دعا الدكتور عبدالله بن يحيى بخاري عضو مجلس الشورى أن تركز الدولة على المهمات التي تؤهلها لها سلطتها ونفوذها والمتمثلة في توفير الموارد المالية لتصبح في متناول جميع المواطنين وذلك عن طريق تنظيم القروض طويلة الأجل وأنظمة واضحة ومنصفة للرهن العقاري وعن طريق المعونات المالية والفنية من الجهات الرسمية المتخصصة.
وقال اقتراح إنشاء هيئة عليا للإسكان هو دعوة للرجوع إلى الوراء على النقيض من كل النتائج والدروس الاجتماعية والاقتصادية التي خرجت بها الدول الأخرى بعد أن دفعت ثمنها غاليا، مؤكدا أن الإسكان هو علم قائم بذاته وهو قطاع متشعب يشارك فيه فريق متكامل من معماريين ومخططين ومصممين حضريين واقتصاديين وأخصائيين في علوم الاجتماع وعلوم البيئة مضيفا أن الإسكان قضية معقدة لها خصوصيتها التي تختلف من فئة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى من البشر ومن طبقة اجتماعية اقتصادية في المجتمع الواحد إلى أخرى.
وقال بخاري إن وجود سلطات ومنظمات عالمية وإقليمية أو محلية مركزية لتنظيم العرض والطلب على السكن أو لتفرض خططا وإستراتيجيات بيروقراطية لقطاع الإسكان غير مجدية بعكس ما يحدث مع المنظمات العالمية مثل الاتصالات وحقوق الإنسان والتجارة العالمية ومكافحة الإرهاب.
جاء ذلك في مداخلة له في جلسة مجلس الشورى ليوم الأحد أثناء مناقشة اقتراح مشروع نظام للهيئة العليا للإسكان. وأكد الدكتور بخاري أن التجارب في جميع دول العالم أثبتت فشل قيام أي حكومة أو أجهزة رسمية بيروقراطية بوضع سياسات وقرارات الإسكان أو التدخل فيه بصورة رسمية مباشرة فالحلول المفروضة من خلال أجهزة حكومية تفرض رأيها في قطاع الإسكان تخلق دائما مشاكل أكثر وأصعب بكثير من الحلول المقترحة وتنتهي عادة بمشاكل اقتصادية واجتماعية ونفسية ولا ينتج عنها سوى تبذير سيئ للأموال العامة وللأراضي الحضرية المحدودة دون فائدة حقيقية تعود على المجتمع مشبّهاً ذلك بعدة مشاريع حكومية لم تلق النجاح كالإسكان العاجل وإسكان ذوي الدخل المحدود أو الإسكان الشعبي.
وأشار بخاري إلى أن القيمة الحقيقية للإسكان لا تكمن في الوحدات السكنية والمباني في حد ذاتها وإنما في مقدرة السكان أنفسهم في التكيف مع منطقتهم السكنية. وأضاف أن النظرية المثبتة في علم الإسكان هي أنه لا مشكلة المأوى ولا المشكلات الاجتماعية المتنوعة لا يمكن حلها من خلال برامج واستراتيجيات وأجهزة تدار بصورة بيروقراطية رسمية أو تفرض بقرارات سياسية واستشهد بأبحاث ومؤلفات كثيرة عن النتائج والآثار السلبية لهذه الأخطاء وضعها العديد من مشاهير علم الإسكان، مقللا من أهمية معاناة المجتمع العامة للإسكان وحصر المشكلة في قلة توفر نوع واحد من الإسكان وهو إسكان الفقراء وأما الطبقات الأخرى فهناك فائض ويزيد فيه العرض على الطلب.
وأعرب عن أمله بألا تستمر الحكومة والجهات الرسمية في عمل ما لا تجيده أو ما تقوم به بصورة غير مرضية أو غير اقتصادية وهو بناء وإدارة السكن مطالبا بدراسة موضوع الإسكان ومعالجته بدراسات علمية وأبحاث متخصصة. وأضاف أن إلغاء وزارة الإسكان تم إلغاؤها تجاوباً مع واقع الحياة وهذا الاقتراح يطالبنا بإعادة تلك الوزارة مرة أخرى تحت مسمّى آخر، وطالب بالتريث في افتتاح هيئات عليا ومجالس عليا وهيئات رسمية لنتأمل نتائج الهيئات والمجالس التي أصبح لدينا فائض لها.
فيما نفى الدكتور حزام العتيبي إلغاء وزارة الإسكان وقال إن القرار السامي صدر بتحديد مهامها ومسؤولياتها مطالبا بضرورة قيام دراسة وافية وكاملة عن موضوع الإسكان خاصة أن وزارة التخطيط لم ترد على الخطابات الموجهة من قبل الجهات العليا حول إستراتيجية الإسكان ودعم تمويله. فيما طالب الدكتور عائض الردادي عضو المجلس بضرورة إعادة وزارة الإسكان والحاجة الماسة لوجودها بسبب عدم وجود جهة منظمة لهذا القطاع. وجاءت مداخلة الدكتور عبدالرحمن الزامل عضو المجلس بالمطالبة بالاهتمام بموضوع هيئة الإسكان وقال إن قياس نجاح أي حكومة تكمن في حل مشكلة الفقراء والمساكين والذين يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع وقال إن هذا الموضوع بالغ الأهمية خاصة بعد إلغاء وزارة الإسكان ووقف مشاريعها التي تحدث البرجوازيين من الكتاب والإعلاميين في أوقات سابقة بدعوى المشاكل الموجودة مؤكدا أن الهيئة سوف تقوم بتغيير جذري في حياة المواطنين وسيحل العديد من المشاكل القائمة مستشهدا بوجود أكثر من 450 ألف عائلة مسجلة في الضمان الاجتماعي وأضاف أن صدور قرار بناء 60 ألف وحدة سكنية قبل شهرين أضفى على المواطنين الفرح والسرور ولكن تم التكتم على المشروع ولم يتحدث عنه أي وزير أو مسئول بسبب عدم تخصصهم بالقرار وخروجه عن شؤون الوزارات الموجودة. وطالب الزامل بعدم تدخل الهيئة في شئون المساهمات لوجود هيئة سوق المال المتخصصة بها.
وعلق المهندس محمد القويحص عضو المجلس ومقدم مقترح الهيئة أن خطط التنمية الثامنة أشارت إلى عدم وجود هيئة متخصصة موضحا أن الهيئة تنظيمية وليست تنفيذية كما يراها البعض.
وقد جاءت توصية المجلس على الموافقة بأغلبية أصوات الأعضاء والبالغة 101صوت على تأييد دراسة إنشاء نظام للهيئة العليا للإسكان.