بعد أن خصصت ميزانية الخير والنماء ما يقرب من 12 مليار ريال لبناء وتجهيز المباني المدرسية للبنين والبنات ظهر جلياً حرص الحكومة السعودية على إحداث نقلة نوعية في قطاع التعليم ومحاولة وضع الحلول الجذرية لمشكلة المباني المدرسية التي ما زالت تشكل عقبة حقيقية أمام تطوير التعليم في المملكة.
من المستحيل أن تتبنى وزارة التربية والتعليم إستراتيجيات التطوير الحديثة دون أن تكون لديها البنية التحتية القادرة على استيعاب متطلبات التغيير الضرورية.
المباني المدرسية هي البيئة الحاضنة لعمليات التعليم الشاملة، وهي القاعدة الأساسية التي تبنى عليها خطط التعليم وإستراتيجياته المستقبلية، خصوصاً في عصر التقدم التكنلوجي الذي يعتمد على المناهج الرقمية، والمعامل المتطورة، والتقنيات الحديثة في قطاع التعليم.
الحرص الشديد على تطوير التعليم في المملكة يمكن تأكيده من خلال (مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام) الذي يهدف إلى تطوير البيئة المدرسية الحالية وتحويلها إلى (منبع للمعلومات) الشامله من خلال ربط الفصول المدرسية بأنواع مختلفة من الشبكات المعرفية والتعليمية عبر التقنيات الحديثة.
أكثر من 9 مليارات ريال وجهت لتطوير التعليم العام، وهو نوع من أنواع الاستثمار في قطاعات التنمية البشرية.
نحن نتحدث عن مشروع وطني ضخم يمكن له أن يرتقي بالقدرات العلمية والثقافية الشاملة لدى الطلاب، وأن يسهم في فتح أبواب البحث الخارجي الذي يعتبر الأداة الفاعلة في صقل قدرات الطلاب والطالبات العلمية والعملية، وأن يسهم كثيراً في تطوير مخرجات التعليم العام كي تتوافق مع متطلبات العصر الحديث.
وقبل أن نذهب قدماً في خطط التطوير يجب أولاً أن نتأكد من وجود البنية التحتية القادرة على استيعاب هذه الخطط الحديثة التي نعول عليها، بعون الله وبركته، الخير الكثير، وأن نجتهد في ربط خطط التطوير المستقبليه بأسلوب علمي متكامل يمنع حدوث الخلل المستقبلي لا قدر الله.
فتطوير التعليم، ومن ضمنه إعادة تأهيل 400 ألف معلم ومعلمة، يحتاج إلى تطوير البيئة التعليمية الحاضنة، وهي المباني المدرسية الحالية والمستقبلية.
وإذا كنا بصدد القضاء الفعلي على مشكلة المباني المدرسية في غضون خمس سنوات قادمة، بدءاً من العام الحالي الذي شهد خطط البناء والتجهيز والإحلال، فإننا ما زلنا أمام مشكلة أخرى لم يتم البحث فيها بعد، وهي مشكلة التصميم النموذجي للمباني المدرسية.
أعتقد أن تصاميم المباني المدرسية الحالية لا ترقى إلى مستوى التصميم المثالي الذي يمكن أن يخدم خطط التطوير المستقبلية خصوصاً إذا ما تحدثنا عن المتطلبات الضرورية التي لا يتضمنها النموذج الحالي للمبنى المدرسي.
أتمنى أن تكون هناك دراسة مستفيضة لوضعية المدارس، وتصاميمها الحالية، ومقارنتها بالمتطلبات الحديثة التي تفرضها مرحلة التطوير المستقبلية من أجل الوصول إلى تصور مثالي يمكن من خلاله إحداث التغير المطلوب بعيداً عن أية معوقات مستقبلية.
إحداث التغيير الإيجابي المتطابق مع متطلبات العملية التعليمية، وخطط التطوير المستقبلية، والمواصفات العالمية لا يحتاج منا في الوقت الحالي إلا إلى تغيير نموذج البناء الحالي قبل البدء في مشروع إنشاء أكثر من 1375 مدرسة في العام الحالي، وهو أمر غاية في السهولة، إلا أنه لن يكون كذلك بعد البناء والتشييد!!
f.albuainain@hotmail.com