بجزء يسير من المحفظة للمضاربة في السهم).
من ناحية أخرى وصف الخبير الاقتصادي الأستاذ فضل البوعينين عمليات التذبذب الكبيرة في بعض الأسهم بالضارة، وقال: (لا يمكن أن يحصل هناك تذبذبات حادة كالتي نشاهدها مرارا وتكرارا في عدد من الأسهم إلا أن هناك خللا في تداول السهم).
وأضاف الأستاذ فضل: (أنا لا أحدد سهما بعينه ولا أعني بالضرورة أن هناك عمليات خداع أو تدليس ولكن لا بد من وجود خلل ما).
وطالب الأستاذ فضل هيئة السوق المالية بمراجعة الصفقات للأسهم ذات التذبذب اللا منطقي ومراقبتها وكشف ما فيها من تجاوزات إن وجدت وقال: كثيرا ما نرى في الأسواق العالمية وبعض الأسواق المجاورة حالات كشف للتجاوزات والتلاعبات، ويبنى عليها قرارات مهمة كإلغاء الصفقات وإعادتها.
لا أدري متى نرى مثل هذه الإجراءات في سوقنا!