يبدو أن تحول الرقابة على صناديق الاستثمار من مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA) إلى هيئة السوق المالية أثر على إستراتيجيات البنوك الاستثمارية ودفعها نحو التفكير الجدي في التخلص من تركة الانهيار الثقيلة التي طالت صناديقها المتخصصة في الأسهم السعودية. هذا ما صرح به (مصدر مصرفي كبير) في تصريح صحفي يوم الأحد الماضي.
المصدر المصرفي عدد بعض الأسباب التي أدت بالمصارف السعودية إلى محاولة التخلص من بعض صناديقها الاستثمارية وذكر منها (فشل إدارات هذه الصناديق في تجنيبها الخسائر الحادة، وقلة الطلب عليها نتيجة السماح للمقيمين بالاستثمار مباشرة في سوق الأسهم إضافة إلى تحول الرقابة على الصناديق من مؤسسة النقد العربي السعودي إلى هيئة السوق المالية وتوقع البنوك رقابة تختلف في شكلها ومضمونها عن رقابة المؤسسة سابقا).
هناك مقالات عدة، وتحقيقات صحفية جريئة تحدثت عن أخطاء البنوك القاتلة في إدارتها صناديق الاستثمار، وتغاضيها عن تجاوزات مديريها المخالفين لإستراتيجيات الاستثمار الناضجة، وتحدثت أيضاً عن تساهل الهيئات الرقابية تجاه ما حدث لها من أخطاء ومخالفات أدت في النهاية إلى خسارة صناديق الاستثمار أكثر من 60 في المائة من استثماراتها في سوق الأسهم السعودية.
ولكن وللأمانة، وعلى الرغم من شمولية ما كُتب عنها، لم يكن أكثر المتشائمين بوضعية الصناديق المأساوية يعتقد أن البنوك السعودية ستسعى يوماً من الأيام إلى التخلص من صناديقها المتخصصة في الأسهم السعودية تحوطاً من تبعات رقابة هيئة السوق المالية!!!.
توجه البنوك الجديد، إذا ما تم تأكيده، يعني أن غالبية الشائعات التي دارت حول عمل صناديق الاستثمار، هي جزء من الحقيقة المغيبة عن السوق والمتضررين!!، كما أنه يمكن أن يكون اعترافاً مبطناً بتدني مستوى الرقابة السابقة التي وفرت (الغطاء الآمن)، عن غير قصد، لصناديق الاستثمار.
مؤسسة النقد العربي السعودي، وعلى لسان مسئوليها، أعلنت في أكثر من مناسبة أن كل ما أشيع عن صناديق الاستثمار لم تثبت صحته، وهو نفي رسمي لكل ما ذكر عن تجاوزات البنوك، وسوء إدارة مديري الصناديق لاستثمارات المودعين.
اليوم، نحن أمام تسريبات من نوع آخر، والأيام حبلى بالتطورات، وكل ما نرجوه من الجهات المسؤولة، والبنوك السعودية أن تتعامل بشفافية مع قضية (صناديق الاستثمار) وألا تقتصر ردود أفعالهم على النفي والاستنكار.
قضية (صناديق الاستثمار) يفترض ألا تكون رهينة الأدراج، أو أن تنتهي بتسييل البنوك محافظها كإجراء احترازي ضد رقابة الهيئة المشددة التي يمكن أن تُفرضها عليهم مستقبلا.
اقترح أن تبدأ الهيئة مهمتها الإشرافية بالتدقيق على أصول الصناديق والتأكد من سلامتها، وكفاءة إدارتها بما يتطابق مع اللائحة الجديدة، وأن تهتم بشكاوى المواطنين التي لم تجد من يتبناها حتى يومنا هذا.
تصفية صناديق الاستثمار المتوقعة يمكن أن تُحمِل المواطنين خسائر حقيقية تزيد على 60 في المائة من رأس المال، وهي خسائر فادحة يفترض أن تمنع البنوك من مجرد التفكير في طرح مثل هذا الخيار.
نرجو أن تتصرف البنوك السعودية بمسؤولية تجاه عملاء الصناديق، وأن تسعى جاهدة لإيجاد الحلول الكفيلة بإطفاء خسائرها المتراكمة بدلاً من التوجه لإلغائها، والتخلص من تبعاتها القانونية وتحميل خسائرها صغار المستثمرين.
f.albuainain@hotmail.com