اطلعت بداية الأسبوع الحالي على خبر (اجتماع المجلس المحلي لمحافظة الجبيل) الذي نشر في بعض الصحف السعودية، وشدني في ثنايا الخبر مناقشة المجلس للجنة متابعة تمويل بناء مركز صحي وسط الجبيل والتبرعات المالية لإنشاء المركز.
المركز الصحي المزمع إنشاؤه هو المركز الحكومي الرئيس في المدينة الذي أغلق بأمر الدفاع المدني قبل ما يقرب من خمس سنوات بعد أن أصبح يشكل خطراً على سلامة مستخدميه.
الغريب في الأمر أن يضطر مجلس محافظة الجبيل المحلي للبحث عن متبرعين من أجل بناء مركز صحي يفترض ألا يصل إلى مرحلة الإغلاق القسري قبل أن تتوفر له البدائل النهائية، في الوقت الذي تتكفل فيه الدولة -حفظها الله- ببناء المستشفيات والمراكز الصحية في جميع مناطق المملكة.. بناء المركز الصحي يجب ألا يصل إلى مرحلة جمع التبرعات من مواطنين، ومقاولين، وشركات صغيرة تضطر أحياناً إلى دفع المساهمات العينية من أجل تسهيل إجراءاتها الخاصة مستقبلا!!
هذا لا يعني أننا ضد فكرة مساهمة القطاع الخاص في الأعمال الاجتماعية والخيرية، بقدر ما نحن ضد وضع مصالح المواطنين الرئيسة، وحاجاتهم الأساسية، في أيدي المتبرعين الأفراد الذين ربما لا يستطيعون جمع المبالغ المطلوبة في الفترة الزمنية المحددة.
المشروعات الحكومية، ومساهمات المواطنين الخيرية يفترض أن تسير جنبا إلى جنب وفق تنظيم إداري متقدم، دون أن تؤثر سلبا على توفير الحاجات الأساسية للمواطنين، ولنا في مساهمات الخيرين من أهل هذه البلاد العبرة والعظة، فجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي نشطت في تجهيز المراكز المتخصصة في غسيل الكلى جنباً إلى جنب مع ما توفره الدولة من وحدات غسيل الكلى المتاحة في معظم مستشفيات المملكة ومراكزها المتخصصة، وهو عمل إنساني (مؤسسي) جليل يسهم في مواجهة الحاجات المتنامية لوحدات الغسيل الدموي بالتعاون مع مستشفيات ومراكز القطاع الخاص.
كما أن مركز الشيخ سعد المعجل لغسيل الكلى الذي ينشأ حاليا داخل حرم مستشفى الجبيل لا يمكن أن يكون بديلا للخدمات الجليلة التي يقدمها مستشفى الجبيل العام.
أي أننا نتحدث عن جهود خيّرة يقوم بها أبناء هذه الأرض الطيبة لتنظيم العمل الخيري والارتقاء به إلى مستوى متقدم من الإنتاجية والعطاء، دون أن يكون سبباً مباشراً لتأخير المشروعات الحكومية الحساسة، كما هو الحال في مركز وسط الجبيل الصحي.
الجهد المميز الذي يقوم به مجلس محافظة الجبيل المحلي لتوفير المبالغ اللازمة لإنشاء المركز يجب ألا يعفي وزارة الصحة من مسؤولية تحمل تكلفة البناء المتعثر، وتبعية الفراغ الذي أحدثه تعليق العمل بمركز وسط الجبيل في سنواته الخمس الماضية.
وحتى يتحرر المركز الصحي من بيروقراطية وزارة الصحة، أو أن تكلل جهود المجلس المحلي بالتوفيق أتمنى على صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود، رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، رئيس مجلس إدارة سابك، أن يدعم فكرة تبني شركة سابك لمشروع المركز الصحي الذي لن تتجاوز تكلفته ثلاثة ملايين ريال، وبعض المشاريع الخيرية التنموية الملحة الأخرى، وأن يسعى من خلال الشركة إلى دعم العمل الخيري المؤسسي المستمر في المدينة التي شهدت ولادة الشركة العملاقة، واحتضنت مصانعها الضخمة منذ البداية وحتى تجاوزت أرباحها السنوية 20.3 مليار ريال سعودي.
أعتقد أن شركة سابك يمكن لها أن تقوم بالدور الخيري والتنموي الأمثل في مدينة الجبيل، الذي يمكن أن يتماشى مع الدور الحكومي الكبير، عطفا على ربحيتها الضخمة، وارتباطها بالبيئة المحيطة، ومسؤولياتها تجاه المجتمع الذي تعمل من خلاله، وفوق كل هذا تسنم الأمير سعود بن عبدالله آل سعود، الحريص كل الحرص على أعمال الخير، مجلس إدارتها الموقر.
قال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
f.albuainain@hotmail.com